في قلب «مقابر المماليك»، يعمل نافخو الزجاج أمام أفرانهم الحجرية التي تزيد حرارتها على 50 درجة في حي غني بالتراث من أحياء القاهرة الإسلامية يشهد عمليات تطوير واسعة.
وانضم نجار وورشة لتصنيع الجلود وأخرى لصناعة الحلي إلى مجموعة الحرفيين المتخصصين في صناعة الزجاج الذين يشتهر بهم المكان والذين يتركزون أخيراً بجوار مسجد السلطان المملوكي قايتباي.
وتحيط بهذه التحفة المعمارية العائدة للقرن الـ15 والمطبوعة على أوراق النقد المصرية من فئة جنيه واحد، مدافن ضخمة وأزقة مغبرّة ومساكن عشوائية في منطقة مقابر المماليك المأهولة والتي تمتد لمسافة تزيد على 6 كم.
ويقول عصام أبو رامي (57 عاماً) الذي يملك مطعماً صغيراً أمام المسجد "قبل المشروعات كانت هناك أكوام من القمامة في كل مكان في الشوارع، الآن تأتي شاحنة يومياً لجمع القمامة".
وفي هذا الحي الفقير في العاصمة المصرية، يباع الإنتاج المحلي في محلات أنيقة أسفل قباب حجرية مرممة، ولكن أيضاً عبر الإنترنت.
تنمية مجتمعية
بدأ التطوير قبل 6 سنوات من خلال تجديد «حوض» كان مخصصاً في الأصل لتشرب منه الحيوانات، ثم جرى ترميم «المقعد» وهي قاعة الاستقبال في مقر إقامة السلطان.
وبدأ الاتحاد الأوروبي المشروع الأخير في عام 2018 وساهم في تمويله بمقدار مليون يورو تقريباً وأطلق عليه «التراث من أجل الأحياء في مقابر المماليك». ويركز هذا المشروع على التنمية المجتمعية.
وتضطلع مديرة المشروع المهندسة المعمارية أنييتسا دوبروفولسكا بدور أساسي في التحول الذي يشهده الحي، اذ أشرفت على ترميم المباني الأثرية وتجديد الورش وحتى على تصميمات الحلي والمنتجات الجلدية التي تستلهم الزخارف المملوكية.
وتقول دوبروفولسكا وهي مديرة مكتب أركينوس الاستشاري «عندما وصلنا إلى هنا، كان هدفنا الأساسي هو المحافظة على الآثار المعمارية»، مضيفة "لكننا أدركنا سريعاً أنه لا يمكننا تطوير الآثار من دون أن نأخذ في الاعتبار الناس الذين يعيشون في الحي".
أما اليوم، وبعد بضعة أسابيع من التوقف بسبب فيروس كورونا المستجد، فقد استعادت ورشتا الجلود والحلي نشاطهما، مع 40 امرأة يعملن على الجلود وقرابة 10 نساء في صناعة الحلي. ويجري تسويق كل المنتجات باسم العلامة التجارية "مشكاة".
وتبدو عايدة حسن (45 عاماً) سعيدة بقدرتها على كسب «1500 جنيه شهرياً (96 دولاراً) وأحياناً أكثر» بفضل حرفتها الجديدة. وتشير إلى أنها دربت أيضاً سيدات أخريات على تصنيع الجلود.
وبموازاة ذلك، تلقى مئات من أطفال وسيدات الحي دروساً وتدريبات في موضوعات متنوعة مثل العلوم والتكنولوجيا واللغة الإنجليزية والرياضة.