الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

سعيد العوضي: تأسيس مركز لزراعة النخاع في الإمارات.. حلم ينتظره مرضى الثلاسيميا

وصف سعيد العوضي، عضو الرابطة الدولية للثلاسيميا، تأسيس مركز لزراعة النخاع في الإمارات، بالحلم الذي ينتظره مرضى الثلاسيميا وذووهم، مشيراً إلى أن وجود مركز متخصص يمكن أن يكون سبباً في علاج العشرات.

ودعا العوضي في حواره مع «الرؤية» إلى تغيير البعض لثقافة تعاملهم مع مرضى الثلاسيميا، مستشهداً على ذلك برفض أسر إماراتية تزويج بناتها أو أبنائها من مرضى الثلاسيميا، مبررين خوفهم على أبنائهم من رحلة علاج الشريك وموته بلا سابق إنذار أو إنجاب مزيد من الأطفال المرضى.

وأشار إلى أنه لا يمثل الإمارات فقط في عضويته في الرابطة الدولية، بل يمثل كافة الدول العربية، لافتاً إلى أنه تمكن من إيصال صوت أبناء هذا المرض للمسؤولين على المستوى المحلي والدولي.


القدر حولك من مريض إلى صاحب قضية، كيف حدث ذلك؟


الحمد لله، أتممت عامي الـ42، رغم أن جميع الأطباء أثناء اكتشافهم هذا النوع من المرض، أكدوا أن مريض الثلاسيميا لا يعيش أكثر من 17 عاماً، وأن الموت المبكر في انتظاره، ولكن الإيمان بالخالق والتمسك بالأمل والالتزام بالعلاج جعلني أدخل العقد الخامس وأعيش حياتي بصورة طبيعية، حيث تزوجت وأنجبت وما زلت أعمل دون أن أشعر أن شيئاً يعيقني.

وبإرادتي حولت المرض إلى بداية وليس نهاية، ولم تمنعني حالتي الصحية من ممارسة حياتي بصورة عادية، حيث كنت لاعباً جيداً لكرة القدم، مجتهداً في دراستي، وبتطور العلم والاكتشافات الطبية الحديثة تبدلت حياة مريض الثلاسيميا كلياً.

ما الحلم المشترك لمرضى الثلاسيميا؟

رغم أن مريض الثلاسيميا يحصل على العلاج ونقل الدم مجاناً، لكن هناك حلم وحيد أصبح مشتركاً بينهم جميعاً وهو تأسيس مركز لزراعة النخاع، متمنين تسارع الخطوات خاصة أن تكلفة هذه النوعية من العمليات في الولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا تصل إلى مليوني درهم، وتتطلب الإقامة بالخارج لأكثر من عام ونصف.

وجود مركز متخصص يمكن أن يكون سبباً في علاج العشرات، خاصة أن هناك 15 حالة إماراتية أقدمت على خطوة زراعة النخاع والآن تمارس حياتها بشكل طبيعي ومن دون الحاجة لنقل الدم شهرياً.

لماذا يطارد شبح الموت المبكر المرضى؟

في الماضي كان يترتب على عمليات أخذ الدم التي يحصل عليها المريض بصورة دورية ارتفاع نسبة الحديد في الأعضاء الداخلية للجسم ما يؤثر في وظائف الكبد والقلب، لهذا كانت توضع حقنة تحت جلد البطن لمدة 10 ساعات، أما اليوم فاستبدلت الحقنة بالحبوب وبذلك خفت حدة المعاناة، كما أن النظريات الطبية الحديثة تؤكد أن مريض الثلاسيميا قادر على العطاء طالما يحصل على حصته الشهرية من نقل الدم، والأعمار بيد الله فليس كل مريض متوفى.

ما الفائدة من فوز مواطن إماراتي بمقعد في الاتحاد الدولي للثلاسيميا؟

قد يعتقد البعض أنه منصب شرفي، ولكن الواقع أنني ثابرت وصبرت حتى وصلت لعضوية الاتحاد، وفي البداية، لم أكن أمتلك الدعم المادي لأتمكن من السفر إلى الخارج، فبعت بعض ممتلكاتي لكي أدبر مصاريف السفر والإقامة، ثم تمكنت من خوض تجربة الانتخاب في عام 2017 وكانت الإمارات قد فازت أخيراً بمقعدين في عضوية الاتحاد، أحدهما دائم، والآخر بالترشيح، بإجماع 118 دولة، حيث فازت الشيخة شيخة بنت سيف بن محمد آل نهيان، رئيسة جمعية الإمارات للثلاسيميا، ونائب الرئيس الأعلى لمؤسسة سلطان بن خليفة الإنسانية والعلمية، بمقعد دائم في الاتحاد، وهي المرة الأولى منذ تأسيسه في 1961 التي تكون فيها عضوية ومقعد دائم لعضو في الاتحاد.

واقتنصت أنا المقعد الثاني، وبذلك لا أمثل مرضى الإمارات وهمومهم وتحدياتهم للحصول على حق الحياة فحسب، ولكن كافة أبناء الوطن العربي، وأحمد الله أنني تمكنت من إيصال صوتنا على المستوى المحلي والدولي.

ما أبرز الإنجازات التي تحققت لمريض الثلاسيميا؟

حصولي على المقعد ساعدني في الوصول بقضيتي لأبواب المسؤولين دون أية عراقيل أو روتين، وتمكنت من خلاله من طرح مشكلة حق مرضى الثلاسيميا من غير المواطنين خاصة من أبناء الدول التي تعاني من الحروب في الحصول على العلاج مجاناً وحصتهم من الدم، خاصة أن كلفته تصل إلى 30 ألف درهم شهرياً.

والحقيقة أن القانون الإماراتي أنصفهم ومنحهم حق العلاج، كما أننا تمكنا من الاطلاع على تجارب الحكومات الأخرى في عمليات توفير ونقل الدم الذي يعتبر روح مريض الثلاسيميا، وكذلك الاطلاع على بعض التشريعات القانونية التي تتيح لمريض الثلاسيميا التقاعد بعد 15 عاماً من العمل والدراسة، وتطبيقها إذا ثبت إيجابياتها على المصابين في الإمارات.

كما استطعنا تغيير بعض التشريعات في دول عربية عدة منها جمعية في السعودية للثلاسيميا، حيث كان أعضاؤها لا يشاركون بالشكل الإيجابي المطلوب كونهم من كبار السن، لذلك تم تحويلهم ليكونوا مجلساً استشارياً بالجمعية ويحل محلهم شباب من المرضى الذين يتمسكون بحقهم في الحياة.

ما التحديات التي ما زالت تواجه أبناء الثلاسيميا؟

رفض الأسر الإماراتية تزويج بناتها أو أبنائها من مرضى الثلاسيميا، مبررين خوفهم على أبنائهم من رحلة علاج الشريك وموته بلا سابق إنذار أو إنجاب مزيد من الأطفال المرضى.

وللأسف الشديد، الكثير من الفتيات المريضات اقتربن أو تجاوزت أعمارهن الـ30 عاماً، ولم يتزوجن، وهو أمر يحملهن وأسرهن عبئاً نفسياً كبيراً، ويدخل كثيراً من الأمهات في نوبات حزن شديدة.

إلى أي مدى ينال أبناء الثلاسيميا حقهم في الدراسة والعمل؟

التعليم حق للجميع وأبناء الثلاسيميا يواصلون رحلة تعلمهم ويتفوقون في الدراسة، لكن تكمن الأزمة في الباحثين عن فرص العمل والذين يحملون شهادات علمية بمختلف الدرجات، فمنهم من يحمل الشهادات الجامعية، ومنهم من يحمل الشهادات الثانوية، وقلة منهم لا يحملون أي شهادات، ولكن يمكن تشغيلهم في وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم، خاصة أنهم قادرون على العمل، ويرفض عدد كبير منهم الاكتفاء بالإعانات الاجتماعية التي تتعامل معهم بوصفهم عاجزين وغير قادرين على العطاء.

وأؤكد أن العمل هو الأمر الوحيد القادر على أن يجعل المرضى أكثر تمسكاً بالحياة لأنه يزيد شعورهم بأهميتهم في المجتمع، وتتضاعف بداخلهم الطاقة الإيجابية، ما يجعلهم أكثر اهتماماً بصحتهم، وحرصاً على تلقي العلاج ونقل الدم بشكل دوري.

هل تسببت جائحة «كوفيد-19» في معاناة مرضى الثلاسيميا؟

حياة مريض الثلاسيميا متوقفة على حصته التي يأخذها من الدم، وكادت أزمة كورونا تهدد حياتنا، فالمريض الذي يحتاج إلى 4 وحدات لم يعد قادراً على الحصول سوى على وحدتين، لذلك حاولنا من خلال المنابر الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي إطلاق نداءات استغاثة، مناشدين أفراد المجتمع بألا يسمحوا لأزمة كورونا بأن تحول دون تبرعهم بالدم، خاصة أن مراكز التبرع بالدم كانت تتخذ كافة الإجراءات الاحترازية لضمان سلامة المتبرعين.

كيف أصبحت الوجه الإيجابي لأبناء هذه الفئة؟

على الرغم مما مررت به من معاناة أنا و2 من أشقائي يعانيان المرض نفسه، إلا أنني نجحت في أن أحول ما بداخلي من ألم إلى طاقة إيجابية أصدرها لمن حولي، فعملت متطوعاً في البداية في جمعية الإمارات للثلاسيميا التي أسسها أولياء أمور هذه الحالات وكان من بينهم والدي، وبعد فترة تقدمت لعضوية الجمعية وفزت عن طريق الانتخاب، وكل من كان يتعامل معي حينها كان يجدني شعلة من النشاط والحيوية، وحاولت أن أساهم في تغيير الأفكار المغلوطة حول طبيعة المرض والمرضى الذين تفرض عليهم العزلة والخوف من مواجهة المجتمع والخجل أحياناً من مرضهم.