الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

‏«جمجمة الدرقاوي» دليل تآخٍ مصري جزائري

تصدر وسم «#موسى_الدرقاوي» وسائل التواصل الاجتماعي في الجزائر، وهو صاحب الجمجمة رقم 5942 التي تسلمتها الجزائر من فرنسا، وجاءت من ضمن 24 جمجمة ورفات لأبطال المقاومة الشعبية الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وجاء الاحتفاء بتلك الجمجمة تحديداً كونها لبطل مصري قاوم وساند ثورة ومقاومة الشعب الجزائري ضد المُحتل الفرنسي، ليكشف عن قصة عظيمة من التآخي بين الأشقاء في مصر والجزائر، ضد الاحتلال الفرنسي الذي دام نحو 132 عاماً، وانتهى بالاستقلال في 5 يوليو 1962.

من هو الدرقاوي

وتداول رواد التواصل الاجتماعي معلومات عن الشيخ المُجاهد، الذي تعود جذوره لمحافظة دمياط شمالي مصر، وتوفي أبوه وهو طفل صغير، وفي سنة 1822 أصابه مرض خبيث في الرأس أجبره للذهاب لسوريا للعلاج الذي استغرق سنة كاملة، توجه بعدها إلى القسطنطينية بتركيا ومنها إلى غرب الجزائر مُجنداً ضمن الفرق العسكرية العثمانية، التي ما لبث أن فرّ منها نحو قسطنطينة ثم إلى تونس.

وانتقل بعد ذلك إلى طرابلس سنة 1826، وهناك تلقى العلوم الشرعية قبل أن يستقر في مدينة الأغواط بوسط الجزائر سنة 1829.

وأحسن سكان الأغواط استقباله، وبنوا له زاوية ومنحوه أراضي وحدائق تُعرف الآن بزقاق الحجاج، ليُصبح له عدد كبير من المُؤيدين، وامتد صيته لمدينة قصر البخاري والمدية.

وحاول الشيخ موسى الدرقاوي توحيد الطرق الصوفية، وجمع أكبر عدد من الأتباع الذين كان أغلبهم من الفقراء والمعدمين حيث لم يلتحق به الميسورون لأنه كان يفرض نظاماً قاسياً لمريديه.

وبحسب المؤرخين فقد اختلف الدرقاوي مع الأمير عبدالقادر القائد التاريخي للثورة الجزائرية بسبب توقيع الأمير معاهدة «ديمشال» مع الفرنسيين، وأدى هذا الخلاف بينها لمعركة عسكرية في عام 1935 انتصر فيها الأمير عبدالقادر، ليلجأ بعدها لجبل موزاية ومنه إلى مدينة مسعد حيث بدأ تنظيم صفوفه من جديد.

وطارد الجنرال الفرنسي «ماري مونج» الدرقاوي في مدينة مُسعد، فلجأ لقبيلة بني لالة بالقبائل، حيث مكث هناك 3 سنوات، ثم توجه جنوباً نحو «متليلي الشعانبة» عام 1847، حيث رحب به أهلها لما سمعوه عنه.

وفاته

تروي كتب التاريخ أن الشيخ بوزيان أحد كبار أعوان الأمير عبدالقادر حاول الاتصال بشيوخ الطرق والزوايا لتحضير لـ«ثورة الزعاطشة» فاتصل بالشيخ موسى بن الحسن المصري الدرقاوي، الذي رحب بالجهاد، وذهب إلى مدينة مُسعد واصطحب معه حوالي 80 مقاتلاً من أولاد نائل، وقاوموا ببسالة الحصار المفروض عليهم بالواحات حتى جاء يوم 26 نوفمبر 1849، حيث نُسفت دار الشيخ بوزيان، وأمر القائد الفرنسي «هيربيون» بقطع رأس زعيم الثورة الشيخ بوزيان ورأسي ابنه والشيخ الحاج موسى الدرقاوي وتعليقهم على أحد أبواب بسكرة.

ونقلت بعد ذلك الجماجم إلى فرنسا، حيث تم حفظها في متحف الإنسان بباريس، وعلى مدار أكثر من 170 عاماً، حملت جمجمة الدرقاوي رقم 5942 إلى أن عادت إلى الجزائر، حيث أُجريت مراسم استقبال جنائزية رسمية لها، نقلت إلى قصر الثقافة «مفدى زكريا» لتمكين المواطنين من إلقاء النظرة الأخيرة عليها، ومن المُنتظر أن توارى الثرى غداً الأحد في مربع الشهداء بمقبرة العالية بالجزائر العاصمة.