الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

اختصاصيون: الأهواء الشخصية والأحكام الانطباعية تفسدان رقابة "النقاد الهواة" على سوشيال ميديا

اختصاصيون: الأهواء الشخصية والأحكام الانطباعية تفسدان رقابة "النقاد الهواة" على  سوشيال ميديا
توافقت آراء نقاد متخصصين وفنانين، على أن سوشيال ميديا، نصبت من روادها رقيباً أكثر قسوة على الأعمال الدرامية، من نظيره الرسمي الذي يأخذ بعين الاعتبار الجوانب الفنية وعدم التجني على حرية الإبداع، مشيرين إلى أن انتقادات سوشيال ميديا تنقسم إلى نوعين، الأول متعنت يتحكم فيه الهوى ولا يستند إلى أي أسس نقدية، والثاني مسلط عبر الكتائب الإلكترونية الموجهة.

ورأى النقاد المتخصصون، أن السوشيال ميديا أفرزت شريحة من الهواة الذين يمارسون فعل النقد، دون دراية، وأغلبهم يبدون آراء انطباعية، متأثرين بآراء منتشرة، مجهول مصدرها الأساسي، وجانب منها في كثير من الأحيان محملاً بمغالطات عديدة، ليتم تضخيم بعض حسنات العمل الدرامي، أو حتى أخطائه البسيطة، إلى قضايا جدلية، داخل كرة ثلج، تكبر مع كل "بوست" أو "تغريدة"، بعيداً عن الاعتبارات المهنية المرتبطة بالنقد الدرامي، وهو ما تسبب بالفعل في استبعاد العديد من البرامج والمسلسلات، أو التأثير في حظوظها بالمشاهدة.


وأكد نقاد وفنانون لـ"الرؤية" أن أخطر ما في قرار الشركة المنتجة لمسلسل الملك، بمراجعة قرار بثه خلال الموسم الرمضاني، بناء على حملة على وسائل "التواصل"، طالبت باستبعاده، هو الاعتراف بسطوة سوشيال ميديا وإضافة نوع من الرقابة الجديدة على الأعمال الفنية، مشيرين إلى أنها رقابة خاطئة ذات حكم مسبق، متسائلين كيف حكم الناشطون على المسلسل رغم أنهم لم يشاهدوا إلا «برومو» لم تزد مدته على دقيقتين.

وأشاروا إلى أن تحّول الناشطين إلى نقاد فنيين، يلتقطون الأخطاء والسقطات المهنية للأعمال الدرامية، ظاهرة صحية إذ جاءت في إطار النصح والإرشاد، لا التصيد والاغتيال، مشيرين إلى أنها لو جاءت في الطريق الصحيح كفيلة بإجبار صناع الدراما على تقديم أعمال متقنة.



رقابة جديدة

اعتبر الناقد رامي متولي أن أخطر ما في قرار الشركة المتحدة هو إضافة نوع من الرقابة الجديدة على الأعمال الفنية، وهي رقابة السوشيال ميديا، مشيراً إلى أنها رقابة خاطئة ذات حكم مسبق.

وتابع: من هاجموا العمل لم يشاهدوه ليحكموا عليه من الأساس بل شاهدوا برومو لم تزد مدته على دقيقتين منها 30 ثانية «بوستر إعلاني ثابت» فكيف حكموا على المسلسل؟!

ونوه بانه لا يرفض رقابة سوشيال ميديا لكنه يتمنى أن تأتي في إطارها الصحيح البعيد عن التصيّد والاغتيال، لافتاً إلى انها قد تكون أداة جيدة تجبر صناع الدراما على تقديم أعمال راقية.

وأضاف متولي أن الطبيعي أن تُرفض أي قيود إبداعية على صانع العمل الفني، وأن يُحكم على أي عمل بعد مشاهدته بصورة كاملة والحكم عليه، ونقده والحكم إن كان يشوه التاريخ من عدمه، لا أن يتم الحكم عليه من «برومو».

وأوضح متولي أنه في كل عام تتعرض عشرات المسلسلات لهجوم ولم يجري إيقافها، «فلماذا جرى إيقاف مسلسل (الملك)، ولمصلحة من يتم إهدار جهود طاقم عمل كامل لمدة عام وميزانية ضخمة بسبب السوشيال ميديا التي نؤمن بقوتها، ولكن لا نؤمن بقوتها لتصبح رقابة جديدة على الأعمال الفنية».



أحكام قاسية


يرى الناقد أندرو محسن أن الوضع الحالي لا يزال ملتبساً، مشيراً إلى أن بيان الشركة المنتجة لم يقل بمنع المسلسل، وإنما قال إن «المسلسل سيتم عرضه على لجنة مراجعة، ولا نعرف ماذا سيحدث».

ويعتقد الناقد الفني أن رقابة سوشيال ميديا وحكمها قد يكون أكثر قسوة من الرقابة الرسمية، فالأخيرة تأخذ بعين الاعتبار الجوانب الفنية فضلاً عن الالتزام بحرية التعبير، في حين تنقسم آراء رواد سوشيال ميديا إلى نوعين، أولهما يغلب عليه التعنت، حيث يشن صاحبه هجوماً قد يكون مؤذياً أحياناً، فيما يكون النوع الثاني مأجوراً نتيجة خلافات بين طاقم العمل، الأمر الذي يولّد معارضة ما يعرف بالكتائب الإلكترونية.

وأشار إلى أن خطورة منع المسلسل تكمن في أن مد الخط على استقامته لجمهور السوشيال ميديا قد يتسبب في منع مسلسلات ليس لأسباب فنية ولكن لأنها لا تناسب ذوق بعض الجمهور مثلاً.

واستبعد محسن أن يتم إعادة تصوير المسلسل مرة أخرى لأن التفاصيل المرفوضة هي في شكل البطل، الموجود في أغلب المشاهد، كما أن المسلسل يضم العديد من مشاهد المعارك الحربية التي تضم المئات من المجاميع.

ورغم رفض محسن إيقاف أي مسلسل، إلا أنه يرى أن الأزمة تكمن في أن التفاصيل التي كان المطلوب الالتزام بها لا تتعلق برؤية مخرج كما في مشهد الفرعوني بنظارة الشمس في فيلم «إسكندرية كمان وكمان» ليوسف شاهين الذي قدم مشهد فانتازيا، وإنما في تفاصيل تتعلق بالحقبة الزمنية وليس لها علاقة بأي رؤية للمخرج.

وأوضح أن ما حدث في المسلسل هو امتداد طبيعي لما طالب المخرجون بتلافيه، حيث تظهر فنانات في مسلسل في حقبة الخمسينات بأظافر «جيل» حديثة.



الرخصة الإبداعية

وهاجم المخرج يسري نصرالله قرار وقف المسلسل، معتبراً وقف تصوير ومنع مسلسل من العرض أمر شديد الخطورة، ولا يمكن قبوله، داعياً الجهة المنتجة على مناقشة صناع العمل ومن ثم يتركوا الحكم للجمهور.



فيما لا يصدق حتى الآن المخرج عمرو سلامة أن هناك قراراً أوقف مسلسل الملك، مشيراً إلى انه لا يجد حتى الآن مبرراً لقرار يلقي عشرات الملايين من الجنيهات في الزبالة مع مجهود مضنٍ لفريق عمل كامل يعمل منذ سنة، مؤكداً أن هذا القرار يحجر على الناس حق مشاهدة العمل وتقييمه ونقده.

ولفت إلى أن لكل عمل رخصة إبداعية، ومن حق فريق العمل أن يظهر الفراعنة بعيون زرقاء وبشرة شقراء، كما ان من حق الجمهور الإشادة به أو ذمه.



ويرفض السيناريست محمد صلاح العزب، هذا القرار، مشيراً إلى أنه نفس ما حدث مع نجيب محفوظ يتكرر مع روايته كفاح طيبة ومسلسل الملك أحمس، مجموعة ممن لم يقرؤوا روايته أولاد حارتنا رأوا أنها «مضايقاهم» فقرروا اغتياله، وفي 2021 مجموعة أخرى على السوشيال ميديا ممن لم يشاهدوا المسلسل الذي لم يتم عرضه رأوا أن المسلسل «مضايقهم» فقرروا اغتياله.

وأضاف العزب أنه ضد منع أي عمل فني، داعياً الجمهور إلى الانتظار حتى عرضه وبعد ذلك فلينتقدوه كما يشاؤوا، متسائلاً لماذا نمنع عملاً فنياً أنفق عليه عشرات الملايين وتعب على إنجازه العشرات من أفضل العاملين بالمجال".

وتابع: لو تأكدنا أن هناك أخطاء فهذا أمر طبيعي لأنه عمل بشري ولا يوجد عمل بشري يخلو من الأخطاء، موضحاً أنه لا يمكن محاسبة الأعمال الفنية بمبدأ الصواب والخطأ.