السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الطائرات الورقية.. صناعة وهواية أعادها كورونا إلى الواجهة في مصر

قبل أشهر عدة كان صلاح عبدالمقصود يعمل في أحد البنوك المصرية، ومع بدء الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي وباء كوفيد- 19 ـ كورونا المستجد ـ فقد صلاح عمله نتيجة تقليل العمالة، ولكن الأزمة التي أفقدته عمله كانت هي السبب في بدء مشروعه لصناعة الطائرات الورقية التي انتشرت نتيجة حظر التجول وإغلاق الأماكن الترفيهية والمقاهي.

ويقول صلاح: فقدت عملي قبل رمضان الماضي، ولم يعد لي مصدر دخل للإنفاق على أشقائي، فكنت أحاول التخفيف على نفسي من خلال ممارسة هواية الطائرات الورقية.

ويضيف: أحد الجيران حين رأى الطائرات التي أصنعها نصحني باستغلال هذه الهواية في صناعة الطائرات وبيعها، وبالفعل اقترضت مبلغاً من والدتي لشراء الخامات، وبدأت بالمشروع الذي توسع سريعاً حتى أصبح مصدراً لتوزيع الطائرات الورقية للباعة والمحال.





ويصنع صلاح واثنان من أشقائه وصديق له الطائرات الورقية لبيعها، حيث استبدل خامة البوص وجريد النخل التي يتم تصنيع هيكل الطائرات منها بالخشب الموسكي لتكتسب المتانة، وتبدأ أسعار الطائرات من 20 جنيهاً حتى 100 جنيه، بحسب الخامات المستخدمة والكمية بالإضافة إلى الأشكال، حيث يمكن لصلاح صناعة الطائرة بأي شكل أو شعار يطلبه الزبون.

أما أدهم حشيش طالب الصف الثاني الثانوي بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة فوجد في صناعة الطائرات وبيعها فرصة لاستثمار أشهر الإجازة الدراسية الطويلة بعد انتهائه من تقديم البحث المطلوب منه، وبدأ بصناعة الطائرات للتسلية هو وأصدقاؤه، إلا أنه فوجئ بطلب الكثيرين منه صناعة الطائرات لهم بمقابل مادي، ليبدأ مشروعه عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» بتدشين صفحة لبيع الطائرات.

ويقول أدهم: إن الهدف من المشروع كان شغل وقت الفراغ الذي خلفته الإجراءات الاحترازية التي منعت التجمعات وأغلقت أماكنها، ما زاد الإقبال على هواية الطائرات الورقية.

ويستخدم أدهم خامات مختلفة من الجريد والخشب بحسب رغبة الزبون، كما ينفذ أشكالاً مختلفة وشعارات مختلفة حسب طلب الزبون، ويعمل داخل منزله في غرفة خصصها كورشة صغيرة لتصنيع الطائرات الورقية التي يبيعها ابتداء من 40 جنيهاً حتى 120 جنيهاً حسب الشكل والحجم والخامات.

ويضيف أدهم بسبب المخاوف من وباء كورونا فإنه يقوم بتعقيم كافة الخامات المستخدمة كما يعقم الطائرات قبل تسليمها للزبائن.





صور من السماء

أما فارس ابن محافظة دمياط فقد قرر استخدام الطائرة الورقية بشكل مختلف، حيث ثبت على طائرته الورقية هاتفاً محمولاً لالتقاط فيديو لقريته «السوالم» التابعة لمركز كفر سعد، في وسيلة للتعريف بقريته.

ويقول فارس (16 عاماً) والذي يدرس الدعم اللوجستي للسفن بإحدى المدارس الثانوية الفنية، إنه بعد تعليق الدراسة وجد لديه الكثير من وقت الفراغ، وخاصة أن مراكز الشباب تم إغلاقها فلم يجد وسيلة للقضاء على الملل سوى بممارسة هواية الطائرات الورقية.

وأضاف فارس أنه أثناء لعبه بالطائرات الورقية خطرت له فكرة للترويج لجمال قريته حيث تذكر جملة الممثل عادل إمام في فيلم «طيور الظلام» «إن البلد جميلة من فوق»، فقرر تصوير مقطع فيديو عبر تثبيت هاتفه المحمول على الطائرة، ورغم اعتراض الكثيرين على ذلك خوفاً من سقوط الهاتف وضياعه، إلا أنه قام بذلك وصور مقطعين للقرية على يومين مختلفين.

وعقب نشر الفيديو تداوله أبناء القرية، فيما حاول سكان القرى المجاورة تصوير فيديوهات مماثلة.





هواية في أيام الحظر

أما محسن طارق (22 سنة) فلا يجد وسيلة لقضاء وقت الحظر سوى بالطائرات الورقية. ويعمل محسن سائق توكتوك بحي شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، إلا أنه بسبب الحظر الذي يبدأ من الساعة الثامنة مساء يجد نفسه بدون أي شيء يشغله، حيث يقوم بصناعة الطائرات بالإضافة إلى المشاركة في مسابقات صيد الطائرات التي يقوم بها جيرانه.

ويقول محسن «في الأغلب كنت أعمل لوقت متأخر إلا أن ظروف الحظر منعت ذلك، فأقوم بصناعة الطائرات وأنضم لأصدقائي في مسابقات، حيث نقوم بتحدي بعضنا بصيد الطائرات، ومن يستطيع أن يشبك طائرته بأي طائرة أخرى وجذبها له يكون هو الفائز».

ويرى محسن أن الإجراءات الاحترازية زادت الإقبال على الطائرات الورقية، ودفعت صناعها إلى الابتكار حيث دخلت خامات مثل الخشب وخام شرائط الفيديو في التصنيع، كما ابتكر البعض في الأشكال فلم تعد الطائرات سداسية فقط، بالإضافة إلى صناعة الطائرات المزدوجة، حيث يتم صناعة أكثر من طائرة وربط الهيكل بميزان واحد.





طائرات تحمل الموت

وإذا كانت الطائرات حملت الخير للعديدين من خلال بيعها، إلا أنها حملت الموت لآخرين، حيث شهدت مصر عدة حوادث نتجت عن هواية الطائرات الورقية.

وفي حي البساتين بالقاهرة فقد، مطلع الشهر الحالي، شاب حياته بسبب سقوطه من أعلى منزله أثناء اللعب بالطائرة الورقية، فيما فقد طفل بالغربية حياته بطريقة مماثلة.

أما في شبرا الخيمة فقد توفي شاب بسبب غرقه في ترعة الإسماعيلية بعد محاولته جلب طائرته التي سقطت أثناء طيرانها بالترعة، وفي محافظة البحيرة فقد طفلان حياتهما، يبلغان من العمر 11 عاماً، بسبب اشتباك طائرتهما بأسلاك الضغط العالي، حيث حاولا فك الاشتباك فصعقا بالكهرباء، وهو الأمر ذاته الذي أودي بحياة طفل آخر بمحافظة الغربية في منتصف الشهر الحالي.