تحفر زهرة بحير بحرصٍ في الأرض الرملية وتستخرج الكمأة (الترافل) الصحراوية، وتقول وهي تعرضها بين أصابعها الخشنة إنها خير من الله.
وتضيف المرأة البالغة من العمر 72 عاماً: «مطرت الدنيا طلع الفكع (الكمأة) صار رعد وكبكب. (طلع) الكمأ اللي نبيعه واللي نأكله نطبخه ونأكله وعد خير من الله واجد».
وتتحدى زهرة قسوة الأحوال الجوية في صحراء جنوب العراق، وخطر الألغام الأرضية، وتمضي وعائلتها المكونة من سبعة أفراد أسابيع في البحث عن الكمأة الموسمية التي ظلت سبيلاً للرزق ومصدراً للدخل على مدى أجيال.
يتحصل صيادو الكمأة على ما يصل إلى سبعة دولارات مقابل الكيلوغرام الواحد هذا العام، وهو ثمن بخس عند مقارنته بالكمأة الأوروبية النادرة التي يمكن أن يصل سعر الكيلوغرام الواحد منها لمئات الدولارات أو أكثر.
لكن في ظل الأزمة الاقتصادية بالعراق، يقدم التنوع الداخلي خدمة عظيمة لزهرة وعائلتها.
وسقط المطر متأخراً هذا العام ولم تتمكن زهرة من العثور إلا على كيلوغرام واحد من الكمأة في اليوم، أي عُشر ما كانت ستجمعه في عام آخر في ظروف أفضل.
ترافق ريام (خمس سنوات) جدتها، تقلب الحجارة وتنقب في الأرض بيدين عاريتين، كي تتعلم المهارة وتتعود على أسلوب الحياة الصحراوية.
وعلى من يتعلم البحث عن الكمأة هذه الأيام أيضاً أن يكون واعياً لمخاطر الصحراء.
ويمكن ببساطة للعين غير الخبيرة أن تخطئ الذخيرة تحت سطح الأرض التي لم تنفجر من مخلفات حرب الخليج عام 1991، وتتعامل معها على أنها كمأة.
وكل بضعة أيام، يعبر حسين أبوعلي الصحراء بالسيارة من مدينة السماوة ليأخذ الكمأة إلى السوق.
وهناك يبيعها علي تاج الدين في مزاد.
ويختلف اسم الكمأة باختلاف الحجم واللون.
وقال أبو علي «هذا مخبوط وهذه برتقالة والأخضر نسميه رمانة، مثل هذه نسميها رمانة».
وقفزت الأسعار بسبب الندرة هذا العام. ويتم تصدير الكمأة التي لا تباع في الداخل إلى دول الخليج الأكثر ثراءً.
لكن الزبائن في مطعم «بيت الحطب» في السماوة يستمتعون بتخصيص يوم للكمأة في الأسبوع.
قال صاحب المطعم فواز حطب «نقليها أو نشويها، لكن الطبق المفضل هو الكمأة بالأرز».