الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

7 باحثين يقدمون قراءة في التاريخ الشفهي للأوبئة بالخليج

منورة عجيز – أبوظبي

استعرض 7 خبراء وباحثين في التاريخ والرعاية الصحية ضمن مشاركتهم في المؤتمر الخليجي للتراث والتاريخ الشفهي «الثامن» أبرز الأوبئة التي أصابت دول الخليج والعالم، وآلية السيطرة عليها، وجهود دول المنطقة لتجاوز تلك المحن، كما جاءت في المخطوطات والكتب والوثائق التاريخية.

وسلط المتحدثون الضوء في المؤتمر، الذي تنظمه دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، افتراضياً، تحت عنوان «تاريخ الأوبئة في شبه الجزيرة العربية»، على تجربة الإمارات والسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي العربي في التغلب على تلك الأوبئة، وآثارها على المستوى الاجتماعي، والاقتصادي، والنفسي.

وتطرق المتحدثون إلى مجموعة من الأوبئة، من بينها وباء كوفيد-19، الكوليرا، وباء الجدري، الحمى بأشكالها المختلفة وحمى الضنك، الملاريا، الحمى الإسبانية، الطاعون بمسمياته المتنوعة «الموت الأسود» و«الطاعون البيزنطي»، وأسباب انتشارها وآثارها على المنطقة.

وأوصى المتحدثون في المؤتمر بضرورة تعزيز الجهود الصحية والاقتصادية والتعليمية للتصدي إلى جائحة كوفيد-19، وتبادل الخبرات بهدف الحد من انتشار أي أوبئة بالمستقبل، فضلاً عن ضرورة سد الفجوات في الوثائق التاريخية حول الأوبئة، والاستفادة من التاريخ وتجارب الشعوب في التصدي للأوبئة والسيطرة عليها.

ويعزز المؤتمر السنوي من جهود الحفاظ على التراث المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي، وترسيخ الأصول وتوطيد الجهود المبذولة في حماية التراث والحفاظ عليه، بالإضافة إلى تعزيز الإرث الأخلاقي.



تجارب مضيئة

وأوضح وكيل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، بالإنابة، سعود الحوسني، أن المؤتمر يشهد نخبة من المؤرخين والخبراء والباحثين الذين يقدمون قراءة صفحة من التاريخ المشترك للمنطقة، وتعزيز دورها في بناء الحاضر واكتشاف المستقبل.

وتابع الحوسني «أن النسخة الحالية من المؤتمر تواكب قراءة في التاريخ الشفهي للأوبئة التي تعرضت لها المجتمعات الخليجية في العصر الحالي، وهي قراءة تستحق الوقوف والتأمل في ذلك التاريخ، وخاصة أنه مليء بالتجارب والصفحات التي سطّرها أبناء المنطقة في شتى ميادين الحياة».

وأردف «تعلمنا من الآباء والأجداد كيف نتجاوز المحن والصعاب ونرتقي القمم ونمسك خيوط الشمس ونصنع الفرح في طريقنا للأهداف، لدينا الكثير من التجارب والممارسات في تاريخنا الخليجي المشترك التي تعزز جهود حكومتنا الحكيمة، كما نرحب بكل جهد خليجي لتجاوز تلك المحنة بسبب الجائحة الحالية، علماً أن استراتيجية قيادتنا في الإمارات أضحت محط إعجاب العالم».



منصة مثالية

وقال مدير إدارة التراث المعنوي في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، سعيد حمد الكعبي، الذي أدار المؤتمر: «إن المؤتمر الخليجي للتراث والتاريخ الشفهي يتناول في كل نسخة زاوية من زواياه لجعل تراثنا المشترك قاعدة الانطلاق للمستقبل والتقدم والازدهار».

وتابع «إن المؤتمر يشكل منصة مثالية لترسيخ مكانة إمارة أبوظبي كمركز للتراث والتاريخ الشفهي، ويؤكد حرص الدائرة على تعزيز المشهد الثقافي والتراثي وجهود صون التراث الوطني والحفاظ عليه من خلال مبادرات تسهم في استدامة تراث دولة الإمارات».





سرد تاريخي

واستعرض مدير إدارة الطوارئ والأزمات في دائرة الصحة - أبوظبي، ومدير عام مركز أبوظبي للصحة العامة، مطر سعيد النعيمي، تجربة الإمارات في مواجهة جائحة كورونا «كوفيد-19»، بما فيها الحجر الصحي والبرامج الصحية والتوعوية التي طبقتها الدولة، كما تطرّق إلى منظومة العمل الصحية المحلية لمكافحة الجائحة.

وأشار إلى أبرز الأمراض المعدية في السنوات العشر الماضية، بداية من عام 2009 حيث بدأ انتشار إنفلونزا الخنازير، وفي 2010 إنفلونزا الطيور، بينما شهد عام 2014 متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، فيما تفشى الإيبولا في إفريقيا عام 2016.

وتحدث عن استراتيجية التعامل مع الحدث، خاصة في المناطق العمالية وعالية الكثافة والمنشآت الإصلاحية ومع كبار المواطنين والمقيمين، وعن قياس مؤشرات العدوى في الأطعمة والحيوانات وشبكة المجاري.

وتطرق إلى الدروس المستفادة من الجائحة، إذ دعا إلى ضرورة وجود تنسيق أكبر للجهود على مستوى الإقليم والعالم، والتركيز على أبحاث الأمراض المستجدة والفيروسات في دول الخليج، وتطوير القدرات الوطنية الفنية، فضلاً عن دعم تنوع الاقتصاد الوطني والخليجي، والاستعداد والجاهزية والتدريب، وتطوير الإنتاج المحلي للمواد الأساسية والاستهلاكية والمنتجات المحلية طويلة الأمد.





أسئلة فلسفية

من جهته، أشار الكاتب والأديب أحمد الهلالي إلى أن الأجداد عانوا من الأمراض والأوبئة التي كانت تقضي على عدد كبير من سكان المنطقة، كما تأخر وصول الطب الحديث إلى المنطقة، ولكنها سعت حتى استطاعت إنشاء منظومات صحية تضرب اليوم أروع الأمثلة في التصدي لأصعب الأمراض والأوبئة بما فيها الأمراض الصدرية والإنفلونزا والحُمَّيات وكورونا وغيرها.

واستعرض الأمراض والأوبئة التي أصابت منطقة الحجاز في التاريخ القديم والحديث، وأسباب انتشارها، بما فيها انتشار الكوليرا خاصة في مواسم الحج، وبسبب حركة التجارة، إلى جانب الإنفلونزا الإسبانية.

ومن جانب آخر، تحدث الحسن عن الأسئلة الفلسفية المتعلقة بتاريخ الأوبئة، وسلط فيها الضوء على الكلمات المستخدمة للتعبير عن الأوبئة عبر التاريخ، بما فيها «الوباء الجارف» الذي كان يجرف الناس كالسيل كما قال ابن خلدون.

واستعرض أبرز الأوبئة بما فيها وباء الطاعون البيزنطي الذي ظهر في القرن السادس الميلادي وقضى على نصف سكان العالم، ومن ثم ظهر مجدداً بالقرن الثامن ليصيب أوروبا ويفني 60% من سكانها.

وتحدث عن تاريخ ظهور الحجر الصحي والتغيرات السياسية والعسكرية والاجتماعية والدينية منذ عصر النهضة الأوروبية، ولجوء بعض جيوش العالم في الماضي لاستخدام الأوبئة كسلاح بيولوجي.