الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

بين النقد والتسويق وغياب الحرفية.. إثارة الجدل في الدراما العربية عرض مستمر

بين الحين والآخر، يترقب الكثيرون الأعمال الفنية الدرامية، حيث يتسابق نجوم الفن طوال العام لإعداد مسلسل درامي، ولكن تواجه بعض الأعمال الدرامية انتقادات بسبب إثارتها الجدل، إما بتعارضها مع عادات وتقاليد المجتمع، أو الخروج عن المألوف، أو ترويجها لمفاهيم شاذة، وقد تصل في بعض الأحيان إلى وقف عرض العمل الفني لما قد يحمله من رسائل مغلوطة لا تتوافق وقيم المجتمعات العربية.

رقابة ذاتية

أكد المخرج الإماراتي عبدالله الجنيبي أن المؤلف يكتب بالخيالات والمنتج يدفع الأموال لترجمة هذه المادة في مسلسل، لكن الساحر الأكبر هو المخرج الذي يحول هذه الخيالات إلى مادة مصورة، فيستطيع أن يحوّلها إلى مادة خادشة للحياء أو تتماشى مع العادات والتقاليد، وهنا يجب أن تكون هناك رقابة ذاتية لدى المخرج عند إخراج أي عمل درامي.

وأوضح أنَّ مسلسل «ضحايا حلال» على سبيل المثال تم إيقافه، حيث إن المخرج لم يتعامل مع الموضوع بحرفية أخلاقية، خاصة أنه يخاطب الجمهور السعودي، فكان يجب التعامل مع هذا الموضوع بما يتماشى وعادات وتقاليد المجتمع السعودي، فكان إيقاف المسلسل نتيجة حتمية لأن المشاهد رفض هذا العمل.



دعاية مجانية

الفنان الإماراتي أحمد عبدالرزاق، يرى أن رؤية المنتج والمؤلف يجب ألا تخرج العمل كلاسيكياً، بل يكون مختلفاً وفيه شيء من الغموض والمفاجأة للجمهور، مشيراً إلى أن إثارة الجدل تحدث قبل بدء عرض العمل أحياناً، وهنا يصبح للعمل دعاية مجانية لأنَّ من ينتقد العمل يريد أن يشاهده ومن يدعم العمل يريد أن يشاهده ليثبت وجهة نظره، مثلما حدث في مسلسل «فارس بلا جواد» للفنان محمد صبحي.

وذكر أن المسلسل كانت حوله حالة من الجدل، كما حدث مع مسلسل «أم هارون» حيث كانت هناك بلبلة كبيرة حول العمل، لكنه بعد فترة أثبت أنه مهم، وعرض في توقيته.



قوة افتراضية

وقال المخرج والفنان الإماراتي إبراهيم سالم إنّ انتشار منصات السوشيال ميديا جعلها الحكم على المسلسلات التي تعرض، فقوتها اليوم تفوق أي جهة رقابية، مشيراً إلى أنّ الإقبال الجماهيري على أي عمل درامي يحمل جدلاً لن ينقذه من مقصلة الإقصاء، لأن ردود الفعل بعد المشاهدة هي من تحكم على العمل الدرامي، فقد يشاهد الناس الكثير من الأعمال تم إيقافها بعد عرض بعض الحلقات رغم الإقبال الجماهيري الكبير عليها في البداية، لكن ردود الفعل جعلته عرضة للإيقاف.



صنيعة المنتج

الناقد الفني المصري طارق الشناوي، أكد أنَّ الأعمال الدرامية المثيرة للجدل هي من صُنع المنتج قبل أن تكون من صنع المخرج أو المؤلف؛ لأنَّه يبحث عن الترويج والتسويق ويعلم جيداً عندما يكون العمل مثيراً للجدل سيكون «تريند» على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الصحف والمجالات ما يدفع الكثير من الشباب والجمهور إلى مشاهدة هذا العمل لمعرفة لماذا هو مثير للجدل، وهل يستحق بالفعل الآراء التي تكتب عنه أم لا؟

وأوضح أنَّ ظهور المنصَّات الرقمية أدى إلى ذهاب الكثير من المنتجين إلى هذه المنصَّات بمسلسلات من الممكن ألّا تتعدى 7 حلقات، وقد تحتوي على مشاهد ترفضها الرقابة العادية، لكن تقبلها المنصَّات، ما يؤدي إلى حالة انقسام داخل المجتمع حول هذا العمل.



تحليلات شخصية

أما الناقدة المصرية ماجدة خيرالله، فقالت إنَّ ظاهرة التحليلات النقدية التي تُنشر يومياً على صفحات مواقع التواصل، يتأثر بها عدد لا بأس به من الفنانين، رغم أن أغلبها يكون اجتهادات شخصية من أناس ربما لا يمتلكون المقومات الدنيا للنقد الفني، وأن تلك المنشورات يمكن تصنيفها على أنها آراء وانطباعات لها كامل الاحترام، فإنها تتحكم فيها التفضيلات والأهواء الشخصية، لذا لا يمكن أن نحتكم إليها بصفتها نقداً فنياً حقيقياً بأي حال من الأحوال، مضيفة أن الأعمال المثيرة للجدل كثرت في السنوات الأخيرة لأنه تم صنعها في الأساس لتكون كذلك، لأغراض تتعلق بتسويق المسلسل.



غياب المصداقية

بينما ذكر الفنان الإماراتي الشاب عادل خميس، أن الجمهور دائماً يبحث عن التجديد، ولكن يجب أن تكون هناك مصداقية في العمل الدرامي، لأنَّ أي عمل سيكون فيه جدل أو ضد العادات والتقاليد العربية، قد يرفضه المشاهد مهما كان حجم العمل، مبيناً أنَّ المسلسلات الجدلية ظهرت في السنوات الماضية مع التطور التكنولوجي والمنصات، ولكنها لا تعرض عبر الفضائيات التي تخضع لرقابة الدول.



خطوط حمراء

فيما تساءل الفنان الشاب الإماراتي خليفة البحري، عن معنى أن يكون العمل مثيراً للجدل، ومن الممكن أن يكون هناك فكر لدى المخرج أو الممثل أو الكاتب يريد إيصاله إلى الجمهور، مبيناً أن جمهور الدراما يختلف عن جمهور السينما، لأن الدراما دائماً تخضع لخطوط حمراء كثيرة وتتواجد داخل كل بيت، ما يجعل تضمنها مشاهد أو لقطات مثيرة أو خادشة للحياء مرفوضاً تماماً.



غياب الرقابة

وتقول الفنانة الشابة الإماراتية عهود الجاسمي، إنَّ الأعمال الدرامية المثيرة للجدل كثُرت في السنوات الأخيرة، بسبب ظهور المنصات الإلكترونية التي لا رقيب عليها، وإذا كانت تخضع للرقابة مثلها مثل المسلسلات التي تعرض على التلفزيون فلن نجد أعمالاً مثيرة للجدل، مشيرة إلى أنَّ هناك الكثير من الأعمال التي رفضتها المجتمعات الخليجية والعربية.