الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«مومنت».. مشروع يوثق ذكرى الآثار الأولى للمواليد بتوقيع الليبية بوسدرة

صفاء الشبلي

لا شيء يُضاهي إحساس مشاعر أسرة رُزقت بطفلها الأول للتو، شكله، يديه الصغيرتين، وملامحه التي يجري تفحصها بدقة، أول ضمة وأول لمسة، يحملونه وهم يحملون كل معاني الحب، تتمنى الأم لو يظل المولود في حضنها للأبد، كلها ذكريات ومشاعر تكبر مع كِبر الطفل، وما إن يبدأ نموه حتى تكبر معه كل معالم اللقاء الأول، تكبر اليدان والقدمان، وينمو مع كل الحب والرعاية والاهتمام ودموع الفرح برؤيته يسير على الأرض وقد كبرت معه المشاعر والذكريات.





ذكريات باقية

وتظل ذكريات اللقاء الأول بين الأسر وأبنائها محفورة في الذاكرة تتمنى لو تعود كلما كبر، تتذكرها بكل الحب، لكن ماذا لو احتفظنا بتلك المشاعر وعلامات الولادة، هذا ما فعلته الليبية رحاب بوسدرة عندما أنجبت ابنتها الأولى (أمونة) تمنت لو أن هناك وسيلة تحتفظ بها بآثارها الأولى ذكريات الولادة، شكل قدميها ويديها، بحثت وبحثت لكنها لم تجد من يُقدم تلك الخدمة بليبيا كلها، حصلت على نوع من الطين من أحد صانعي الفخار ووضعت قدمي ابنتها ويديها عليه، وعندما وصلت أمونة لعمر الثلاث سنوات، أحضرت نفس الطين وطبعت علامات يديها وقدميها مع ابنتها مرة أخرى.



وتقول لـ«الرؤية»: «الاحتفاظ بتفاصيل أبنائنا وحفظها شيء مُبهج للغاية، يُرجعنا لسنواتهم الأولى مع تقدمهم وتقدمنا معهم في العمر، كنت أحاول تجميع ذكرياتي مع ابنتي، وقرأت عن طبعات الآثار الأولى للأطفال، وبالبحث تعلمت كيف يمكن صُنعها، بعد ذلك طلبها البعض مني، ففكرت في تحويل الأمر لعمل خاص».





دعم فرنسي

حولت رحاب فكرتها لمشروع تحت اسم «ميمونت» خصوصاً أن فكرة الاحتفاظ بآثار المواليد الأولى غير مُنتشرة في مدينتها بنغازي وحتى بليبيا كلها، رغم وجودها في بعض الدول العربية المجاورة، إلا أن المشروع كان مميزاً وهو ما دعا إحدى المؤسسات الفرنسية المُهتمة بريادة الأعمال لدعمه.





وتُضيف رحاب «بدأت بالترويج لفكرتي بدعم من إحدى الحضانات الأهلية، حيث طبقت الفكرة على الأطفال بموافقة أهلهم، بعدها أصبح لدي نماذج لأعمالي، ومن ثم نسقت الأمر مع بعض الصيدليات بحيث تشاركنا سوياً بالتسويق، وهذا كان الأمر المُبهر بالنسبة للمؤسسة الفرنسية التي دعمتني، حيث أُعجبوا بفكرة الربط التي قمت بها، فلم أكن بالمشروع مُنفردة بل جاء نتيجة تضافر صيدليات ومستشفيات داعمة للفكرة».



حسابات أخرى

ربما منعت الحرب في ليبيا رحاب من العمل بمهنتها الأساسية كمُهندسة معمارية، كما جاءت جائحة كورونا لتُعرقل مشروعها الوليد الذى حظي بشهرة كبيرة، إلا أنها تلك المرة لم تستسلم.

وعن ذلك تقول «بعد تفشي الجائحة طبعاً كانت هناك مجموعة من المحاذير من ضمنها منعي من دخول مُستشفى الولادة الذي تعاقدت معه لتقديم الخدمة للأمهات، وتعطلنا فترة نحو شهرين، لكن فكرت أنه ربما التوصيل للمنازل يكون فكرة تحقق الانتشار، وهو ما تم فعلاً».

وتصنع رحاب بنفسها عجينة من مكونات طبيعية آمنة تماماً، يمكنها التحول للشكل الصلب حال استخدامها، وهو ما يُمكّن الأمهات من استخدامها بمفردهن دون مُساعدة عند الحصول عليها.





وتستطرد «أصنع مادة آثار الطفل من مواد طبيعية 100% وتصل درجة أمانها حد إمكانية استخدامها بعد ولادة الطفل بساعتين فقط، وبعد الكورونا يتم توصيل تلك المادة بحسب الطلب سواء الحاجة لأثر اليدين فقط أو القدمين فقط، أو كلاهما معاً، ويتم استخدامها بواسطة الأم، أما حال رغبت الأسرة في الحصول على أثر مجسم(3d) ، فلا بد من الحضور كي أصنعها بنفسي».



لاقى مشروع رحاب انتشاراً كبيراً باعتباره أحد المشروعات الرائدة بمدينة بنغازي، لذا فهي تفكر في توسعته ونشره بكل أنحاء ليبيا.