الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

يوميات يوهان.. تدوينات تحكي معاناة البسطاء والدموع الساكنة في زمن الوباء

يوميات يوهان.. تدوينات تحكي معاناة البسطاء والدموع الساكنة في زمن الوباء

بداية من 25 يناير 2020، بدأت الروائية والشاعرة الصينية فانج فانج نشر 60 تدوينة يومياً حول الحياة والموت في مدينتها يوهان، وذلك عبر منصة WeChat أكبر منصات التواصل الاجتماعي شعبية في الصين.

ونالت يوميت فانج نسبة عالية من المشاهدة والقراءة في الصين، ولكنها أثارت جدلاً متبايناً، إذ احتفى بها بعض القراء باعتبارها صوت الناس الذين يكافحون في ظل العزل، بينما انتقدها آخرون ورفضوا آراءها، وهي نفسها في يومياتها وصفت إصرارها وثباتها بقولها «لم أهرم لكي أفقد قوة الانتقاد».





دراما كورونا

وزاد الجدل حول الأديبة الصينية بعد أن تواترت أنباء عن ترجمة أعمالها لأول مرة إلى الانجليزية والألمانية، ولكن بأي لغة، تكشف فانج فانج تسجيلاً حياً لدراما كورونا، وتوفر أداة قيمة للتفاهم الإنساني العالمي والذاكرة المشتركة في زمن الوباء.

هذه الأديبة المولودة في عام 1955، تحظى بمكانة عالية كشاعرة وروائية وكاتبة قصة، وحصلت على جائزة زون الأدبية الشهيرة في الصين عام 2010، وانتخبت رئيسة لاتحاد كتاب مقاطعة هوبي الصينية في عام 2007.

وقبل أن تحترف فانج الكتابة عملت في ميناء يوهان على نهري هانجيانج ويانجتسي، وتصور معظم قصصها المستضعفين والمهمشين ومعاناتهم في ووهان.

وتصور اليوميات الموقف بكل صراحة وألم طوال فترة الحجر الصحي، وتصف كل شيء بداية من شراء الطعام، والتواصل عبر سوشيال ميديا مع الأسرة والأصدقاء وتفاعلها مع قرائها.





مشاهد عبثية

ولم تخجل فنج أو تجبن عن التعرض لموضوعات حساسة مثل تقارير السلطات المتأخرة عن الوباء، والإنكار في البداية، المستشفيات المكتظة بالمرضى، والذين يموتون في المنازل من دون أن يشعر بهم أحد.

في يوميات فانج تشاهد وتتابع مشاهد مؤلمة أو عبثية، مثل الموبايلات المتناثرة في المشرحة والتي ما زالت تعمل و«ترن»، بينما صمت للأبد أصحابها، لحظات الأمل والسعادة عندما يبادر المتطوعون لمساعدة العجائز والضعفاء، صرخات الألم والدموع الصامتة، خوفاً على أحباء أو حزناً عليهم.



معاناة شعب

عكست فانج أيضاً مشكلة الإعلاميين وحيرتهم ومعاناتهم بين الحقيقة والواجب، وسياسات الطوارئ التي اتبعتها السلطات المحلية، والمعلومات المضللة التي تستحوذ على اهتمام مستخدمي الإنترنت الصينيين.

يوميات نرى بين حروفها وعلامات ترقيمها معاناة شعب، وذاكرة جماعية، ينسل من بين ثناياها الألم والمعاناة والأمل في حياة أفضل، تتخطى محنة فقدان الأحباء.

وحظيت تلك اليوميات بشهرة وشعبية واسعة في الصين في أوج ذروة الوباء، وعلق أحدهم عليها بقوله «إنها صمام التنفس لنا في تلك الأجواء الخانقة الكئيبة».

والحقيقة أن فانج كتبت يومياتها بلهجة عامية ومؤثرة ومفهومة تضج بالحياة والمشاعر.



تزايد الانتقادات

وبنهاية المذكرات أو اليوميات في 25 مارس تزايدت حدة ووتيرة الانتقادات، حيث شكك البعض في مصداقيتها ونزاهتها، وزادت النبرة بعد إعلان الناشر هاربر كولينز ترجمتها إلى الإنجليزية ونشرها تحت عنوان «يوميات يوهان: برقيات من مدينة معزولة».

وقال معارضوها إنها تبيع معاناة أهالي يوهان للغرب، وتشوه جهود الصين في مكافحة الوباء، وقال آخرون إنها «تقدم بيدها السكين لأعداء الصين لكي يذبحوها، وتقدم مشروعية لنظريات المؤامرة الغربية، واللوم غير العادل للصين».

ووصفها أحد المتابعين في سوشيال ميديا بأنها «قدمت الذخيرة للدول الغربية لكي تستهدف الصين».



استحضار القلق

هناك أيضاً خلاف حول مصداقية اليوميات في وصف ما جرى في يوهان، ودفع البعض بأن كتابات فانج تستحضر القلق والغضب في العزلة والحجر، ولكن وجهة نظرها ناقصة، ومعلوماتها غير موثوق بها، واتهمها البعض بأنها بالغت في تجسيد المشاعر السلبية، وتفتقد للمصداقية، والموضوعية.

من جانبها، قالت فانج «مصطلح الذاكرة العالمية استخدمته لكي أسجل تجاربي وخبراتي وأنقل ذكريات أهالي المدينة وأعيد بناءها عبر الحدود والحواجز، آخذة في الاعتبار إمكانية التفاهم المتبادل رغم صعوبة توصيل الخبرات عبر اللغات والثقافات».

تتنهد فانج وتصرخ عبر يومياتها «الناس في يوهان جميعهم في محنة، لسنا محظوظين، ولكننا فقط على قيد الحياة».

والحقيقة أن يوميات فانج يمكن أن تساعد في تذكيرنا بأن التعاون بين الشعوب والأمم مطلوب، رغم الانحياز العنصري، والمواقف السياسية المتباينة والتنافس الاقتصادي.

تنقلنا الأديبة الصينية إلى التفكير في علاقاتنا مع الآخرين، وتساعدنا على التعاطف الإنساني مع الملايين الذين تغيرت حياتهم جذرياً بسبب الوباء.