الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

كريم العراقي: الساحة حبلى بشعراء مدعين.. وحال الأغنية مرعب

قال الشاعر العراقي كريم العراقي إنه عبر مرحلة المخاوف ويعيش الآن مرحلة الرعب نتيجة اختلاف طريقة انتشار وإنتاج الأغاني، معرباً عن قناعته بأن العمل الصادق لا يمكن أن يمر مرور الكرام منوهاً عن قناعته بأنه قد يخبو لكنه في فترة الصحوة يعود للتألق وتعيده الذاكرة.

واعتبر حصوله على الإقامة الذهبية من دولة الإمارات منذ أيام قليلة فضلاً عن مكرمة تحمل نفقات رعايته الصحية لعلاجه من مرض السرطان في أبوظبي، التكريم الأكبر الذي ناله خلال مسيرته.

وأوصى الفنان العراقي الذي التقته «الرؤية»، رغم حالته الصحية المتدهورة، وإقامته تحت الرعاية الطبية في مستشفى كليفلاند بأبوظبي، شباب الفنانين بالعمل على تطوير أنفسهم، مؤكداً لهم أن الأغنية رسالة وليست متعة للحظة معينة، حيث البقاء للأفضل والخلود للأصدق إنسانياً، لا سيما في ظل ساحة حبلى بنتاج شعراء مدعين، تحركهم ماكينة المال والإنتاج، فيما أكد أن زمن انفراد المطربين، دون الشعراء بصك النجومية، قد ولّى.

  • في البداية حمدا لله على السلامة.
أشكركم جزيلاً على اهتمامكم. وأنا مستمر في العلاج وبإذن الله بفضل دعائكم وأمنيات الطيبين ستتكلل معركتي مع هذا المرض بالنجاح.

  • ذقت طعم النجومية مبكراً فكيف حافظت عليها في زمننا الصعب؟
ثمن النجومية المبكرة غالٍ، والحمد لله نلتها منذ أول أغنية كتبتها في فترة السبعينيات، لذلك فالحفاظ عليها صعب جداً، دفعت ثمنه كثيراً من صحتي وعائلتي ومن ظروف كثيرة. وخسرت الكثير من الملذات، لكن أحمد الله لأنني مقتنع بما أنا عليه الآن.

  • هل ثمة مخاوف في رحلة الحياة مع متطلبات السوق والمنتجين؟
لا، لأنني عبرت مرحلة الخوف، والآن أنا أعيش مرحلة الرعب نتيجة انقلاب واختلاف طريقة انتشار وإنتاج الأغاني، فالأغنية الآن لا تحتاج شركة إنتاج، وباتت تطلق من أي منصة إلكترونية. كما أن الأغاني الكبيرة باتت متاحة لأصحاب الأموال فقط، الآن نجد مطربين وشعراء لا يملكون أدوات المهنة ومع ذلك يقف وراءهم كنز من الميزانية اللامحدودة، لكن الجمهور ذكي ويستطيع أن يفرق بين الموهبة وأنصاف الموهوبين.


  • ما القصائد أو الأعمال المسرحية التي أحببتها لكنها مرت مرور الكرام على الجمهور؟
عادة العمل الصادق لا يمر مرور الكرام، ربما التوقيت غير صحيح أو الوضع خاطئ. على سبيل المثال لم تنجح في أي بلد يعاني من ويلات الحروب، أي أعمال كبيرة إلا في مساحات معينة. لذلك لكل حالة ظروفها الخاصة. والعمل الكبير قد يعاد ويخبو لكنه في فترة الصحوة يعود للتألق وتعيده الذاكرة، الأصالة والجذور الحقيقية لا تموت، العمل الكبير يبقى كبيراً.


  • الجمهور يعشق قصائدك فكيف تختار الفنانين لغنائك وما هي شروطك؟
حقيقة لا توجد لدي شروط. وأشكر الجمهور الذي يستقبل القصائد الناجحة التي لا تأتي بسهولة إطلاقاً. وعلى سبيل المثال العمل مع كاظم الساهر متعة، لكن تكتنفه أعباء كثيرة في الاختيار والدقة والتغيير، أما الفنانون الآخرون فتعاملي معهم محدود، أحياناً أختارهم، وأحياناً أخرى الملحن هو من يختار. وبعضهم ينجح في عملين أو 3 ومن ثم يفضلون التنويع. لذلك عادة لا أتقدم بعروضي للفنانين، بل أنتظرهم حتى يتقدموا لي كي أختار لهم ما يليق بهم.

  • برأيك أيهما يكون أكثر تفوقاً الموسيقى أم الكلمة، أم أنهما يكملان بعضهما ولا ينجح العمل إلا بالاثنين؟
أحياناً تكون الموسيقى أقوى. إذ توجد موسيقى جاهزة مستوردة يضعون عليها كلمات الأغنية، وقد تكون الموسيقى المسروقة أو المنتحلة أقوى من الكلام الذي يأتي مفتعلاً. وأحياناً يصادف أن يلتقي الكلام مع اللحن ويحقق نجاحاً وينتشر. أما الطريقة الحقيقية فهي التجانس بين الكلمة اللحن حتى الإخراج والتوقيت. أيضاً التوزيع الذي أصبح له دور كبير في نجاح العمل، فضلاً عن الصورة.

  • غالباً ما ينسب النجاح للمغني ولا يهتم الناس بالشاعر، فما رأيك؟
هذه الحالة كانت في السابق، أما الآن، فالجمهور الحقيقي المتابع يبحث عن فريق العمل بداية من الشاعر مؤلف الكلمة، الملحن، والموزع. صحيح أن النجومية في المرتبة الأولى تكون للمطرب، لكن لدينا شعراء ارتقوا إلى مقام المطربين ويشار لهم أيضاً، خاصة بعد انتشار الفضائيات وسوشيال ميديا، حيث بدأ الجمهور في البحث عن أركان وأبطال العمل كاملاً، الذين لا يقل دورهم الإبداعي عن المطرب، وحقيقة أعتبرهم عائلة يحق لها أن تحتفل سوية بالنجاح.

  • حصدت العديد من الجوائز آخرها جائزة الأمير عبدالله الفيصل العالمية للشعر العربي.. فما هي الجائزة الأقرب إلى قلبك؟
سعيد جداً بهذه الجائزة وهي للمرة الأولى تمنح لشعر الفصحى الغنائي. ولدي جوائز أفخر بها مثل جائزة اليونيسيف عن قصيدة الأطفال «تذكر» التي غناها الفنان كاظم الساهر، كذلك أعتز بأن أكون صاحب أول قصيدة تصبح طوابع بريدية في 2007، وهي عن بغداد «تعالي أقبل وجهك»، وقد غناها كاظم الساهر في مهرجان عالمي لنصرة العراق.

أيضاً هناك جائزة قلادة الإبداع التي حصدتها من مؤسسة الشرقية للإعلام المستقل وهي جائزة مهمة جد.

لكن أعتبر حصولي على الإقامة الذهبية في دولة الإمارات منذ أيام قليلة التكريم الأكبر، إضافة إلى مكرمة تحمُّل نفقات رعايتي الصحية لعلاجي من مرض السرطان. فيما أعتبر حب الجمهور أهم الجوائز التي حصدتها، وتواصلهم معي هاتفياً للاطمئنان على حالتي الصحية، الأمر الذي ساهم في رفع معنوياتي، فأنا حقيقة محاط بجيش من المحبين، الأمر الذي يعطيني طاقة إيجابية للتغلب على المرض.

  • أهديت وطنك أخيراً «حان قطاف الثورة» فهل تمنيت مشاركة المتظاهرين في المطالبة بحقوقهم؟
معظم قصائدي التي قدمتها هي هدية للوطن. وأنا مع وطني خطوة بخطوة سعيد جداً في كل زيارة لوطني العرق، حيث أرى قصائدي في الشوارع «الشمس شمسي والعراق عراقي، كثر الحديث» والكثير من القصائد التي أصبحت على ألسنة العراقيين. أنا معهم ومع طلباتهم التي بدأت ولدينا أمل في حكومة قادمة تسمع رأي الشارع، لذلك هم في ضميري وأنا في ضميرهم.
  • هل يمكن لقصيدة أن تنقذ العالم من الدمار الذي أصاب القيم، والخواء الذي يلف الإنسان الآن؟
بالطبع القصيدة تبقى نابضة بالحياة. قد لا تستطيع أن تنقذ العالم من الخراب لكنها تؤدي دوراً كبيراً. بالنسبة لي رصدت بأم عيني فيما يخص تجربتي في قصيدة «جيب الكأس جيبه»، رأيت أنها وحدت العراقيين في فترة الطائفية وغنتها كل الطوائف والأديان شعرت بسعادة كبيرة، على الرغم من أنها لم تغير أو تبعد عنا الخراب لكنها أعطت روحاً إيجابية لأنها تحمل رسالة إنسانية راقية، وكذلك قدمت قصيدة «التسامح» والتي غناها الفنان حسين الجسمي وبلقيس والتي تتغنى بالإنسانية والطفولة.

لدى القصيدة القدرة على أن تفعل الكثير، وتجارب الشعراء غيري كثيرة لذلك نعم تستطيع القصيدة أن تغير شيئاً، قد لا تغير الأحداث لكنها إشارة قد تفضح المرتشي والسارق، وتعمر الوطن تزيل الأحقاد.

  • هل لديك مشروع لجمع قصائدك التي تتضمن «دراما» مسرحية في كتاب؟
حقيقة أتمنى أن أجمعها ولدي في الطريق جزء ثانٍ من «الأغاني وحكاياتها»، الذي تأخر كثيراً، حيث صدر الجزء الأول في عام 2000 وكان له صدى جميل. عامة لدي أكثر من 500 أغنية فيها الكثير من الحكايات المشوقة.

  • الأغنية العراقية تصدرت فترات كثيرة.. فهل أنت راضٍ عن الأغاني التي تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي؟
حقيقة، وجدت أعمالاً رائعة وشباباً مبدعين في الشعر اللحن والغناء. أحييهم على هذه الأعمال الجميلة، لكن الأمر يحتاج إلى غربلة لأني وجدت أعمالاً تحتوي على ألفاظ غريبة لكن في غير موضعها، حيث تغري البعض المفردة الغريبة، وحقيقة كنت سباقاً في استخدام اللغة، لكنني حاولت تقريباً لأخوتنا العرب في كل مكان.

ورسالتي لهؤلاء الفنانين أن يعملوا لتطوير أنفسهم، فالأغنية رسالة وليست متعة للحظة معينة مغرية للنجاح السريع، والبقاء للأفضل والخلود للأصدق إنسانياً.

  • ألم تشتق إلى الكتابة للمسرح والطفل؟
لم أنقطع إطلاقاً عن المسرح وعن الأطفال. لدي مسرحية «المساء الأخير» التي كان من المفروض أن يقدمها المخرج الراحل عوني كرومي، وظلت داخل الأدراج سنوات والآن أعدت صياغتها. والآن لدي مسرحية جاهزة قريباً سترى النور أحتفظ بتفاصيلها الآن. أما الأطفال فقدمت لهم آخر أعمالي مسرحية «أنشودة» لمركز راشد لرعاية الأطفال أصحاب الهمم، وأنا معهم منذ التسعينيات لم أنقطع عنهم.