الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

مسحراتي فلسطيني يستبدل الطبلة بمكبرات صوت وسيارة زفة لإيقاظ الأهالي

استبدل فلسطيني الصورة النمطية للمسحراتي التي عرفها المسلمون عبر التاريخ، حيث استغنى عن الطبلة واستعان بمكبرات صوت عبر سيارة زفة تزينت بزينة رمضان من أجل إيقاظ سكان حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة.

ولا يعرف سكان هذا الحي منذ 16 عاماً السحور من دون أن يسمعوا صوت المسحراتي «أبو رامي» وهو ينادي عبر مكبرات الصوت على العوائل بالاسم من اجل إيقاظهم لتناول طعام السحور.

سيارة الإذاعة

ويروي ياسين لـ«الرؤية» كيف جاءته فكرة المسحراتي عبر مكبرات الصوت عام 2004، وذلك حينما فكر كيف يمكن أن يخرج من النمط التقليدي للمسحراتي الذي كان يستخدم قرع الطبول واستبداله بسيارة الإذاعة التي يمتلكها والتي يستخدمها في تسيير الأفراح وما يعرف بـ«الزفة» وكذلك خلال مسيرات تشييع الشهداء ونعيهم، بالمناداة عبر مكبرات الصوت التي تحملها هذه السيارة.

وقال: «كانت فكرة الاستعانة بباص الإذاعة وسيلة جديدة، أدخل بها الفرحة والسرور على نفوس الناس، لاسيما الأطفال منهم».

ويبدأ ياسين (51 عاماً) رحلته لإيقاظ سكان حيه عند الساعة الثانية والربع فجراً أي قبل ساعتين من الأذان، حيث يجهز سيارته المزينة والمجهزة بمكبرات صوت تذيع الابتهالات والأناشيد الإسلامية الخاصة بشهر رمضان.

ولكن الأهم من كل هذا هو الطريقة التي ينادي بها على العوائل كل باسمه لقبه والتي يحبها أهالي الحي بصوت هذا الرجل، وأحياناً يقوم بمداعبتهم مثلاً قائلاً: «بيكفي نوم قوم صحي الأولاد وتسحروا».





تحديث القوائم

وخلال جولة ياسين وهو أب لـ10 أبناء؛ في حي الزيتون يقدم سكان الحي له المشروبات الساخنة والباردة والحلوى لا سيما القطايف، وكذلك يسمح لأطفال الحي المناداة عبر مكبرات الصوت وشدوا الابتهالات.

وفي نهاية المطاف وبعد انتهاء فترة السحور وقبل موعد أذان الفجر يعود من حيث بدأ إلى منزله لكي يتناول طعام السحور مع عائلته ومن حضر من الأصدقاء والضيوف الذين طلبوا أن يصطحبهم في هذه الجولة، ثم يقوم برفع الأذان.

ويقوم «أبو رامي» وهو الاسم المعروف لدى الناس باستمرار بتحديث قائمة العوائل ويحرص على أن ينادي على كل عائلة باسمها ولو سقط اسم منه سهواً فإن رب هذه العائلة يتصل عليه في اليوم الثاني يعاتبه على ذلك.

وقال ياسين: «كثير من الأطفال هددوا آباءهم بعدم الصوم إن لم يسمعوا صوته على السحور وهو ينادي على عائلتهم بالاسم».

وأضاف: «هذا العام كان لعمله نكهة خاصة لا سيما في ظل إغلاق المساجد بسبب جائحة كورونا ولهفة الناس على شعائر شهر رمضان التي فقدوها بسبب الإجراءات المتبعة»، مشيراً إلى أن الناس تقول له «أنت ما بقي لنا من طقوس رمضان بعد إغلاق المساجد».





تطوع

وأكد ياسين أن عمله مسحراتي هو تطوع ولا يتقاضى عليه أجراً، مشيراً إلى أن أهل الخير يتبرعون له بثمن السولار للسيارة، مشدداً على أنه رفض الكثير من العروض لتنظيمات ومؤسسات وشركات كي يدفعوا له ثمن السولار مقابل أن يذكر اسمهم خلال عملية المناداة.

واعتبر أن عمله هذا هو بمثابة زكاة مال عمله طوال السنة، لذلك يخرجها خلال تسحير الناس، مشيراً إلى أنه ينادي على الجميع سواء عوائل أو أبناء تنظيمات ولا يستثني أحداً.

وأشار ياسين إلى أنه يحاول باستمرار إدخال كل جديد على عمله كمسحراتي من خلال تزيين السيارة أو إدخال ابتهالات وأناشيد جديدة لرمضان وتحديث قائمة السكان باستمرار خشية الوقوع في الخطأ.





قصص مؤلمة

وخلال الحرب الأخيرة على غزة في صيف 2014 تصادف حلول شهر رمضان حيث تلقى تحذيرات من قبل الأهل والجهات المختصة بعدم الخروج في ظل الغارات واستهداف طائرات الاحتلال كل متحرك لا سيما في ساعات الليل فرفض ياسين وخرج لإيقاظ الناس على السحور ولسان حاله «غير المكتوب لن يكون».

واستذكر ياسين الكثير من القصص خلال سنوات عمله مسحراتي منها المؤلمة ومنها الطريفة، مشيراً إلى أن من أصعب هذه الأمور هو استشهاد نجله البكر رامي خلال حرب 2014، وتحديداً في ليلة القدر.

وقال: «كان يوماً صعباً علي حيث أبلغت من قبل الأهل خلال عملي في ليلة القدر وكان ذلك في 20 يوليو 2014؛ أن ابني البكر رامي قد استشهد جراء غارة إسرائيلية، وعليك العودة إلى البيت فرفضت حينها وأكملت تسحير الناس وأنا ابكي رامي وعدت من أجل وداعه وتشييعه».

وأشار إلى أن هناك موقفاً آخر مؤلماً هو أنه كان ينادي على أحد جيرانه وهو «أبو أيمن شويدح» ليكتشف في اليوم الثاني أنه توفي قبل أن ينادي عليه بنصف ساعة دون أن يعرف وهو يقول له «قوم يا أبو أيمن ليش (لماذا) نومك ثقيل».