السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

خبراء نفسيون واجتماعيون: حظر الأعمال المثيرة للجدل خطأ.. والحل يكمن في التوعية الشاملة



أكد خبراء نفسيون واجتماعيون، أن الأجيال الجديدة من الأطفال والمراهقين والشباب، وحتى كبار السن، تعرضوا للكثير من الأعمال الدرامية المثيرة للجدل في الآونة الأخيرة، خاصة مع الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي ومنصات العرض الإلكترونية مثل «شاهد، ونتفليكس، وديزني، وجوي، وستارز بلاي»، وغيرها.

ولفتوا إلى أن الانغلاق الفكري أو وقف تلك الأعمال الدرامية من العرض أو حظرها لن يمنع الأجيال الحالية من الوصول إليها أو البحث عنها عبر أي من المنصات المتاحة عبر شبكة الإنترنت.

وتباينت آراء الخبراء النفسيين والاجتماعيين حول آليات تجنيب الأطفال والشباب مشاهدة الدراما المثيرة للجدل، إذ يرى البعض منهم أن التوعية الفكرية والسلوكية والإعلامية القويمة والشاملة لأفراد الأجيال الحالية والمستقبلية هو الحل الأمثل، بينما يعتقد آخرون أن الفطرة الإنسانية هي التي ستدفع الأطفال والمراهقين والشباب لرفض ونبذ الأفكار التي تعرض في هذه الأعمال الدرامية.

وأشاروا إلى أن الأعمال الدرامية سواءً العربية أو الأجنبية أصبحت شائكة ومليئة بالأفكار الهدامة أو المرفوضة دينياً وفكرياً أو بناءً على العادات والتقاليد العربية، خاصة أن البعض منها ينشر أفكار شاذة مثل الإلحاد أو عبدة الشياطين أو المثلية الجنسية أو العنف، وغيرها من السلوكيات غير القويمة.





المنع ليس حلاً

اختصاصي طب المجتمع الدكتور سيف درويش قال إن الفطرة التي فطر بها الإنسان كفيلة بدفعه إلى رفض أي سلوكيات خارجة عن المنطق أو العادات والتقاليد أو حتى الدين، لذا فإن منع أو وقف تلك الأعمال الدرامية المثيرة للجدل من العرض لن يكون الحل الأمثل، ولكن توعية أفراد المجتمع وانفتاحه على ثقافة الآخر هو الحل الأمثل لكافة شرائحه المجتمعية.





تشويه الفكر

أما اختصاصية علم النفس والاجتماع أمينة محمد، فترى أن تلك الأعمال الدرامية المثيرة للجدل سواءً العربية أو الأجنبية ستسهم في صناعة جيل مشوه فكرياً ليس بقادر على التحكم في غرائزه، ما سيؤدي إلى تفكك الأسر وانتشار الجريمة والمخدرات وزيادة الأمراض العقلية، خاصة أن الكثير من تلك الأعمال تطمس التاريخ العربي العريق، وتصنع تاريخاً جديداً وفق منظور صانعها وتطرح تحت مسمى «الحرية الفكرية أو الإنسانية».



اضطراب نفسي

بدوره، أشار استشاري علم النفس الدكتور علي الحرجان، إلى أن بعض الجهات التي تقود منصات الأعمال الدرامية العالمية لديها أهداف خاصة ستخلق حالة من الحيرة والإرباك والاضطراب والقلق النفسي في المجتمع العربي، والحل هو التوعية وليس منع تلك الأعمال الدرامية المثيرة للجدل، إذ إن المنع سيؤدي إلى الوقوع في المحظور، ومن المهم أن يعي الكبار والشباب والأطفال أن لكل مجتمع عاداته وتقاليده يمكن أن تتعارض مع المعتقدات والعادات والقيم المجتمعية العربية.



بؤرة سوداء

بينما وصفت المستشارة النفسية والأسرية الدكتورة هالة الأبلم، ما تقدمه بعض المنصات العالمية وصناع الفن من دراما مثيرة للجدل بـ«البؤرة السوداء» التي تهدف إلى ضرب الأفكار والمعتقدات الدينية والأخلاقية، ما سيؤدي إلى تدمير الإنسان والمجتمعات، لذا فإن الحل الأمثل لذلك هو التثقيف والتوعية والتقويم والتنشئة الصحيحة لدفع الأطفال والمراهقين والشباب وأفراد المجتمع للتفرقة بين ما هو صحيح وما هو مرفوض، فصلاً عن التوعية بالآثار الإيجابية والسلبية لما يمكن أن يشاهد عبر القنوات التلفزيونية والمنصات الرقمية.



رقابة ذاتية

وأكد المخرج الإماراتي عبدالله الجنيبي أن المؤلف يكتب بالخيالات والمنتج يدفع الأموال لترجمة هذه المادة في مسلسل، لكن الساحر الأكبر هو المخرج الذي يحول هذه الخيالات إلى مادة مصورة، فيستطيع أن يحوّلها إلى مادة خادشة للحياء أو تتماشى مع العادات والتقاليد، وهنا يجب أن تكون هناك رقابة ذاتية لدى المخرج عند إخراج أي عمل درامي.

وأوضح أنَّ مسلسل «ضحايا حلال» على سبيل المثال تم إيقافه، حيث إن المخرج لم يتعامل مع الموضوع بحرفية أخلاقية، خاصة أنه يخاطب الجمهور السعودي، فكان يجب التعامل مع هذا الموضوع بما يتماشى وعادات وتقاليد المجتمع السعودي، فكان إيقاف المسلسل نتيجة حتمية لأن المشاهد رفض هذا العمل.





دعاية مجانية

الفنان الإماراتي أحمد عبدالرزاق، يرى أن رؤية المنتج والمؤلف يجب ألا تخرج العمل كلاسيكياً، بل يكون مختلفاً وفيه شيء من الغموض والمفاجأة للجمهور، مشيراً إلى أن إثارة الجدل تحدث قبل بدء عرض العمل أحياناً، وهنا يصبح للعمل دعاية مجانية لأنَّ من ينتقد العمل يريد أن يشاهده ومن يدعم العمل يريد أن يشاهده ليثبت وجهة نظره، مثلما حدث في مسلسل «فارس بلا جواد» للفنان محمد صبحي.

وذكر أن المسلسل كانت حوله حالة من الجدل، كما حدث مع مسلسل «أم هارون» حيث كانت هناك بلبلة كبيرة حول العمل، لكنه بعد فترة أثبت أنه مهم، وعرض في توقيته





أعراف وتقاليد

في المقابل، رفض الفنان المصري صلاح عبدالله اتهام مسلسله الجديد «جمال الحريم» بالترويج للسحر والشعوذة، مشدداً على أن السحر مذكور في الكتب السماوية، وبالتالي فهم لا يناقشوا شيئاً من وحي خيالهم.

وقال إن أحداث «جمال الحريم» تهدف إلى تقويم ظاهرة السحر التي استشرت مؤخراً، إذ يتم تناولها بشكل مختلف عما قُدم عنها في أعمال سابقة، مضيفاً: «لماذا لا نتحدث عن فيلم (المنزل رقم 13) الذي ارتكزت أحداثه على استخدام محمود المليجي لظاهرة التنويم المغناطيسي لدفع عماد حمدي لارتكاب جريمة قتل؟».

وأكد صلاح عبدالله أن صناع الدراما من حقهم مناقشة كل القضايا والأفكار مهما كانت مثيرة للجدل، طالما أنها لم تخرج عن الأعراف والتقاليد المجتمعية.



إيمان وسحر

ولم يختلف رأي الفنانة المصرية دينا فؤاد كثيراً عن تصريحات صلاح عبدالله فيما يخص مسلسلهما «جمال الحريم»، إذ ترى أنه لا يروج للسحر والدجل والشعوذة كما يزعم البعض، وإنما يقدم رسالة هادفة ستتضح جلية في الحلقات الأخيرة من العمل.

وقالت دينا إن رسالة مسلسلها تتمحور حول دور درجة إيمان الإنسان في تحديد أهدافه ومعتقداته، فإذا كان إيمانه ضعيفاً سيؤمن بالدجل والخرافات والعكس صحيح، مضيفة أنها تلقت عن دورها وأحداث العمل بشكل عام ردود فعل إيجابية للغاية، إذ إنه تصدر تريند محرك البحث غوغل أكثر من مرة.





جرأة الطرح

بينما أوضحت الفنانة السعودية ميلا الزهراني، أن الجمهور انتقد بعض المشاهد القليلة في مسلسل «ضحايا حلال»، وكان معروضاً على منصة شاهد وهي مدفوعة وتم تصنيف المسلسل فوق 18 سنة، مبينة أن الهجوم ارتبط بممثلة واحدة وهي فنانة مغربية كانت لديها الجرأة لأن تقدم الدور بطريقتها الخاصة الجريئة.

وأشارت إلى أنها راضية عن دورها والشخصية التي أدتها في العمل وقدمتها للجمهور بشكل مختلف عن أعمالها السابقة، لافتة إلى أنها تبحث دائماً عن تقديم أدوار وشخصيات منوعة ومختلفة.





رقيب كلاسيكي

الكاتب والمخرج السعودي رجا العتيبي قال: «الرقيب وحده الذي يقول: هذا ممنوع، وهذا غير مسموح، وهذا غير صحيح، ولكنه لم يعد مفيداً في زمن تغيرت فيه الاتجاهات والأيدولوجيات والمفاهيم، لو أخرج الرقيب الكلاسيكي رأسه من النافذة لشعر بالرياح تأتيه من كل جانب، لا يعلم من أين، ولا متى، ولا كيف».

وأكد أن قنوات التواصل الاجتماعي لا يمكن أن يعول عليها لأنها جزء من لعبة (نظام التفاهة) فلا تعلم الصادق من الكاذب، ولا الموضوعي من الأيديولوجي، ولا الفنان من غير الفنان، ولا يمكن أن تتخذ من خلالها قراراً لأنك لا تعلم من أين تدار.

وأضاف العتيبي: «الرقابة العربية في عصر ما بعد الحداثة، عليها أن تكون وطنية وتتحالف مع دول وطنية أخرى، فالهيئات الرقابية الصغيرة، أو الأقسام الرقابية الإدارية غير مجدية في عالم مخاتل، وعلى الرقابة العربية أن تعيد هيكلة نفسها، وتتمعن في فلسفة العالم الجديد الذي يضخ أعماله في كل القنوات، فلا يعلم أي ريح تصد، وأي عمل تمنع أو توافق عليه».

ويرى أن الرقيب التقليدي وحده لا يمكن أن يجابه اتجاهات قارية، وأن تصمم مشروعات رقابة كبرى شاملة وليس بنوداً مكتوبة على ورق تعد مشروعات ضد أنظمة التفاهة التي غزت الشرق والغرب، وعلى مشروعات الرقابة العربية الوطنية أن تكون هجومية وليس مجرد حائط صد، عليها أن تبادر وفقاً لقواعد الإعلام لتحمي الوطن، وتحمي وحدته.