الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الغزيون يفتقدون «التفاح اللهواني» المنقرض منذ 3 عقود

لا يزال طعم «التفاح اللهواني» المُعطر في فم كبار السن من سكان قطاع غزة الذين افتقدوا هذا النوع من التفاح منذ قرابة 3 عقود من الزمن بعد انقراضه واستبداله بتفاح بديل تم تهجينه أطلق عليه اسم (آنا) بسبب عدم صمود التفاح اللهواني الأصلي لأسباب بيئية وذاتية.

وكان موسم حصاد التفاح اللهواني الذي ينسب تسميته إلى بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة والتي كانت تشتهر بزراعته ما بين شهري مايو ويوليو ليسبق نظيره من الأنواع الأخرى.

وفي حين أكد مزارعون وخبراء زراعيون انقراض هذه النوعية من التفاح التراثي، إلا أن وزارة الزراعة الفلسطينية اعتبرت ذلك بأنه يأتي في إطار تحسين الجودة وإعادة الإنتاج من خلال نوعيات أخرى حافظت على التراث.

وقال الناطق باسم وزارة الزراعة في غزة أدهم البسيوني لـ«الرؤية»: «في أنظمة الزراعة دائماً يعتمد نظام زيادة الإنتاج وتحسين الجودة، وهذا ما حصل مع التفاح اللهواني والبرتقال من نوعية الشموطي، وذلك للحفاظ عليه كناحية تراثية، مع بقاء وجوده بنوعيات أخرى».

وأوضح أن المساحة الإجمالية لمحصول التفاح في قطاع غزة تصل إلى 425 دونماً، منها 355 دونماً مثمراً و70 دونماً غير مثمر، مشيراً إلى أن معدل الإنتاج للدونم الواحد تصل إلى 3 أطنان في الموسم.

ومن جهته قال الخبير الزراعي نزار الوحيدي لـ«الرؤية»: «إن التفاح اللهواني هو أحد الأصناف البلدية التراثية في ساحل جنوب فلسطين، ولا يعرف تحديداً تاريخه، ولكن هو موجود في غزة منذ آلاف السنين».

وأضاف: «هذا الصنف هو أحد الأصناف المبكرة من التفاح فترة نضجه خلافاً لكل الأصناف الأخرى حيث ينضج من شهر مايو حتى يوليو».

ووصف الوحيدي هذا التفاح بأنه «صغير الحجم نسبياً مستدير ذو رائحة طيبة، أبيض اللون في أحد جوانبه يميل إلى اللون الأحمر».

وأشار إلى أن من أهم مميزات هذا التفاح رائحته العطرية واللحم الهش وارتفاع نسبة السكر فيه.

وأكد أن التفاح اللهواني يتحمل العديد من الأمراض المستوطنة في الترب وينمو في التربة الرملية وقلة احتياجه للماء.

وأوضح أن هذه المميزات في التفاح اللهواني اختفت في الأصناف الأخرى التي أنتجت منه مثل نوعية تفاح (آنا) المهجن وغيرها الشبيهة التي كانت نتيجة عملية خلط بين التفاح اللهواني والأصناف الإيطالية واليونانية.

وأشار الوحيدي إلى أن هذا التفاح يسمى بـ«التفاح اللهواني» نسبة إلى بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة التي كان يزرع فيها وهو من الفواكه المزروعة في الترب الرملية ومن الأصناف المطرية التي لا تحتاج للماء.

وعن أسباب انقراض هذه النوعية من التفاح، قال: «إن تشبع التربة بالرطوبة أدى إلى موت معظم الأصناف في البداية بسبب اختناق الجذور وعدم تحملها لنسبة الرطوبة المرتفعة».

وأضاف: «أن تحول المزارعين من زراعة التفاح اللهواني إلى محاصيل أخرى يعود لقلة العائد المادي منه».

وشدد على أهمية إعادة إنتاج هذا التفاح لأنه صنف تراثي وصنف بلدي، مشيراً إلى أن الزراعة تتجه الآن للعودة إلى الأساسات الوراثية للمحاصيل للمناطق في العالم.

وأما المزارع «أبومحمد» والذي كان لديه مزرعة مكونة من 4 دونمات من التفاح اللهواني فأكد أن هذه النوعية من التفاح اللهواني انقرضت منذ 30 عاماً وتم استبدالها بنوعية أخرى تسمى (آنا)، وهي تجديد للتفاح اللهواني ولكنها ليست التفاح الأصلي الذي عرفته غزة قبل ثمانينيات القرن الماضي.

وقال أبومحمد لـ«الرؤية»: «في مطلع تسعينيات القرن الماضي جاءت مؤسسة إنقاذ الطفل الدولية وأحضرت معها عينات تفاح جديدة شبيه بالتفاح اللهواني لعدد من المزارعين في بيت لاهيا وزرعوها، حينما أثمر صاروا يقولون إنه تفاح لهواني وأخذ شهرة اللهواني لكنه ليس التفاح الأصلي».

وأضاف: «بدأ التفاح اللهواني ينقرض في ثمانينيات القرن الماضي لأن مشاكله كثيرة إضافة إلى وجود منافس له من التفاح المستورد».

وأشار إلى أن المزارع الفلسطيني لم يهتم بزراعة التفاح اللهواني بسبب تكاليف زراعته المرتفعة جداً دون جدوى اقتصادية له.

وأشار إلى أنه تحول من زراعة التفاح اللهواني إلى الحمضيات، معرباً عن أمله أن يكون هناك توجه لدى وزارة الزراعة في غزة لإعادة إنتاج هذه النوعية من التفاح اللهواني التراثي الأصلي.