الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

فنانون ونقاد: "أمانة الإبداع" في مهب ريح برامج المسابقات والحل في أكاديميات رسمية

فنانون ونقاد: "أمانة الإبداع" في مهب ريح برامج المسابقات والحل في أكاديميات رسمية
وصف فنانون ونقاد واختصاصيون نفسيون روشتة عاجلة تساعد على ردم الفجوة التي أظهرتها عملية صناعة النجوم التي باتت تصدر أنصاف مواهب سواء على الشاشة الكبيرة أم الصغيرة أو حتى أمام ميكروفون الطرب.

وأكدوا في استطلاع أجرته "الرؤية" أن الحل يكمن في استحداث أكاديميات رسمية تشرف عليها الدولة، حتى تستطيع تخريج فنانون يستطيعون تحمل أمانة الإبداع، عبر استثمار طموح المواهب الشابة، واستغلال رغبتهم في الظهور من خلال التمثيل والإخراج والكتابة، عبر الاستعانة بأساتذة متخصصين الأمر الذي يثري الزاد الثقافي للفنان، ويأتي بنتائج إيجابية لاحقاً، حيث تصنع منه نجماً حقيقياً.

وحذروا النجوم من أن لهم ضحايا خاصة من المراهقين الذين يتأثرون بما يفعلونه، مؤكدين أن النجومية تتطلب أن يكون الشخص صاحب رؤية وهدف ورسالة في الحياة، ومشيرين إلى ان الجمهور مازال قادراً على التفريق بين الموهبة الحقيقية والمزيفة.

ووصفوا المعادلات التي تتحكم في صناعة النجوم بأنها خارج المنطق، وتفتقد إلى أبسط معايير الخلق القويم، مشيرين إلى أن أمر هذه الصناعة بات في يد الشللية، الوساطة، العلاقات والمُصادفة، مؤكدين أن هذه المشكلة تعود في الأساس إلى أن المتحكم في هذه الصناعة، منتجون غير مؤهلين علمياً يفرضون وجوها لمجرد رغبتهم في ذلك.

وعتبوا على القائمين على معظم برامج مسابقات المواهب، حيث يروون أنها لا تستهدف صناعة نجم حقيقي، حيث يجري التلاعب في النتائج للاحتفاظ بنسب مُشاهدة عالية، وتحقيق عائد مادي بفعل الإعلانات باستثناء نماذج نادرة.



سلاح ذو حدين

اعتبرت الاستشارية النفسية والتربوية الدكتورة هالة الأبلم صناعة النجومية سلاحاً ذا حدين، وبالفعل المجتمع هو من يدعم تلك الصناعة، ولكن المشكلة أن من يعتبرون نجوماً لم يقدموا شيئاً إيجابياً.

وتابعت "إن مشاركة بعض فئات الجمهور وأفراد المجتمعات وخاصة المراهقين لمقاطع فيديو لتلك الشخصيات المزيفة ساهم في جعل أخبارهم مهمة للمجتمع وهم في الحقيقة صفر من 10."

وحذرت من أن للنجومية ضحايا وخاصة المراهقين الذي يتأثرون بما يفعله ذلك النجم، فالمجتمع يصنع من اللاشيء شيء، لذا وجب التوعية بهذا الشأن والتنبيه عنه، ومن المهم تحذير من يبحثون عن النجومية أو ينجمون من لا يستحق أن يعلموا أن النجومية تتطلب أن تكون شخصاً صاحب رؤية وهدف ورسالة في الحياة.



عملية متشعبة

وصف رئيس مسرح دبي الوطني ياسر القرقاوي، صناعة النجومية بالعملية المتشعبة، إذ أحياناً تكون من اختيار الجهات المنتجة كجزء من عملية التسويق، وفي أحبان أخرى يصنع آخرون النجومية لأنفسهم ويسعون للتألق دائماً فيكون لديهم شغف في ذلك، وفي قليل من الأحيان تأتي الفرصة لمن لا يريدها فتفتح له أبواب الشهرة على مصراعيها.

وأكد أنه إذا كان الهدف من وراء النجومية التسويق والاستثمار، فلا ضير في ذلك لأن الاقتصاد عصب الحياة، لذلك نجد شركات مختصة في صناعة النجومية.

ويؤمن القرقاوي بأهمية برامج اكتشاف المواهب إلا أنه يؤكد أن هناك برامج تسوق لمن لا يستحق سواء من مواهب أو لجان تحكيم من فنانين غير مؤهلين، مشيراً إلى أن الجمهور هو المسؤول عن منح وتمرير ألقاب النجوم البراقة.



فكر رصين

يعتقد الفنان والمخرج الإماراتي مرعي الحليان، أن من يتحكم في معادلة صناعة النجم هو النجم نفسه بما يقدمه للجمهور، من فكر وفن وإبداع رصين، مشيراً إلى أن الجمهور لا يصنع من الفنان نجماً إلا إذا اقتنع بما يقدمه، من دون عمليات تجميل مزيفة.

ولا يجد الحيان مشكلة في أن تستهدف عملية صناعة النجم الربح، فهو برأيه أمر مشروع لكن يشترط أن يكون النجم حقيقا وليس مزيفاً.

وتأسف لوقوف برامج اكتشاف نجوم خلف تصدير أنصاف المواهب التي لا تشبه مجتمعاتنا، متهماً القائمين عليها بالمساهمة في خدش ثقافة المجتمع.



احترافية ومهنية

ذكر الممثل السعودي ناصر القصبي، أن الفن الخليجي في أمس الحاجة لكوادر جديدة وصناعة نجوم محليين، مؤكداً أن المنطقة تزخر بالمواهب الفنية في كافة المجالات، كما أن اكتشاف المواهب الشابة وتدريبها وصقلها عملية ليست بالسهلة.

وأضاف أن صناعة النجم مسألة في غاية الأهمية وتحتاج إلى الاحترافية وتواجد شركات إنتاج كبرى.

بينما أكدت المطربة السعودية الشابة ريم محمد، أننا في دول الخليج بحاجة إلى جهات إنتاجية ذات خبرات كبيرة في مجال صناعة النجوم، وللأسف الجهات الموجودة بلا خبرة، وهمها الوحيد الربح وبطريقة سريعة.



مصداقية

بينما شدد الممثل السعودي تركي اليوسف، على أهمية وجود أكاديميات فنية متخصصة في صناعة النجم تكون تابعة للدولة حتى تحصل على المصداقية، مؤكداً ضرورة تدريب المواهب وصقلها فنياً بالشكل المناسب أولاً.

وترى الفنانة اللبنانية ليلى إسكندر أن دول الخليج تزخر بالمواهب الشابة المميزة في الفن، وأن هؤلاء الفنانين الصاعدين بحاجة إلى التدريب وصقل الموهبة ومن ثم الإنتاج الاحترافي.

وتؤكد الممثلة السعودية ليلى السلمان أن هناك مواهب شابة كثيرة في المنطقة لكنهم بحاجة لشركات إنتاج ضخمة لدعمهم وتقديمهم في أعمال تصنع لهم الشهرة والنجومية.



خارج النص

وصف الناقد الفني طارق الشناوي المعادلات التي تتحكم في صناعة النجوم بأنها خارج النص أو المنطق، مشيراً إلى أنه يبزغ نجم في عالم التمثيل أو الغناء لكن للحظات، لكن هذا لا يستمر إلا برغبة الجماهير.

ويُضيف: فقدنا بوصلة اختيار المواهب، حيث لا نملك المُنتج صاحب العين الخبيرة في اختيار الموهبة وصناعة لها الفرصة، فاختيارات المُنتجين الآن لا تجعل الموهبة ضمن أولوياتها، حيث بتنا نعتمد على الصدفة في اكتشاف النجوم، بعيداً عن الأسس العلمية لرعاية المواهب.



فبركة وتلاعب

يؤمن الناقد الفني رامي المتولي بأن عصر صُناع النجوم ولى، فحالياً الكل يبذل مجهوداً في اتجاه واحد حتى تأتي الفرصة، وقد لا تأتي، وهذا ما يجعلنا نلاحظ اختفاء موهوبين، نتيجة اعتمادهم على "الصدف" أو حظهم في وجود فرصة أكثر من كونهم موهوبين.

ويستطرد "على مدار عصور السينما هناك أنصاف مواهب جرى تصديرهم، لكن نجوميتهم زائفة قد تختفي، بعد أن أخذوا فرصتهم بناء على معايير المظهر وحسن الطلة، مثل حسين فهمي الذي حظي بفرص رغم ضعف موهبته في وقت اعتبر ممثلاً من الصف الأول، وهو ما يؤكد أن الموهبة الآن لا تكفي لصناعة نجم.

وأكد أن معظم برامج المواهب لا تهدف لصناعة نجم حقيقي، حيث يجري التلاعب في النتائج للاحتفاظ بنسب مُشاهدة عالية، وتحقيق عائد مادي بفعل الإعلانات باستثناء نماذج نادرة.

وهو ما تؤكده كذلك الناقدة ماجدة خير الله والتي ترى أنه ليس شرطاً أن يتصدر أصحاب الموهبة المشهد، فهناك عوامل أخرى تتحكم في تلميع نجم دون آخر، مثل العمل على تنمية الموهبة، واستغلال الذكاء في تنميتها، معتبرة الموهبة جزء من النجاح وليست كله.



الجمهور الحكم

ويرى الناقد الفني محمود فوزى السيد، أن الموهبة في هذا العصر لم تعد تكفي لصناعة نجم، فهناك عناصر أخرى مثل، الحظ، المعارف، بذل الجهد، الذكاء في الاختيار، الذكاء في تحديد الهدف، وآلة إعلامية تسوقه جيداً، مشيراً إلى أن "سوشيال ميديا" لا تصنع نجماً سيمائياً بشكل كبير، لكنها قد تصنعه في حالة احتراف الغناء.

ولفت إلى أن الجمهور هو من يتحكم حتى الآن في صناعة النجم، وأن من يعتقد أن "سوشيال ميديا" أحد عوامل بناء النجم فهو مخطئ، لأن نجوميتها زائفة.

واعتبر يوتيوب المؤشر الأول عن مستوى نجومية مطرب، نظراً لأن معظم الأغنيات يتم طرحها عليه، فيحقق الانتشار والمكسب المادي.



أزمة فنية

أكد الناقد الفني كمال القاضي، أن عملية صناعة النجم ليست بمعزل إطلاقا عن صناعة الفن ذاته، فإن كانت لدينا أزمة في صناعة المُصنف الفني فمن الطبيعي أن تكون لدينا أزمة في صناعة النجم، والواقع الفني يؤكد أن هناك عشوائية في العملية الإبداعية وأحد أوجها المحسوبية وعدم وجود تكافؤ في الفرص.

وأكد أن الأمر متروك للمُصادفة والوساطة والعلاقات التي تلعب دوراً رئيسياً في تمدد الظاهرة التي تسببت بالفعل في حجب مواهب حقيقية لصالح آخرين لا يتمتعون بالحد الأدنى من الموهبة.

وحدد عدداً من العوامل التي أدت إلى بروز أنصاف المواهب، حيث يأتي على رأسها تحكم عناصر غير مؤهلة في الإنتاج وفرضهم وجوها لمجرد رغبتهم في ذلك، فضلاً عن ضعف المُخرجين المنوط بهم اختيار المُمثلين أمام سطوة المنتج.

ويتابع: كذلك تقصير النقابات في متابعة ما يحدث من عبث، يُضاف إلى ذلك دور الرقابة المُلتبس إزاء هذه القضية فهي لم تُحاسب أحداً من المُتسببين في إفساد الذوق وهبوط مستوى الإبداع.