الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

شيرلي جاكسون.. «حبيبة هوليوود» التي أبدعت يانصيب الرعب وكتبت بمكنسة الساحرة

شيرلي جاكسون.. «حبيبة هوليوود» التي أبدعت يانصيب الرعب وكتبت بمكنسة الساحرة

روعت تلك المرأة أمريكا والعالم بقصصها المخضبة بالدماء، والتي يكمن الرعب خلف كل حرف فيها، وفي الوقت نفسه لم تكن حياتها الخاصة أقل شراً ورعباً وروعة عن قصصها كما يكشف لنا فيلم شيرلي عن قصة حياة الأديبة شيرلي جاكسون.



شيرلي امرأة غريبة الأطوار كان يحلو لها أن تقص كيف واتتها فكرة روايتها lottery أو اليانصيب التي سببت صدمة لآلاف الأمريكيين عند نشرها، وكانت تهمس لقططها بقصائدها، وجسدت معاناتها وإحباطاتها منذ الطفولة في قصص رعب غير مسبوقة، ما أكسبها لقب "حبيبة هوليوود".

كانت شيرلي عائدة من جولة تسوق لشراء بقالة الأسرة، عندما واتتها فكرة الرواية، فأوصلت ابنتها الصغيرة إلى الروضة، ووضعت البقالة جانباً، وجلست لتكتب القصة على الآلة الكاتبة وأكملتها عند الظهر في موعد عودة ابنتها من الحضانة.

وعندما نشرت الرواية في مجلة نيويوركر في يونيو 1948، سببت حالة من الغضب والثورة والذعر لدى القراء، وكتب الآلاف منهم محتجين لدى الصحيفة على نشر العمل الروائي، وألغى المئات اشتراكهم في المجلة.

ولم تكن أمريكا فقط التي انتابها الرعب، فقد حظرت القصة في جنوب إفريقيا التي كانت تطبق سياسة الفصل العنصري، بدعوى أنها اعتداء صارخ على التقاليد.



قصة تلك المرأة وسيرتها الذاتية يجسدها فيلم شيرلي من بطولة إليزابيث موس، حيث يتطرق إلى المراحل الهامة في حياتها وعلاقتها الغريبة مع زوجها.

تتحدث رواية لوتري أو اليانصيب التي كتبتها شيرلي عن يانصيب يقام في كل عام في قرية بنيو انجلند لاختيار واحد من السكان يكسب كعكة فواكه أو دور بطولة في استعراض القرية.



مهلاً ولكن الحدث لا يقف عند هذا الحد، بل إن اليانصيب يتضمن اختيار أحد السكان لكي يرجم حتى الموت، حتى على أيدي أقاربه، في طقس للتضحية ليقدم كقربان من أجل ضمان موسم حصاد جيد، وخير وفير للقرية.

حتى ربة المنزل تيسي هاتشنسون سحبت ورقة اليانصيب المكللة بالسواد بيديها لتكتشف أنها اختارت نفسها، وساقت نفسها إلى الموت، الذي شارك فيه حتى ابنها الصغير.





الطريف أن جاكسون التي ماتت بأزمة قلبية وعمرها لم يتجاوز 48 عاماً، كانت، بخبث، تتظاهر بالدهشة من الضجة المثارة حول أعمالها، حتى وصفها بعض القراء بأنها أشبه بساحرة صبت لعنتها على الناشرين والقراء على حد سواء، مؤكدين أنها لا تستخدم القلم بل عصا ومكنسة السحر الشهيرة!

وبعد عقود من نبذها باعتبارها كاتبة موهوبة ولكنها غريبة الأطوار أهدرت إمكاناتها بتأليف قصص رعب، أصبحت حبيبة هوليوود، بعد أن قدمت نتفليكس معالجة درامية لقصتها The Haunting Of Hill House أو مطاردة هيل هاوس التي تعد من أفضل قصص الأشباح والعفاريت.

كما تستعد دور السينما لاستقبال فيلم شيرلي وهو سيرة ذاتية عن تلك الكاتبة المثيرة للجدل والخوف والرعب، تتطرق لحياتها وعلاقتها العجيبة مع زوجها، وتلعب دورها إليزابيث موس.

والفيلم مأخوذ عن رواية تحكي تاريخ حياة تلك الأديبة ورواية «اللوتري» أو اليانصيب التي جلبت لها الشهرة والنجاح.

ويرشح أداء موس الرائع تلك الممثلة للدخول في قائمة أوسكار أفضل ممثلة، بعد أن برعت في تجسيد معاناة الكاتبة وحياتها المعقدة منذ تعرضها للتحرش في طفولتها، وحتى الضجة التي أثيرت حولها حتى وفاتها.





ولدت شيرلي جاكسون في سان فرانسيسكو في عام 1919، لعائلة محافظة، وكانت أمها جيرالدين تخفي إحباطها بسبب بدانة ابنتها، وأحبطت بدورها الصغيرة عندما أخبرتها أنها حاولت إجهاضها ولكنها فشلت!

ولسوء حظها، لم تكن معاملة زوجها أحسن حالاً، فقد كان يخونها، ويحاول أن يكبت مشاعرها، ويجبرها على سماع نزواته، ما أدى في النهاية إلى إصابتها بالإحباط وإدمان الأدوية المهدئة، إلى جانب فوبيا الخلاء.

الاكثر من ذلك أن غيرة الزوج من نجاحها، دفعته لكي يشيع أنها تكتب وهي فاقدة الوعي، وهو الذي ينقح كتاباتها، مع تحكمه في دخلها من الكتابة.





وقرأت شيرلي كثيراً في كتب ما وراء الطبيعة وخاصة سحر الفودو واستنساخ الأرواح، وكانت قططها أنيستها الدائمة تقفز على كتفيها أثناء الوجبات، وتهمس هي بقصائدها في أذنيها.

وبلغ شغفها بالسحر أنها هددت الناشر النيويوركي الفريد نوف بأن تسحره وتصب عليه اللعنة عندما اختلفت معه في بعض الأمور المادية.



ولم تكن تلك الأديبة محبوبة بين جيرانها قبل كتابة روايتها «اليانصيب»، وكان الأطفال يقذفونها بالحجارة أثناء سيرها، وزاد سخط الجيران منها بعد أن وصفتهم في روايتها بالمتوحشين.

وبعد 6 روايات و200 قصة قصيرة، توقفت شيرلي عن الكتابة، وفي يوم، خلدت لغفوة قصيرة لم تستيقظ بعدها.