سلمى العالم وأحمد الشناوي ـ دبي والشارقة
نعى مثقفون إماراتيون المغفور له بإذن الله سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، الذي فارق الحياة اليوم (الأربعاء)، مؤكدين على دور سموه في العطاء اللامحدود في مختلف المجالات العلمية والتربوية والثقافية والتراثية.
وأكد مثقفون لـ«الرؤية» أن الراحل الكبير كانت له اهتمامات كبيرة بترسيخ التراث بين الأجيال الجديدة، واصفين إياه بأنه كان معجماً تراثياً متنقلاً، مشيرين إلى أن مجلسه العامر لم يخلُ يوماً من جلسات الثقافة والأدب، حيث كان ذواقاً للشعر خبيراً بإبداعات الشعراء لا سيما الشعراء الإماراتيين الذين لم يحظوا بتسليط الأضواء.
تنمية الإنسان
وصف الروائي والكاتب د. حمد الحمادي، رحيل الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم بالمصاب الكبير، مشيراً إلى أن الراحل الكبير عرف عنه اهتمامـه بالثقافة والآداب والعمل الخيري والتطورات العلمية، وسعيه الدؤوب من أجل تحقيق التنمية الثقافية والمعرفية المستدامة في بيئة تعتمد على الحوار والشراكة.
وأشار إلى أن للمغفور له بإذن لله بصمات جلية في الأعمال الخيرية المرتبطة بأهداف تنموية في المجال الصحي والتعليمي وتفرعاتهما التي تصب في تنمية المجتمع، منوهاً بأن اهتمامات الراحل الكبير بتنمية الإنسان والمجتمع واضحة من خلال مبادراته وجوائزه في التفوق التربوي والطب.
استشراف المستقبل
أكد الكاتب والباحث الدكتور محمد بن جرش أن المغفور له بإذن الله الشيخ حمدان بن راشد، كان رجل دولة بامتياز، وقائداً أثبت جدارته في مجالات كثيرة سواء بحكومة دبي أو حتى كوزير مالية وكذلك داعم للقطاع الرياضي بصفته رياضياً محنكاً، ويمتلك استراتيجيات ووجهات نظر لتطوير مختلف القطاعات.
ولفت إلى أن ابتكار المغفور له مجموعة من الجوائز النوعية، دليل على وعي الراحل وإدراكه العميق لأهمية الميادين واستشراف المستقبل والحرص الدائم على التطوير والإبداع وصناعة جودة الحياة الاجتماعية والثقافية والتربوية.
معجم متنقل
لفت مدير إدارة الآداب بالإنابة في هيئة الثقافة والفنون في دبي، الكاتب محمد الحبسي، إلى أن المغفور له بإذن الله عُرف بين الباحثين والأدباء بحفظه لمفردات تراثية كثيرة لا سيما تلك التي تخص الصحراء والبحر، إلى جانب الحكم والأقوال القديمة، فكان معجماً تراثياً متنقلاً.
وأكد أن المغفور له بإذن الله كان متذوقاً رفيعاً للشعر ويحب الاستماع للشعراء والأدباء، على الرغم من عدم كتابته له، مؤكداً على تقديره لحضور المثقفين الشعراء والأكاديميين والدكاترة، لمجلسه الذي جمع أطيافاً من المثقفين والسياسيين والأدباء.
موسوعة أدبية
يتذكر الروائي عبيد بوملحة، حضوره مع والده الشاعر إبراهيم بوملحة قبل 7 سنوات أحد مجالس المغفور له بإذن الله، حيث عرض الوالد حينها كتابه «الشاعرة هداية الساجوب» وعرف الراحل بلمحة بسيطة على الكتاب الأسلوب البحثي، الأمر الذي يدل على أنه كان يعتبر موسوعة ثقافية، خاصةً أن الشاعرة هداية كانت من الشعراء المحليين المنسيين.
وأكد أن مجلسه كان عامراً بدروب الثقافة والأدب والتاريخ، مشيراً إلى أنه إذا كان الشيخ حمدان بن راشد قد رحل عنا جسداً إلا أن أعماله ستظل شاهدة على عطائه اللامحدود، لاسيما أن هنالك الكثير من المنشآت حول العالم استفادت من عطائه.
دعم الباحثين
اعتبرت الروائية د. سعاد الشامسي، وفاة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، خسارة لدولة الإمارات ولكل إماراتي، فهو ابن بار وشخصية لا تعوض، كما أنه كان من أكبر الداعمين للكتاب والمتفوقين دراسياً ولديه العديد من المبادرات منها جائزة الشيخ حمدان للأداء التعليمي المتميز وكذلك جائزة العلوم الطبية.
ولفتت إلى أن الراحل كان مهتماً بالثقافة والكتاب والدراسات العملية والعلوم، وكان أكبر الداعمين للباحثين في العلوم.
أثر عظيم
ونعت الكاتبة والناقدة الدكتورة مريم الهاشمي، المغفور له بإذن الله بالقول: «رحم الله فقيد العلم والأدب والتقارب الحضاري، المرتحل لجوار ربه وإليه راجع؛ إلا أنه لن يرحل عنا الفقيد الذي نأى بنفسه وعمل في صمت، لكن بانت وفاحت آثاره الطيبة، وترسخت مآثر فكره في ذوات من نهلوا من مبادراته في شتى الميادين الثقافية والفكرية والإنسانية والرياضية».
وأضافت الهاشمي، أنها تخص هنا ما كان له أثر عظيم في تشكيل ذواتهم وفكرهم حين كان الابتعاث إلى بلد غريب، لكنه جعله بمثابة الوطن بين جدران كلية آل مكتوم للتعليم العالي في اسكتلندا، مشيرة إلى أنه كان له الفضل في صقل فكر أبناء الوطن بالتسامح والتقبل، وإيصال هويتنا للآخر.
صاحب نظرة ثاقبة
وأكد الكاتب والباحث الدكتور سالم الطنيجي، أنّ دولة الإمارات فقدت أحد الرجال الذين عاصروا قيام الاتحاد، وكان له دور كبير في ملف الميزانية في الدولة، حيث إن الفقيد قدم إسهامات كثيرة في مجالات الثقافة والرياضة والتعليم.
وأشار إلى أنه في المجال الرياضي كانت له نظرة ثاقبة في تطوير الحركة الرياضية وما يتعلق بالأندية الرياضية والمسابقات التراثية التي تتعلق بالرياضات البحرية، وكان يدعمها بقوة، وكانت لديه تصريحات دقيقة وتصب في المصلحة العامة لرياضة دولة الإمارات، ومن جهة أخرى في مجال التعليم الراحل أسس جائزة باسم حمدان بن راشد للتميز التربوي وكان يصرف عليها بسخاء إيماناً منه بأن التعليم وعناصره المختلفة في حاجة إلى تحريك الميدان التربوي، حيث أفرزت الجائزة الكثير من الإبداعات في دولة الإمارات.
وختم: فقدنا في دولة الإمارات رجلاً عظيماً وفارساً في المجالات الرياضية والتعليمية والتراثية، نسأل الله له الغفران، وأن يسكنه الجنة.. وإنّا لفراقه محزونون.. إنا الله وإنا إليه راجعون.
منجزات كبيرة
وصفت الكاتبة صالحة غابش، رحيل الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، بالفقد الكبير للجميع على أكثر من صعيد، حيث يعتبر الراحل من رجال الدولة الذين عاصروا قيام الاتحاد، وتولى منصب وزير المالية منذ أول تشكيل وزاري في الدولة، وله منجزات مهمة على صعيد الشؤون الثقافية والتعليمية والرياضية، فكانت له الكثير من المبادرات المهمة في مجال الثقافة من أجل تطوير الثقافة والاهتمام بها في دولة الإمارات.
وتابعت: عُرف عن المغفور له بإذن الله اهتمامه بالأعمال الإنسانية، وشغفه بالثقافة والآداب والتطورات العلمية، وحرصه على التنمية المستدامة في بيئة مستقرة ترتكز على الحوار والشراكة.
حفظ التراث
واعتبر الباحث في التراث فهد المعمري، دعم واهتمام الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم بمسابقات للقوارب الشراعية التراثية، رسالة لكل الأجيال، كونها لقاء لتجديد الذكريات مع قصة كفاح الأجداد، مشيراً إلى أن المغفور له من المحافظين على التراث والمشجعين على حفظ التراث ونقله للأجيال، كما كان له إسهامات وإنجازات، طيب الله ثراه، في تأسيس دولة الإمارات، وجهوده التي ساهمت في الارتقاء بالعديد من القطاعات المهمة في الدولة، مشيراً إلى أن عطاءه اللامحدود وأياديه البيضاء التي امتدت إلى خارج حدود الوطن، رسمت البسمة على وجوه الكثير ممن تقطعت بهم السبل.
اسم خالد
لم تسعف الكلمات الباحث والكاتب علي العبدان، عن التعبير عن حزنه العميق لفقدان الشيخ حمدان بن راشد، مؤكداً أن اسمه سيبقى خالداً في تاريخ الوطن الغالي، كونه قامة وطنية مؤثرة في سجلات العطاء، بعمله الدؤوب على إعلاء الثقافة والعلم والمعرفة، مؤكداً أن له بصمات دامغة في دعم المجتمع ومساعدة الجميع.
ونوه باهتمامه بالتراث الإماراتي عبر دعم الألعاب التراثية، من أجل ربط الأجيال الجديدة بذكريات الآباء والأجداد وتعريفهم بالتاريخ الكبير لدولة الإمارات.