الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

أحمد المرزوقي يحول منزل والده لمتحف «زايد الخير» ويسرد التاريخ عبر 1000 قطعة تراثية

سعياً إلى رد جزء ولو قليلاً من فضل الوطن عليه، حوّل الإماراتي أحمد المرزوقي منزل والده إلى متحف تراثي، ليعبر من خلاله عن مدى حبه وشغفه بتاريخ وتراث الإمارات، كما يصطحب عبره الأجيال الجديدة في رحلة إلى ماضي الأجداد وتاريخ الآباء الأولين، ليسرد لهم، من خلال 1000 قطعة تراثية، تفاصيل حياتهم اليومية وعاداتهم وتقاليدهم الأصيلة.



وتبلورت الفكرة الوطنية، التي اعتمدت على مجهود المرزوقي الشخصي، عندما استطاع تأسيس «متحف زايد الخير» الذي كانت تفاصيله بمثابة قصة وفاء وعرفان، للوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.





حلم الوالد

وعن مشروعه التراثي الوطني، الكائن في منطقة الرحبة بأبوظبي، قال أحمد المرزوقي: «المتحف كان حلم والدي، ولكن لم يمهله القدر فرصة أن يراه واقعاً ملموساً، فتوفاه الله في الأسبوع نفسه الذي تسلّم فيه المنزل الذي كان ينوي تحويله إلى عرض المقتنيات التراثية، فعزمت على إكمال مسيرته وحولت منزله إلى متحف تراثي يُعرّف أبناء الإمارات من الشباب بتاريخهم الأصيل وتراثهم الذي يستحق منهم الفخر والاعتناء به».





مقتنيات متنوعة

وأضاف المرزوقي أن والده رباه على أن التراث هو أهم عناصر الهوية الإماراتية التي يجب صونها والحفاظ عليها والتمسك بها، لذلك شعر بحجم المسؤولية الوطنية التي أُلقيت على عاتقه بمجرد أن شرع في تأسيس المتحف، لذلك حرص في اختياره لكل قطعة تراثية يعرضها داخله، أن تحمل ملمحاً من ملامح الحياة الإماراتية القديمة، والتي تنوعت مقتنياته بين الأواني الفخارية والنحاسية وأدوات الطهي والصيد والبحر والنجارة والزينة.



1000 قطعة تراثية

وحول أبرز المقتنيات التي يعتز بها ولفتت انتباه زوار المتحف، أكد المرزوقي أن لمسات والده في كل ركن بالمتحف، حيث إنه ورث أكثر من 1000 قطعة تراثية عن والده وأجداده، تحمل رائحة الماضي العتيق، ليشعر الزائر من الشباب بمجرد دخوله من بوابة المتحف أنه بدأ رحلته في عالم ذكريات الآباء الأولين، ومنها سرير من الخشب الهندي الفخم القديم، ومجموعة كبيرة من العملات المعدنية النادرة من مختلف الدول، فضلاً عن قطع سيوف نادرة.



هوري وطوي

وتابع أحمد المرزوقي: «إلى جانب المقتنيات التقليدية، هناك مجموعة مميزة تعكس التراث البيئي، تتمثل في مجموعة متنوعة من الحيوانات المحنطة، ومركب بحري يعود إلى قرن من الزمن يطلق عليه محلياً اسم (الهوري)، ومجموعة من الزوارق القديمة، والأدوات التي تُستخدم في النجارة والحدادة، وعدة مجسمات لآبار المياه التي يعرفها أبناء الإمارات بـ(الطوي)، بينما تضم الساحة الخارجية للمتحف مجموعة من المجسمات للبيوت الشعبية القديمة (العريش) التي كانت تنتشر في الفريج».



صون التراث

وأشار المرزوقي إلى أنه يؤمن بأهمية صون التراث وإيصاله إلى الأجيال الجديدة، لذلك كان حريصاً على أن يشارك في الفعاليات التراثية المقامة داخل الدولة، خاصة احتفالات اليوم الوطني، وينتقل بكل فخر وسعادة بينها ليعرض مقتنيات المتحف، في محاولة منه لاجتذاب الأطفال والشباب إلى تراثهم الإماراتي، وغرس حب الوطن والتمسك بالهوية الوطنية في نفوسهم.



16 عاماً من الدعم

وذكر المرزوقي أنه لم يلقَ دعماً مادياً من أي جهة، ولكن دعم جيرانه المعنوي كان بمثابة القوة الدافعة والمحفزة لاستمرار المتحف أكثر من 16 عاماً، فاتحاً أبوابه لكل مواطن ومقيم، ليتعرفوا إلى تاريخ الإمارات، لافتاً إلى أن جيرانه في منطقة الرحبة يشعرون أن متحف «زايد الخير» ملكهم جميعاً، وأن كل زائر يقصده هو ضيف، وعليهم استقباله والترحيب به، كما أنهم تبرعوا بأجزاء من ساحاتهم الخارجية ليتطور المتحف ويتوسع.

وأكد المرزوقي أن سعادته لا توصف عندما يجد المتحف لا يخلو من الزائرين الذين تملأ الفرحة قلوبهم، يتناثرون متأملين كل قطعة فيه، ويلتقطون الصور التذكارية مع المقتنيات.



أمنية وطلب



ويتمنى أحمد المرزوقي أن يكون قد نجح في تحقيق حلم والده، ومهمته الوطنية التي سخّر لها وقتاً طويلاً لتعريف الشباب بالتراث الإماراتي، داعياً الجهات التعليمية في الدولة بجعل المشاريع التراثية، جزءاً من مشروعات التخرج في مختلف المراحل الدراسية، حتى يقترب الطلاب من تراثهم الوطني ويتعرفون إليه من كثب.

وكشف مؤسس متحف «زايد الخير» أنه يستعد بعد انتهاء جائحة كورونا، لتجربة تراثية جديدة تتمثل في مجسمات بيوت الطين الإماراتية، بهدف إطلاع طلاب المدارس عليها وكذلك الموظفون في المؤسسات والهيئات.