الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«نعش حي».. يسرع تحلل جسم المتوفى ويحافظ على استدامة البيئة

بات في إمكان الحريصين على البيئة في هولندا المساهمة في الحفاظ عليها حتى بعد وفاتهم، إذ يمكنهم أن يختاروا أن يرقدوا في «نعش حيّ» مصنوع من الفطر، يساعد الجسم على التحلل بسرعة.

ويتحول الجثمان داخل النعش إلى مواد عضوية للطبيعة ما يثري التربة بفضل منافع الغزل الفطري، أي الجزء النباتي الأخضر في الفطر.

ويقول بوب هندريكس مبتكر هذا النعش المسمى «ليفينغ كوكون» إن المشروع يشكّل سابقة عالمية، وقد نشأت فكرته داخل مختبر طالبي في جامعة التكنولوجيا بمدينة دلفت الهولندية.

ويوضح «هذا نعش هو في الواقع جسم حي مصنوع من تركيبة الجذور الخاصة بالفطر، وهي الجهة الأكثر إسهاماً بعمليات التدوير في الطبيعة».

إثراء الطبيعة

واستُخدم النعش أخيراً للمرة الأولى ليكون المثوى الأخير لسيدة في الـ82 من العمر ستتحلل جثتها كليا في غضون سنتين إلى 3، فيما تأخذ العملية أكثر من عقد عادة للأشخاص المدفونين في نعوش خشبية تقليدية.

إلى ذلك، يتحلل النعش بسرعة أكبر بكثير، أي في خلال 30 يوماً إلى 45، فيما يتعين في العادة الانتظار لأكثر من 10 سنوات أحياناً إلى أن تزول الأجزاء المعدنية من النعوش التقليدية.

ويقول هندريكس إن النعش المصنوع من الفطر يتيح «العودة إلى دورة الحياة» من دون «تلويث البيئة بتوكسينات موجودة في الجثامين وفي كل ما يوضع في النعوش».

ويشير إلى أن الفطر «يؤدي إلى تحلل الجثمان ليحوّله إلى مغذيات جديدة مفيدة للطبيعة».

ويضيف «الغزل الفطري والأجسام المجهرية الكثيرة في الداخل ستسرع عملية التحلل وتقضي على أثر التوكسينات في التربة وفي جسم الإنسان وتؤدي إلى إثراء الطبيعة».

طحالب وحشرات

ويشبه «النعش الحي» بمقاساته ومظهره النعوش التقليدية، باستثناء اللون الأبيض المرتبط بالغزل الفطري. وفي الداخل، توضع طبقة من الطحالب لاستقبال جثمان المتوفى، إضافة إلى حشرات.

والنعش بكل تفاصيله، مع العلبة والغطاء الخارجي، مصنوع من الغزل الفطري، وبالتالي فإنه أخف بكثير من النعش الخشبي وأقل كلفة، إذ يكلف حالياً 1500 يورو.

ويتعين لصنعه الحفر تحت طبقات الطحالب في الغابة وجمع الغزل الفطري الصافي من الفطر ومزجه مع نشارة الخشب، ووضع الخليط كاملاً داخل قالب شبيه بالنعوش التقليدية. وبعد 7 أيام، يجري تحويل هذا المزيج إلى جسم حي على شكل مادة صلبة.

مشروع هندريكس هذا ليس وليد شغف بعالم الأموات، بل هو ببساطة وليد الصدفة. فلطالما كان هذا الهولندي مفتوناً بالمزايا الطبيعية المرتبطة بالفطر، وهو بنى أولاً «منزلاً حياً» من الغزل الفطري في إطار مشروع تخرجه الدراسي.