الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«ساحرتي».. ومن السحر الهندي ما قتل!

هناك مقولة شائعة تتعلق بالدراما الهندية تقول: إذا شاهدت فيلماً هندياً واحداً، فكأنك قد شاهدت كل الأفلام الهندية.

ورغم ما تحمله هذه المقولة من مبالغة وعدم دقة، فإن المقصود منها بالتأكيد هو الشكل الفني والأفكار العامة التي تدور حولها معظم الأفلام والمسلسلات الهندية، وهي مقولة تستحق محاولة تطبيقها على المسلسل التلفزيوني «ساحرتي»، أو «هذا السحر من فعل الجن» Yeh Jadu Hai Jinn Ka!" الذي يعرض حالياً على قنوات MBC وعلى منصة Shahid VIP.



«ساحرتي» واحد من أحدث الإنتاجات الهندية، والمقصود بأحدث أن الحلقة الأولى من المسلسل بثت في الهند منذ نحو عام واحد فقط، قبل أن يبدأ بثه على بعض المنصات العالمية مثل Star Plus وDisney Hotstar منذ 3 أشهر، علماً بأن عدد حلقات المسلسل تجاوزت 200 حلقة!

النظرة الأولى لأي حلقة من «ساحرتي» تشي بأننا أمام عمل خيالي يتعايش فيه البشر العاديون مع المخلوقات الغيبية من شياطين وملائكة وأصحاب قدرات خارقة للطبيعة، ومن الناحية الفنية تشي بأننا أمام عمل ساذج متواضع التنفيذ، يعتمد بكثافة على بعض تقنيات الدراما الهندية المعتادة من مبالغة في استخدام الحركة البطيئة واللقطات المقربة والثابتة مع إفراط في التمثيل والدموع والمواقف غير الواقعية، وغير المعقولة.





لكن المسلسل ناجح والملايين في الهند وخارجها يشاهدونه بحب وحماس، ومع مرور الحلقات والأسابيع والشهور يجدون أنفسهم متعلقين به وبشخصياته ولا يريدون له أن ينتهي أو أن يصل إلى سن العقل والنضج، ويعتادون حتى على إيقاعه الأبطأ من سلحفاة وعلى مؤثراته البصرية الضعيفة ولا يدهشون أو يتساءلون عن حبكته المفككة وتحولاتها المنافية للمنطق الدرامي.





يكمن سحر «ساحرتي»، مثل معظم الأعمال الهندية، في المزايا المعتادة للدراما الهندية: من ممثلين جذابين تعرف عدسات مصوريها كيفية إبراز فتنتهم كما لو كانوا من خارج هذا العالم، ومن الحديث عن المشاعر الإنسانية الأساسية من حب وكراهية وطيبة وشر وحقد وعطف، ومن الدوران في فلك العائلة والعلاقات الأسرية التي تمس معظم الناس، ومن استعراضات ورقص وغناء وإبهار بصري وسمعي، طوال الوقت، بشكل يصل لدرجة تخدير الحواس بمرور الوقت، حتى أن هذه «العيوب» التي سبق ذكرها تكف عن أن تصبح عيوباً وتتحول إلى جزء من طلسم وتركيبة السحر نفسه!





يدور «ساحرتي» وهو من إخراج عاطف خان، حول الفكرة المعتادة: الصراع الأبدي بين قوى الشر الجبارة وقوى الخير الذي يجب أن ينتصر في النهاية، قبل أن ينهض الشر ليضرب من جديد، إلى ما لا نهاية.

«أمان»، أو الممثل فيكرام سينغ، شاب وسيم جذاب ابن عائلة أرستقراطية، لكنه يتمتع بقوة خارقة لا يعرف مصدرها، تجعله يتحول أحياناً إلى وحش شرير مدمر، نعرف فيما بعد أنه ورثها من أبيه.

وعندما تبدأ قوى الشر، ممثلة في كيان عملاق هائل القوة، في مهاجمة البلد بادئة بتدمير أحد المساجد، يجد «أمان» نفسه بين قوتين تتنازعان داخله، وتظهر في حياته فتاة جميلة اسمها «روشني أحمد»، تلعب دورها النجمة الجديدة أديتي شارما، يتبين لاحقاً أنها تحمل قلب ملاك طيب، وأن لديها قدرات سحرية شافية.



ورغم أن «أمان» لا يرغب في الزواج من «روشني» بسبب أصلها المتواضع ومهنة أمها بالتبني الراقصة، إلّا أنه يضطر لذلك لإنقاذ أمه «بارفين»، والتخلص من قوى الشر التي تسيطر عليه.

في الوقت نفسه هناك روح فتاة شريرة تتقمص هيئة خطيبته السابقة التي تسعى للانتقام منه، وبعد ذلك يظهر لـ«أمان» أخ أكبر شرير يسعى للتخلص من «أمان» و«روشني».

وتتفرع الحبكة بعد ذلك إلى مفاجآت وخطوط أخرى كثيرة.

الحبكة الرئيسية لا تختلف عن معظم القصص الدرامية الهندية، من الأساطير إلى المسلسلات التلفزيونية مروراً بالأفلام: الشقيقان الطيب والشرير والفتاتان اللتان تمثل إحداهما العفة والإخلاص والتضحية وتمثل الأخرى الرغبة في الانتقام والعنف.



في العقيدة والثقافة والملاحم والتراث الهندي عموما يلعب الشر دوراً محورياً في الحياة، وهو دور لا يقل أهمية وتأثيراً عن الخير، ويعود ذلك لانتشار العقيدة المانوية، أو تقاسم ثنائية الخير والشر للكون، في البلاد الآسيوية والشرقية عامة.

ويوزع «ساحرتي» قوتي الخير والشر ليس فقط بين الشخصيات ولكن داخل شخصية البطل نفسه، الذي ينبغي عليه أن يصارع الشر داخله قبل أن يواجهه في الخارج.

من الناحية البصرية فإن «ساحرتي يعاني من سذاجة مفرطة، وهو متأثر ليس فقط بالصور الشائعة للخير والشر في الدراما الهندية، ولكنه يقتبس بصرياً من أعمال مثل "هاري بوتر"، البطل الساحر وعصاه السحرية الذي يتحول إلى شبيه المسخ في فيلم "الجميلة والوحش" الأمريكي، إلى أعمال أمريكية كثيرة أخرى».



وبما أنه مسلسل تلفزيوني فإن البطء الشديد لا يصيب فقط السرد وتطور الحكاية ولكن كل مشهد على حدة، فما يمكن أن نراه في دقيقة يقدمه المسلسل في 5 أو 10 دقائق!

لكن هذه العيوب، كما نعرف، قد تصبح مزايا في عيون العاشقين المسحورين!