الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

في عصر «الإيموشن».. حضرت الرموز التعبيرية وتعطلت لغة الكلام

في عصر «الإيموشن».. حضرت الرموز التعبيرية وتعطلت لغة الكلام

في عصر الصورة والاختزال تعطلت لغة الكلام، وانتشرت الصور المعبرة، كلغة للتخاطب والتعبير عن الإعجاب أو الرفض والاحتجاج، وصارت أيقونات «الإيموجي» بديلاً عن الكلمات والجمل والعبارات.

الرؤية استطلعت آراء عدد من الشباب حول ظاهرة استخدام الإيموشن، فانقسمت الآراء حولها، ليس فقط بين الشباب، بل وبين خبراء التقنية والسوشيال ميديا، واختصاصيي علم النفس، إذ اعتبر عدد منهم أن استخدام «الإيموشن» أصبح جزءاً أساسياً من وسائل التعبير عن النفس، ونقل المشاعر للآخرين، فيما أكد آخرون لـ«الرؤية»، أن كثافة تداول الرموز التعبيرية، والتأثير المتزايد لحضورها في العالم الافتراضي، قد يعطل لدى البعض ملكة التعبير عبر الكتابة النصية، أو حتى صوتياً، لكنه لا يغني عن أهمية التوظيف السليم للغة، على اختلاف وسائل التعبير المكتوبة والمسموعة

لكن الأخطر كان ما أشار إليه البعض من إساءة فهم الرمز بما قد يسبب المشكلات. ففي السنوات القليلة الماضية، ارتفعت نسبة القضايا المتعلقة بالرموز التعبيرية. فعلى سبيل المثال، قد يعتبر استخدام صورة بندقية في رسالة لشخص ما تهديداً بالقتل. وهناك حالات شهيرة أوقعت فيها رموز الإيموجي بعض مستخدميها في مشاكل كبرى، ومنها اعتقال مراهق في نيويورك في عام 2015، بسبب توجيهه رموز مسدس على رجل شرطة. وفي عام 2017 حكم على رجل بالسجن لمدة 8 أشهر لإرساله رمز طائرة إلى عشيقته السابقة!





وجوه الحب والامتنان

تقول عنود حسن الشحي (20 عاماً)، إن استخدام الوجوه التعبيرية «الإيموشن»، لا يعوض عن أهمية التواصل باللغة والكتابة، مشيرة إلى أن الكثيرين يتبادلون الرموز التعبيرية فيما بينهم كنوع من المجاملة، وليس بالضرورة أن تعكس حقيقة مشاعرهم.

وترى أن صور الإيموجي أشكال معبرة وجميلة، «إلا أن قدرتها على اختزال الكلمات ونقل المشاعر تتوقف على طبيعة كل شخص وكيف يستخدمها»، مشيرةً إلى أنها تفضل الوجوه الضاحكة، والوجوه المعبرة عن الحب والامتنان، كما تبحث دائماً عن الرموز الجديدة والمميزة عبر غوغل أو واتساب أو الماسنجر.





سرعة واختزال

يعتبر خالد شهاب الظنحاني (21 عاماً) استخدام «الإيموشن» ظاهرة إيجابية، لأنها تختصر الكثير من الكلمات برموز بسيطة، كما أن الوجوه التعبيرية تسمح بإيصال المشاعر بشكل أدق وأقرب للشخص الآخر، مضيفاً أن اعتماد الشباب على «الإيموشن» في التواصل، يفرضه إيقاع الحياة السريع والاختزال الذي يتسم به العصر، إضافة إلى تراجع القدرة على التعبير واستخدام قواعد اللغة والإملاء الصحيحة.

فيما يرى أن صور الإيموجي الرمزية ذات تأثير سلبي على اللغة العربية، لافتاً إلى أن هناك من لا يفهم المعنى الصحيح لتلك الإشارات والوجوه التعبيرية، كالوجوه الضاحكة التي يعتقد البعض أنها تشير إلى عدم الجدية أو الاستهزاء، ما يؤدي إلى سوء في التفاهم.





كسر روتين العمل

وأشارت عائشة القمزي (25 عاماً)، إلى أنها تستخدم الإيموشن بكثرة، خاصة في الإيميلات الرسمية بين زملاء العمل، وذلك لكسر الروتين والصورة الجدية النمطية، منوهة بأن الرموز التعبيرية تعزز العلاقات الاجتماعية، وتقرب الأشخاص من بعضهم البعض.

وذكرت القمزي أن الاستعانة بـأشكال الإيموجي أصبح جزءاً أساسياً من أدوات التواصل في عصرنا، مؤكدة أن الرموز التعبيرية مكملة للكتابة، فيما لا يمكن التعويض عن أهمية اللغة، والحاجة إلى التفصيل والشرح باستخدام الكلمات والكتابة.





بين الزملاء والأقارب

وتعتبر منى المنصوري (30 عاماً) استخدام الإيموجي في التواصل بين زملاء العمل ومتعاملي المؤسسات غير لائق، إذ يوحي بعدم الجدية، مؤكدة أنها تستخدم الرموز التعبيرية فقط مع الأهل والأقارب والأصدقاء المقربين.

وتطرقت إلى أن هناك فجوة بين الأجيال في القدرة على استيعاب وفهم معاني ودلالات الإيموشن، لافتة إلى أن استخدام صور الإيموشن بدأ كظاهرة وموضة، ثم تحولت إلى أداة رئيسية للتعبير عن المشاعر والتواصل عبر الهواتف المحمولة، ومواقع التواصل الاجتماعي.





ذكاء عاطفي

أما اختصاصي العلاج النفسي محمد فريج، فيؤكد أن تأثير الإيموشن على مستخدمي هذه الرموز والصور التعبيرية يرتبط بالسياق اللغوي الصوري، أي درجة الذكاء العاطفي عند كل شخص، التي تساعده على توظيف الأفكار والصور في إطار أكثر تأثيراً وإقناعاً للمتلقي.

وأضاف أن صور الإيموجي محتوى يحتاج إلى تحليل، لأن طبيعته ليست معروفة بدقة أو مفهومة 100%، مؤكداً أن بعض الأشخاص ممن لديهم اضطرابات نفسية كعقدة البارانويا وغيرها، قد يرتابون تجاه معاني هذه الرموز، ويسيئون فهمها.





كثافة في الخليج

وبدوره، قال المتخصص في السوشيال ميديا محمد عاطف، إن هناك كثافة كبيرة في تداول الإيموشن في منطقة الخليج، مشيراً إلى أن معظم إفيهات الأفلام العربية والخليجية والمصرية تحولت إلى Stickers على الواتساب، مثل صور عادل إمام، وفيفي عبده، وجمال سليمان، وكذلك الممثلين الخليجيين.

وتحدث عاطف عن الفرق بين الإيموشن والستيكرز، مؤضحاً أن الأولى تصنعها شركات الهواتف المحمولة مع تعديلات بسيطة بين كل شركة وأخرى، بينما بإمكان أي شخص أن يصنع ما يعرف بالملصقات Stickers، التي تقوم بإيصال فكرة لطيفة للطرف الآخر بشكلٍ بسيط وسريع، من دون الحاجة لاستخدام الكتابة.

وأكد أن الملصقات Stickers لها دور إيجابي، حيث إن الكثير من حملات التوعية الصحية المرتبطة بوباء كورونا في الإمارات مثلا تحولت إلى ستيكرز، مثل الحجر المنزلي، والكمامة، وإرشادات منظمة الصحة العالمية، إضافةً إلى حملة "نلتزم لننتصر"، والحملة الأخيرة لدائرة الصحة في أبوظبي "ليكن خيارك التطعيم".





شعبية إيموجي الورود

ومن جهته قال خبير التقنية ثائر إسماعيل، إن لغة الإيموشن سهلت التواصل بين الأشخاص، واختزلت الكثير من الكلمات في عصر أصبح التركيز فيه على المحتوى البصري أكثر من الكتابة، مشيراً إلى أن لكل دولة مفاهيمها في الإيموجي.

وأضاف أنه يمكن كتابة قصة كاملة بواسطة الإيموجي، مشيراً إلى انتشار أيقونات الصور عند كتابة أي هاشتاغ على تويتر، وهو ما يساعد على فهم محتوى البوست من الصورة المرافقة. بينما أكد اهتمام كل دولة في العالم بنوع محدد من الإيموشن، حيث تحظى إيموجي الورود بشعبية كبيرة في الإمارات على سبيل المثال.