السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

127 ألف زائر يودعون حكايات «الأيام التراثية» في الشارقة

بعد 22 يوماً تحولت فيها ساحة التراث في قلب الشارقة إلى كرنفال للاحتفاء بتراث 29 بلداً عربياً وأجنبياً، أسدلت «أيام الشارقة التراثية» الستار على فعاليات دورتها الـ 18، فاتحة بذلك الباب على مشروع إمارة الشارقة تجاه حماية التراث وتوثيقه والانطلاق منه كمساحة تؤكد حجم المشترك الإنساني بين شعوب وحضارات العالم.



وودع 127,600 شخص ، هم جملة زائري فعاليات المهرجان المختلفة، الحدث الذي حمل هذا العام شعار «التراث الثقافي يجمعنا» ، بعد أن حمل حكايات مختلفة، من ذاكرة بلدان كاملة إلى قلب الشارقة، عبر برامج تراثية متكاملة من الجبل الأسود، وكازاخستان، ومقدونيا، وطاجكستان، وبلاروسيا، وإسبانيا، وبركوشستان والهند وروسيا وبلغاريا؛ ففي الوقت الذي كانت الفرق الشعبية الإماراتية تردد أغاني أهالي الجبال وأهازيج الصيادين، ويعلو من جهة إيقاع طبل الراس، وصوت الجربة، كانت تصدح من جهة أخرى إيقاعات الدومبرا، والكلكوبيز، والكواري، وغيرها من آلات الموسيقى الشعبيّة القادمة من آسيا وشرق أوروبا.

حول اختتام فعاليات «أيام الشارقة التراثية 18»، قال عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة التنظيمية لأيام الشارقة التراثية: «دورة الأيام لهذا العام لم تكن استكمالاً لما قدمته خلال الـ 18 عاماً الماضية بقدر ما كانت تسجيلاً لتاريخِ مفصلي فيِ مسيرة أيام الشارقة التراثية، حيث حملت رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تجاه ضرورة صون تراث الشعوب لبناء مستقبلها، ونقلت رسالة الشارقة حول قدرة التراث على جمعنا رغم ما يمر به العالم من ظروف وتحديات».



ذاكرة الإمارات

وجسدت الفعاليات عمق التراث الإماراتي حيث نقلت ذاكرة حياة الأولين في مختلف بيئات الإمارات إلى العالم، إذ شهدت زيارة وفود رسمية من مختلف السفارات في الدولة، وتجول زوّار الحدث في أركان مخصصة للبيئة الجبلية، والبحرية، والبدوية، والزراعية، فكان كل ركن أشبه بعودة في الزمن إلى مئة عام ماضية، حيث طقوس إعداد القهوة، وري المزروعات بالدواب، والترحال على ظهر الجمال، والحرف تتوزع بين صناعة الحبال والسفن والأواني والسيوف وغيرها.





ذاكرة الشعوب

ومع بداية فعاليات الحدث يومياً بعد الساعة الرابعة مساءً، كانت تخرج فرق فنية من مختلف بلدان العالم من أجنحة بلدانها المشاركة لتحتفي مع الجمهور بذاكرة غنائها، وفنونها الشعبية؛ فمن جناح ضيف الشرف - مونتينيغرو الذي يتوسط ساحة التراث حيث تعرض أصناف من العسل والجبن المونتينيغري، كانت تطل طوال الأيام مجموعة من الفتيات والفتيان بأثوابهم التقليدية المطرزة ليؤدوا عروضاً ساحرة، تعرف مشاهديها بتراث شعب استوطن الجبال وبنى سيرته على ضفاف الأنهر والبحيرات.

ومن كازاخستان حيث يروّض الرجال الخيل في البراري، وتزين النساء البيوت بالقماش المطرز والمزخرف، تعالى صوت إيقاع الطبول والدفوف والآلات الوترية التقليدية ليجمع الزوّار على موسيقى ورقصات تكشف طقوس الفرح ومناسبات الزفاف الكازاخي، وتجسد أمام مشاهديها كيف تعلق الشعب الكازاخي بطبيعة بلاده فصارت ملابس نسائه بلون الورد.



رائحة البهارات

وكان يكفي المرور في أروقة الحدث للسفر بالرائحة إلى مدن وبلدان بعيدة، فمن رائحة اللقيمات والجباب والثريد الإماراتي، كان الزائر يسافر إلى اليمن مع رائحة الزربيان، وينتقل إلى الأردن على أجواء إعداد المنسف، ويبحر نحو الضفة الأخرى من البحر المتوسط مع حلوى التوت الكازاخي، ويعود إلى فلسطين حيث تفوح رائحة الزيت من طبق المسخن، ليقف من بعدها أمام طيبة ملامح الحلواني العماني وهو يقلب مزيج الحلوى بقدر كبير تفوح منه رائحة الهيل والزعفران.

صناعات وحرف

ومن ذاكرة المطبخ الشعبي لبلدان تحمل ذاكرتها تاريخاً طويلاً من فن التعايش والتكيف مع البيئة وابتكار الفن، شكلت "أيام الشارقة التراثية" فرصة أمام زوّارها للتعرف على تفاصيل متشابهة بين شعوب المنطقة والعالم، تجلت في العديد من الصناعات والحرف، ففي الوقت الذي كان أهالي شَمل الإماراتية يعرضون كيف كانوا يصنعون الأواني منذ مئات السنين بالطين، كان يجلس حرفيّ من المالديف يعد الجرار والأواني من خشب شجر الكاجو.



مسرح الجاليات

وشهد «مسرح الجاليات» ضمن فعاليات الأيام ليالي متواصلة للفرح والغناء أحيتها فرق فنية شعبية من مختلف بلدان العالم، حيث تعرف الجمهور على ذاكرة الغناء والعزف لكل من سوريا والعراق واليمن ومصر والمغرب وفلسطين ولبنان، والهند وباكستان، وغيرها من البلدان.

وأتاحت الأيام فرصة أمام أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذين اتخذوا من التراث مساحة لتقديم منتجات مبتكرة وجديدة، إذ استضاف الحدث عشرات المنصات لصناع الملابس التقليدية ومحلات العطور والبخور، وأصحاب المطاعم التقليدية والمنزلية، ومن يملكون ورشاً للتطريز والنقش، وصناعة التذكارات، وغيرها من الفنون والحرف.