الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

مصر.. مطاعم ومقاهٍ يلونها عشق كرة القدم

للكرة المستديرة في مصر سحر خاص، حيث يختلف ترتيب الشوارع والمرور بل والحياة بشكل عام أوقات إذاعة المباريات الهامة، وتحديداً بين فريقي الأهلي والزمالك، اللذين يصنف بهم المصريون للدرجة التي تجعل البعض حين يذكر اسمه يذكر تصنيفه الكروي، لما لذلك من دلالة كبيرة في الشارع المصري.

وبين أكبر ناديين في مصر، يتعايش المصريون، فهناك من يرتدي تشيرت يحمل رمزاً أو دلالة لأحد الناديين، وهناك من يشير إلى رمز لهما على سيارته، وآخر يمتلك ميدالية أو غيرها تحمل علم أحد الناديين وشعاره، ومثل هؤلاء هناك من لونوا محلاتهم وأماكن عملهم باللون الأبيض، فمن يأكل من مطعم يزين واجهته بعلم وشعار نادي الزمالك، ومن يجلس على قهوة (كوفي شوب) ترفع أعلام النادي الأبيض، وتعلق صور لاعبيه على جدرانه، هل يرتادهم أصحاب نفس التوجه فقط؟

وسط منطقة الناصرية بحي عابدين، بالعاصمة القاهرة، ووسط مجموعة من القهاوي والمحلات، يطل محل «رأفت حسني أبو السعود» بواجهته الملونة بعلم الزمالك، ولافتته البيضاء يحاط بجوانبها علامات بارزة لنادي الزمالك. يقول رأفت حسني: «المطعم هو مصدر رزقي أنا ووالدي، الذي عملت معه فيه منذ أن خرجت للعمل، والدي عمره 77 سنة، وأنا 44 سنة، ومنذ أكثر من 50 سنة ووالدي يشجع الزمالك، وأنا ورثت ذلك عنه، حب الزمالك يتوارث، خرجت للنور وجدت أبي وأهلي يشاهدون مباريات الزمالك ويدافعون عن النادي، ويتعصبون له، فعشقته وانتميت له».

ما فعله رأفت بالمطعم، جعل كثيرين يتوجهون له للتصوير معه، ومع اللافتة التي يرفعها على واجهة مطعمه، لكن لافتة رأفت حسني أبوالسعود 44 سنة، لم تكن كلها إيجابيات فقط، فقد كانت مصدراً لإزعاجه أيضاً، حيث منعت عدداً من المنافسين من النادي الأهلي عن مطعمه، ودفعت عدد إلى العزوف عن الشراء منه، يقول: «كل الناس في المنطقة تعرف حبي للزمالك، وهناك بعض المارة ينتقدون وضعي للافتة، ويقولون لي نحن أهلاوية ولن نأكل عندك»، مشيراً إلى أن الكثيرين نصحوه بإزالتها من أجل لقمة العيش، إلا أنه عاند من أجل حبه للزمالك.

مقهى أبيض

«أعلام ومفارش بيضاء مزينة بعلم الزمالك، يصاحبها معلقات بصور لاعبي الزمالك القدامى»، جعل لقهوة «فايق صلحي» الملونة باللون الأبيض رونقاً وشكلاً مختلفاً، يقول: «رغم إني زملكاوي وقهوتي كمان بها كل ما يعبر عن الزمالك، فإنها مفتوحة لكل من الزملكاوي والأهلاوية، الذين يأتون على حد سواء للجلوس على القهوة، غير منزعجين من انتمائها».

ويتابع: «الخلاف ينشب خلال المباراة فقط، ويكون بالحديث فقط دون نشوب أي مشاجرات، وخلاف ذلك، يجلس كلاهما الأهلاوية والزملكاوية، دون أي مشاكل سعداء سوياً»، مشيراً إلى أن الأهلاوية يأتون إلى القهوة مثل غيرهم دون أي تعصب، ولأن «صلحي» يقف محايداً أثناء المباراة ويقوم بتهدئتهم.

يقول «صلحي» عن الزمالك: «حب الزمالك توارثته من جدودي، وعمي أحببني فيه، حب الزمالك وراثة، وعمري ما أغير انتمائي، بعد الزمالك لا يوجد نادٍ آخر، ولا كرة، بعشقه وحبه في دمي، زي الأب والأم». ويستطيع «صلحي» الحفاظ على حياده لآخر نفس خلال مباريات الزمالك مع الأهلي أو غيرهم، فمع أي خسارة قد تحدث للنادي الأبيض، لا تجده، يختفي عن الأنظار لمدة ساعة حتى يهدأ، ثم يعود من جديد للقهوة، حتى لا يشعر بالضيق وتظهر عليه علامات الغضب من الخسارة.

أما حسين أبو رياض، فالزمالك بالنسبة له أغلى من أولاده ووالديه، يقول: «عندي حاجتان هما أغلى ما عندي في الدنيا، أغلى من عيالي، مصر والزمالك، شاهدت كل مباريات الزمالك القديمة من 40 عاماً، لا توجد مباراة لم أشاهدها، وبدأت اشجع الزمالك منذ أن كسب الزمالك الاتحاد السكندري، منذ أكثر من 20 عاماً، الزمالك بالنسبة لي لعبة حلوة، متعة لجمهوره».

و«نادي الزمالك» هو اسم قهوة «حسين أبو رياض» صاحب الـ60 عاماً، الذي يعلق لافتة باللون الأبيض وعلم الزمالك على واجهتها، ويختلف موقع قهوة «أبو رياض» عن غيرها، حيث يتواجد في منطقة بالسيدة زينب بالعاصمة القاهرة، يقطن بها الترس أهلاوي (مشجعو النادي الأهلي)، إلا أنه بحكمته كان يحيل دون وجود أي خلاف بين مشجعي الفريقين على قهوته، التي كتب على لافتتها منذ عام 2005 «نادي الوطنية والكرامة»، يقول: «أعرف أتعامل مع مشجعي كلا الفريقين أثناء المباريات، وبعد فوز الزمالك في أي مباراة، كنت أحمي مشجعيه من الأهلاوية في المنطقة، وجعلت مشجعي الفريقين يتحدثون باحترام، فكانوا يحترمون سني، وكنت أعلمهم معنى الكرة والتشجيع والروح الرياضية».