السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الأغنية الوطنية.. رسائل محبة وإبداع يعزز الانتماء

قديماً غنوا لإشعال الحروب ودقوا الطبول لاستنفار الجنود لخوض المعارك، ونحن في الإمارات نغني للوطن المحبة والوطن السلام، فيخرج الغناء من قلب الفنان ترجمة لقلوب المواطنين والمقيمين وتعبيراً حقيقياً عن المحبة ورسالة وطنية بالسلام لكل العالم.

الغناء للوطن والتغني به واجب وطني وفرصة سانحة للفنان الإماراتي ليعبر عن محبته لشعبه وقادته، ويرسخ لدى الجيل الجديد الانتماء، وفي الإمارات كانت الأغنية الوطنية ملازمة لتأسيس الدولة. حيث نقلت مشاعر الفنانين للناس ومشاعر الإماراتيين جميعاً للعالم، تعبيراً عن وحدة فذة. قدمت الدولة نموذجاً فريداً لها في أوائل السبعينيات من القرن الـ20. وظلت هذه الأغنية التعبير الأنقى والأجمل عن نهضة وطن ورسالة أمة تتسلح بالحضارة وتنشر المحبة في ربوع العرب والعالم.

وقدم الفنانون الإماراتيون الكثير من الأغنيات الوطنية، المعبرة عن الهوية والولاء والانتماء، ومن أبرزها أوبريت «دام عزك يا وطن»، و«الإمارات وطن التسامح»، وأوبريت «الإمارات نحبها»، والأوبريت الغنائي «ولاء وانتماء»، وأوبريت «فخرك يا وطن»، وأوبريت «نور الاتحاد»، وأوبريت «قلب واحد».

من الناس إلى الناس

الرؤية استطلعت آراء المبدعين الإماراتيين حول رسائل الأغنية الوطنية وأثرها الفني والاجتماعي، ودورها المتجدد جيلاً بعد جيل.

«يا الشهم..»

في البداية قال المطرب والملحن حبيب الياسي، إنه قدم العديد من الأغنيات الوطنية، وكانت بداية مشواره الفني أغنية وطنية. وكان اتجاهه لهذا النوع بدافع الحس الوطني، مشيراً إلى أن من الأغنيات التي يعتز بها أغنية «يا الشهم» التي قدمها في عام 2017 في الاحتفال باليوم الوطني، وهي أغنية حماسية تتحدث عن دور الجيش، وتاريخ الإمارات لتوعية الشباب بجانب مهم من تاريخ الوطن.

وأضاف أن العمل جاء تأكيداً على دور الفنان المحوري في خدمة الوطن، وتقديم أعمال تحفيزية وتوثيقية، سواء لـ«يوم العلم، أو يوم الشهيد، أو اليوم الوطني»، مشيراً إلى أن من المهم أن تبقى تلك الأعمال في ذاكرة الجمهور مثلها مثل العديد من الأغنيات الوطنية التي تقدم كل عام. «فالأغنية الوطنية دائماً ما تكون صادقة في إحساسها، فهي توصل صوت الشارع والشعب إلى العالم. بأن الإماراتي يعشق بلده وحكامه. والفنان الإماراتي حينما يؤدي أغنية في حب الإمارات، يؤديها كما لو كانت أغنيه تتغزل في حبيبته».

العَلَم ميثاق

فيما أشار الشاعر حسان العبيدلي إلى أنه كتب كلمات أغنية «العلم ميثاق»، التي كانت من ألحان فايز السعيد، وتوزيع إبراهيم السويدي، وغناها فيصل الجاسم، موضحاً أنها كانت أصعب أغنية كتبها، لأنه كان يريد أن يصف كل شيء أمامه، «من علم الدولة الذي يرافق بعثات الهلال الأحمر الإماراتي في كل مكان، والأيادي البيضاء لقيادتنا التي تمتد إلى مكان في العالم، لمساعدة المحتاجين من دون تفرقة بحسب لون أو جنس».

وأضاف العبيدلي «أنه كان يريد أن يصف شجاعة وبطولات الجندي الإماراتي في اليمن ومناصرته للحق وللواجب العربي، ما جعل كتابته للأغنية من أصعب ما يمكن، ولا أستطيع أن أتذكر كيف انتهيت من كتابتها، والحمد لله فرحت جداً عندما حققت هذه الأغنية صدى كبيراً في الإمارات والخليج والوطن العربي».

وفاء للقائد

وبحث الفنان والمنتج علي الياسي في عام 2014 عن الجديد والمختلف وما يليق بشعب الإمارات ليقدمه، فلم يجد، كما يقول لـ«الرؤية»: «أجمل من تقديم أوبريت يحمل اسم «الوفاء»، تعبيراً عن الفخر والاعتزاز بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وباني النهضة الحديثة فيها. قدمت الأوبريت عن القائد الذي التفت القلوب حوله داخل الدولة وخارجها».

ويضيف: «سعيت من خلال هذا العمل لإحداث بصمة خاصة بي في عالم الغناء، من خلال ضم نجوم من مختلف المجالات، وأسماء لها مكانتها في مختلف المجالات، ولم أنتظر أي مردود مادي من وراء العمل فما قمت به واجب وطني».

وطن الأمل

فيما قال الشاعر مصبح بن علي الكعبي، إنه كتب كلمات العرض المسرحي الغنائي «وطن الأمل» احتفالاً باليوم الوطني الـ44، وبمشاركة الفنانين حسين الجسمي، وجاسم محمد، وأروى، والفنان السعودي إسماعيل مبارك، وهو من إخراج الدكتور محمد يوسف.

وأضاف أن فكرة العرض كانت تقديم 6 لوحات غنائية ومسرحية، مستوحاة من شعار «روح الاتحاد»، ليحكي قصة تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة وتطورها ونهضتها التي تحققت على مدى العقود الأربعة الماضية. ويعكس العرض بطولات الرعيل الأول، ويعبّر عن تضحيات شهداء الوطن، الذين سطروا حبهم للإمارات بدمائهم.

وقال الكعبي، الذي كتب الكثير من الأوبريتات الوطنية، إن الأعمال الفنية الوطنية الهادفة ترسخ مفهوم الولاء والانتماء للوطن، «وتظل محفورة في ذاكرة الناس، وتتداولها وتسمعها أجيال متعاقبة، وتؤدي إلى دعم الشعور بالانتماء والولاء للوطن وترسيخ المكانة الرائدة والصورة المشرقة لبلدنا، إضافة إلى التعبير عن مظاهر التلاحم بين أبناء الوطن الواحد، ولذلك فكتابة أوبريت للوطن يعتبر من الصعوبات التي تواجهني لأنك تريد أن تعبّر عن مشاعرك ومشاعر الشعب تجاه هذا الوطن الغالي».

إضافة لكل فنان

وتمثل المشاركة في الأعمال الفنية الوطنية بحسب الفنان فيصل الجاسم، إضافة لرصيد الفنان، لأنها تصل مباشرة لقلوب الجماهير، وتبقى خالدة تسمعها الأجيال المتتالية كل يوم ويحفظونها، على العكس من الأغاني الأخرى التي ينساها الناس مع مرور الوقت.

«فعند الإعلان عن أوبريت وطني يتسابق كل الفنانين على المشاركة في هذه الأعمال للتعبير عن الانتماء للوطن»، لافتاً إلى أن الأغنية الإماراتية أغنية تنبض بالحس الوطني وبالولاء والانتماء، «فروحها هوية، وإيقاعها يحاكي الماضي ويساير الحاضر. والمظلة العامة للأغنية الإماراتية تبقى وطنية، لأنها أغنية هوية وولاء وانتماء».

واجب وطني

وقال الفنان والمنتج علي الياسي، إن الأغنية الوطنية فرصة يعبّر بها الفنان عن قيمة الوطن، ويلقي الضوء على لمحات من تاريخه، «كما أنها فرض وطني لا يتقاعس عنه أحد، وهذا أقل شيء يمكن أن يقدمه الفنان لوطنه ولحكام منحوا الشعب كل أسباب النجاح والرقي»، مشيراً إلى أن هناك الكثير من الفنانين من خارج الإمارات غنّوا وتغنوا بالإمارات لأنها بلد السلام والمحبة.. «فكل الموجودين على أرض الدولة يحبون الإمارات ويتسابقون للمشاركة في الكثير من الأوبريتات، والأغاني الوطنية حتى لو في المدارس».

وأضاف أن التغني بحب الإمارات لم يقتصر على أبنائها، بل تغلغل في نفوس أبناء الوطن العربي، الذين يعزفون كل عام أجمل الألحان، ليهدوها إلى الإمارات في عيدها الوطني، مؤكدين قوة العلاقات الوطيدة التي تجمع بينها وبين بلدانهم، ومنها أوبريت «الوفاء» قصة حب وانتماء في اليوم الوطني الـ43 للدولة، والذي شارك فيه أكثر من 20 فناناً، من نجوم الغناء والتمثيل في الوطن العربي، من بينهم عبدالله الرويشد، وعاصي الحلاني، وأحمد الجميري، ولطيفة، وديانا حداد، وحبيب غلوم، أروى، وحبيب الياسي.

العرب يغنون

أما الفنان والملحن الإماراتي علي النقبي، فقال إن الأغاني الوطنية لها دور كبير في نقل المشاعر الموجودة لدى الفنان عن طريق الغناء للجمهور، كما أن الأغاني الوطنية تعبّر عن اعتزازك وحبك للوطن وللقيادة الرشيدة، مشيراً إلى أن مشاركة الفنانين العرب في الأغاني الوطنية الإماراتية دليل على أن الإمارات دولة السلام والتسامح والأخوة»، مؤكداً أن الجميع يحب الإمارات سواء المقيمين على أرضها أو الموجودين في الدول العربية الشقيقة، فهذا هو وطن المحبة للجميع، خصوصاً أن الإمارات توفر بيئة جاذبة وحباً وتسامحاً لكل المقيمين والوافدين إلى أرض دولتنا العزيزة الغالية".

تطويع الموهبة للوطن

وقال علي اليوسف، مؤلف الموسيقي التصويرية، إن الأغنية تلعب دوراً مهماً في تعزيز روح الهوية الوطنية، ودوراً تفاعلياً في غرس المسؤولية الوطنية في نفوس الصغار والكبار، وتشارك الناس حبهم وانتماءهم لأوطانهم، كما أنها فرصة للتعبير عن قيم الحب والولاء للقيادة الرشيدة والوطن، لذلك ينتظرها الفنانون والجمهور معاً ليعبّروا من خلالها عن الولاء والانتماء.

ويجب على كل فنان ومبدع أن يطوع إمكاناته في خدمة الوطن، كما يقول اليوسف، وهناك مئات الأغنيات الوطنية الصادقة في الإحساس والولاء، تتغنى بحب الوطن، وقادة هذا البلد الأوفياء، وبالتالي أضحت الإمارات في مقدمة الوطن العربي، وربما العالم بأسره.