الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

حمودي.. شاب يقهر التشتت الأسري بريشة الأمل

حياة ليست كحياة الأطفال في سنه، حياة يتذكر كل تفاصيلها رغم أن عمره لم يكن يتجاوز الأربع سنوات، تذكر أول مرة أخذته والدته من يديه لتودعه دار أيتام بعد طلاقها من والده وزواج الطرفين بآخرين، أرادت الأم أن توجع قلب الأب على ابنه الوحيد، لكن ذلك لم يكن مُجدياً معه، فلم يبحث عن ابنه، وظل الطفل محمد نبيل «حمودي» حبيس دار الأيتام رغم أن له أهلاً خارجها.





الحياة بكل تفاصيلها بداية من التحاقه بدار الأيتام حتى خروجه منها يتذكرها حمودي بكل تفاصيلها، يتذكر أنه ورغم عمره الصغير لم يكن يتحدث مع أحد وكانت وسيلته الوحيدة للتنفيس عن غضبه القلم والورقة، شخبطة تحولت للوحات مبهرة، بل مناقشة لقضايا انفصال الآباء وتأثيره على الأبناء على ورق مقوى باستخدام قلمه الرصاص شرح معاناة كل أقرانه الذين عانوا عدم مسؤولية آبائهم.





يقول حمودي لـ«الرؤية»: أهلي موجودون على قيد الحياة، لكن هم بالنسبة لي ليسوا كذلك، والريشة والورقة وأدوات الرسم هم أهلي الذين اكتفيت بهم عن الدنيا، وكانوا وسيلتي لمواجهة الحياة أثناء حياتي في دار الأيتام من عمر الأربع سنوات وحتى الآن.





ويُضيف: «لا أستطيع نسيان حياتي في دار الأيتام، أتذكر كل لحظة عشتها من 14 عاماً مدة إقامتي بالدار، أعتقد بمجرد دخولي الدار زاد عمري أضعافاً، استغرقت وقتاً لاستيعاب حياتي الجديدة.»





في سن 5 سنوات كان حمودي يرسم الشخصيات الكرتونية التي يراها في التلفاز، ثم تطور الأمر ليُعبّر عن معاناته ومعاناة أقرانه جراء العنف الأسري وانفصال الوالدين، أراد أن يُجسد المعاناة التي عاشها هو شخصياً.





وعن ذلك يقول: «كنت أجسد معاناتي على جدران دار الأيتام وكان ذلك يُعرضني للمشكلات مع المسؤولين حتى أنني عرفت لدى وزارة التضامن الاجتماعي المصرية من رسوماتي عن التفكك الأسري».



حتى سن 15 عاماً ظل حمودي داخل دار الأيتام حتى تركها بعد انتهاء مدته بها، وبعد خروجه أراد أن يسلك طريق الفن خصوصاً أنه لم يُكمل تعليمه، لذا بحث عن عمل يوفر له نفقات الحصول على دورات تعلمه فنون الرسم المختلفة وتصقل موهبته.



ويتابع: «عملت في بناء أحد الكباري المواجهة لدار الأيتام، كنت أنام وأكل في الشارع وبعد جمعي مبلغاً من المال استأجرت غرفة في أحد المباني، ثم مكاناً لإقامة مرسم خاص أسميته بيت الفن، أردت من خلاله عرض أعمالي للجمهور».



ويُزيد: «أحاول العيش وكسب الرزق من عملي وبدأ صفحة جديدة من حياتي املاً في تحقيق حلمي باستكمال دراسة الفنون وهي الأمنية التي أعمل عليها حالياً، وأتمنى أن يُغير البعض فكرتهم عن الأطفال الذين تربوا في دور أيتام فنحن أيضاً أفراد من المجتمع لدينا مواهبنا وآمالنا وطموحتنا، وككل الفئات فينا الصالح والطالح».