الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

فرح مصطفى.. طفلة مصرية تواجه عالم الصمت بحوار المذاقات

فرح مصطفى.. طفلة مصرية تواجه عالم الصمت بحوار المذاقات

صفاء الشبلي

رحلة شاقة عاشتها شيماء مع ابنتها فرح، فكأي أم تنتظر أن تسمع كلمة ماما من ابنتها التي تخطو خطواتها الأولى نحو عامها الثالث، لكن صدمتها كانت أكبر من أن تتحملها عندما اكتشفت أن ابنتها تُعاني من خطب في أذنها، ظلت الأم المصدومة تُناديها فرح.. فرح، لكن ما من إجابة، قصة صمود وراء حكاية الطفلة فرح مصطفى التي لقبها رواد سوشيال ميديا بأصغر شيف في مصر، بعد أن حققت شهرة واسعة على «فيسبوك».





عمليات فاشلة

هل يمكن أن تكون طفلتي الأولى وأول فرحتي صماء؟ سؤال ظل يراود شيماء طوال طريقها إلى الطبيب بابنتها.. تمنت لو تكون مخطئة، وأن يخلف القدر ظنونها، في البداية طمأنها الطبيب لكنه طلب أشعة على الأذن.

وتقول لـ«الرؤية»: «كانت صدمتي كبيرة عندما علمت أن طفلتي الصغيرة لا تسمع وهي بهذا العمر، كنت أنظر إليها أثناء نومها وأظل بجوارها أبكي بالساعات، لا أتخيل تلك الفكرة على الإطلاق، فمن سيكون جوارها إن أصابها مكروه، دعوت الله أن يمن عليها بالشفاء، وقصدت أهل الخير لإجراء عملية لزراعة قوقعة».



حصلت شيماء على تعليم متوسط، ولا تعمل، فيما يشتغل زوجها عاملاً باليومية، فكان توفير ثمن العملية الباهظ مستحيلاً، حيث تتكلف نحو 140 ألف جنيه مصري، فكيف يوفرون هذا المبلغ، وهم بالكاد يوفرون قوت يومهم، لكن تدابير الله غلبت تدابير البشر.

وتضيف «ساعدنا أهل الخير في الإسكندرية في تجميع كامل المبلغ، وأُجريت عملية زراعة القوقعة لأول مرة، لكنها للأسف فشلت».





أجهشت الأم بالبكاء «لا أريد تذكر تلك الفترة، أخبرني الطبيب أن ابنتي ستتمكن من التحدث خلال 5 أشهر، لكن عرفت من طبيب آخر أن العملية كانت فاشلة، فكيف لأملي أن يتلاشى بخطأ طبيب».

وتُضيف «أجرى الطبيب العملية مرة أخرى على نفقته كتصحيح لخطئه الأول، وافقت رغم عدم ثقتي به، لنُجري عملية ثانية في سن 5 سنوات، لتفشل هي الأخرى، ونكتشف بعد ذلك من أحد الأطباء أن الأذن التي أُجريت بها العملية غير صالحة لإجراء عملية لزراعة القوقعة، وهو ما يعني أن ما قام به الطبيب كان كالحفر في الماء، وما حدث هو «بهدلة» لا بنتي فقط».





صراع مع الزمن

بعد فترة أجرت شيماء فحصاً آخر لابنتها خرجت منه بأمل جديد، فإحدى أذني فرح يمكن إجراء زراعة قوقعة بها، وهو أمل كبير بالنسبة للأم، حتى وإن كان نصف أمل حد وصفها.

وتتابع «أجرينا العملية، وركبت ابنتي السماعة لتقريب الأصوات حين كان سنها 8 سنوات، ولمدة عامين كاملين أحسست أنني ألاحق الزمن، أردت تعويضها عن 8 سنوات كاملة عاشتها دون أن تسمع كلمة واحدة، وبجلسات التخاطب استطاعت نطق بعض الكلمات، لكنها كانت لا تتحدث معنا دائماً، وهو ما كان يُصيبني بالحزن الشديد، دعوت الله ليلاً ونهاراً أن تحب الحياة، وتبتعد عن حالة العزلة التي فرضتها عليها ظروفها قبل أن تفرضها هي على نفسها».





قناة يوتيوب

بدأت فرح مع والدتها رحلة الكلام، بدأت تفسير بعض الكلمات، وبدأت الأم الطريق، إلى أن لفت نظر الأم مؤتمر «أصحاب الهمم» في العام الماضي، لتدخل نوبة بكاء شديدة بعد سماعها أغنية «لازم تكون» للفنان حسين الجسمي، بكاؤها جعلها أكثر قوة لتقبل التحدي الذي وضعه القدر لها، وصممت أن «تكون» ابنتها قدوة.



وتتابع «بعدما شاهدت فرح معي المؤتمر وعلى غير العادة تتحدث معي، قالت لي «عاوزة أكون مشهورة» وأطلع في التلفزيون زي الأطفال دي».

فكرت بتصوير مقاطع فيديو معها منها أُعلمها الكلام وأكسر حاجز الوحدة الذي فرضته على نفسها، ومن ناحية أخرى أُعزز ثقتها بنفسها، وهو ما حدث بالفعل، عندما طلبت مني أن تصنع طبق البيض بنفسها لم أرفض، وتركتها تُجرب ذلك، نشرت الفيديو على صفحتي، وحقق رواجاً كبيراً».

رأت شيماء أنها لا بد أن تأخذ بيد ابنتها لعالم مختلف تجتاز خلاله الممارسة الحياتية والاحتكاك المباشر مع البشر، عن طريق تعريفها طرق الطهي المُختلفة والرسم والعزف والتوابل، وهي العوالم التي أدت لرسم الفرحة في عيون فرح، لتؤسس قناتها الخاصة للطهي وهي القناة التي حققت انتشاراً ورواجاً لفيديوهات الطفلة الصغيرة.