الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

سمير برقة.. مطوف سعودي يوثق طريق ومعالم الهجرة النبوية عبر 1086 رحلة بحثية في 16 عاماً

وثق الدكتور السعودي سمير برقة، عبر 1086 رحلة، معالم السيرة النبوية المُشرفة، سواء في مكة المكرمة أو المدينة المنورة، وما حولهما في الجزيرة العربية، بل وثق أيضاً المعالم الإسلامية التي طالها الفتح الإسلامي في أنحاء العالم.

رحلة مُبكرة بدأها برقة مُنذ أن كان في الـ17 من عمره، حيث نمى لديه الشغف بتوثيق التراث النبوي، وكان دائماً ما يتساءل متى يمكنه العمل على مشروعه الخاص في توثيق الرحلة المحمدية، حتى أذن الوقت بعد تقاعده من العمل في عمر الـ44 عاماً، ليؤسس أول مركز سعودي لتوثيق التراث النبوي الذي قرأه في بطون أمهات الكتب، ووثقه بالبحث والدراسة وكانت النتيجة 9 مخطوطات عن معالم السيرة النبوية جمعها برقة في 16 عاماً، هي عمر رحلته في البحث والتنقيب في التراث النبوي ومعالم السيرة المُحمدية، ليُصبح من أهم المهتمين والباحثين في هذا الشأن.





*لم تكتفِ فقط بتسجيل وتدوين رحلاتك، بل تعمل على تأسيس فريق من الشباب لمواصلة مسيرتك، حدثنا عنه.

بالفعل أسست فريقاً من الشباب يضم 45 شاباً، ترعرعوا معي مُنذ أن كانوا أطفالاً، أعمل على تنظيم رحلات لأماكن السيرة النبوية فمثلاً إن كنا نقرأ عن غار حراء نزوره، وهكذا، ونمت الفكرة التي نقلوها لآبائهم، فتولدت فكرة الرحلات العائلية إلى مواقع السيرة النبوية، وشكلت مجموعة من المبادرين المُهتمين بالحفاظ على هذا الإرث بالتعاون مع الجهات المعنية في المملكة، فبدأنا مشروع خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، وكذلك برنامج العناية بالمساجد التاريخية، وما زلنا مستمرين في العناية بكل ما هو محمدي داخل مكة وأجوارها، إلا أنه بطبيعة الحال تلك الرحلات العائلية تختلف عن تلك التي أنظمها مع فريقي بخصوص البحث والتوثيق.





*أين وصلت في مشروعك لتوثيق طريق الهجرة النبوية؟

أوشكنا على الانتهاء من تنقيح ما تم اكتشافه، بدأنا التوثيق من بيت السيدة خديجة رضي الله عنها إلى المسجد الحرام وبيت أم هانئ إلى بيت سيدنا أبوبكر الصديق إلى غار ثور، إلى أن يصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خيمة أم معبد، جميع ما مر به حتى وصوله لقباء ثم المدينة، هذه المواقع التاريخية كنا نأخذ المكتوب عنها في بطون الكتب ثم نستخدم التقنية الحديثة مثل الـgbs، والـgr، وسيارات الدفع الرباعي للوصول للمسار الذي ندرسه على مدى أيام، ووصلنا لمعلومات أعتقد لم يسبقنا إليها أحد، لأننا طبقنا التقنية الحديثة بجانب المُشاهدة، وثقنا العديد من القبور للمعتمرين والحجاج في تلك الفترة، ووثقنا ما يُعرف كذلك بطريق درب الأنبياء الذي سماه الرسول الكريم، تيمناً بمرور الأنبياء عليه ومنهم سيدنا موسى ويونس ابن متى وعيسى وموسى ونوح وإبراهيم.





*ماذا وجدتم من معالم وآثار السيرة النبوية؟

الأمويون والعباسيون أقاموا في درب الأنبياء أميالاً أو علامات صخرية، ففي كل 1640 متراً أقاموا صخوراً منقوشة تدل على معالم السيرة، فأقاموا 225 مَعلماً، ما وقفنا عليه حوالي 75 إلى 80 مَعلماً، الباقي أُزيل بسبب التوسعة العمرانية أو لإقامة شبكات الطُرق أو بجهل، وهناك في بعض المعالم التي مر عليها النبي مثل وادي خضرا والذي غير اسمه النبي من غدرا لخضرا، ووادي الفُرع والذي يحوي عدداً من العيون تعود إحداها للسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وعين الربط وتعود إلى سيدنا إسماعيل عليه السلام، والجبل الملساء والذي مر عليه الرسول الكريم، وجدنا بعض القصور العباسية بجهة شرق شمال مكة تعود إلى هارون الرشيد والمُعتصم بالله وزبيدة.

وحالياً يتم ترتيب حكومي لافتتاح متحف الوحي بالقرب من غار حراء، وآخر خاص بغار ثور بحمل اسم متحف الهجرة، وهما ضمن رؤية المملكة 2030.





*رحلة الحج عبر الزمن وثقتها أيضاً باعتبارك مُطوفاً مكياً توارثت ذلك كعمل خدمي أباً عن جد، حدثنا عنها.

بالفعل أقمت أكثر من معرض أنا وأشقائي عن تطور رحلة الحج وكيف تطورت عبر الزمن، من حيث الملابس ووسائل النقل، وعرضنا ملابس الحُجاج خصوصاً الأفارقة، إضافة إلى عرض وثائق تحكي قصة الطواف والمشاعر المُقدسة وتطورها في عهد الدولة السعودية.





*ما هي العادات الشعبية السعودية التي ارتبطت بموسم الحج؟

هناك منُاسبة تسمى «جو جو» وهي للاحتفال بالمولود الذي قدم للدنيا خلال العام، مع ترديد أهازيج شعبية «جو جو حجوا وجو» بمعنى أتوا من الحج، ويتم وضع «النُقل» أو المكسرات المُختلفة على دماغ الطفل مع الريالات الورقية والمعدنية، احتفاءً بالطفل، مع لبس الأخضر والأبيض والملابس ذات الألوان الزاهية.





*ما هي العادة التراثية لأهل مكة، والتي اختفت من الحج هذا العام بسبب جائحة كورونا؟

عادة أهل مكة مُنذ القدم العمل بمهنة الطوافة، يذهب الرجال إلى المشاعر المقدسة بدءاً من يوم التروية لخدمة حجاج بيت الله الحرام، فكانت مكة تخلو من الرجال إلا قلة، وكانت النسوة يبقين في الحواري، فإذا شاهدوا رجلاً تخلف عن الحج بغير عذر يرددون أهزوجة خاصة بذلك «يا قيسنا يا قيس ليش الناس حجوا.. وأنت قاعد ليش؟ قوم روح على النفرة اذبح لك تيس»، وهي ما يُعرف بعادة الخليف أو من تخلف عن الحج، وكانت وما زالت قائمة مُنذ 70 عاماً في عدة أحياء اشتهرت بها مثل جرول وأجياد والمسفلة والغزة وشعب عامر وريع بخش والجودرية، والملاوي، إلا أنها اختفت هذا العام بفعل الجائحة.