الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

حياة الفهد تبحث عن الزمن الضائع بـ«مارغريت»

حياة الفهد تبحث عن الزمن الضائع بـ«مارغريت»

تقدم الفنانة الكويتية حياة الفهد شخصية مثيرة للجدل والتأمل، بدورها في مسلسل «مارغريت» الرمضاني.

تكهنات كثيرة ثارت حول العمل قبل عرضه، خاصة مع تكتم صناعه حول قصته وأحداثه، من بينها أنه يتناول حياة الأميرة مارغريت، أخت ملكة بريطانيا، ولكن بمجرد عرض الحلقات الأولى منه تبين أن أحداثه «عربية» مئة بالمئة، حتى لو كانت بطلته الرئيسية من أصل إنجليزي واسمها مارغريت، ولكنها عربية أيضاً، وأحداث المسلسل تدور كلها في الكويت.





يبدأ المسلسل الذي يخرجه السوري باسل الخطيب بداية مثيرة، مبتكرة، إذ تتحدث الشخصيات للكاميرا مباشرة عن شخصية مارغريت، الشهيرة بلقب «الغالية» (حياة الفهد)، بعضهم يحبها، والآخر يكرهها، ولكن الجميع يؤكدون قوة شخصيتها وتأثيرها على حياتهم. نعرف أنها بريطانية عربية، من أب عربي وأم إنجليزية، عاشت معظم طفولتها وشبابها في إنجلترا، وأنها تزوجت ابن رجل أعمال كويتي بناء على صفقة بين الأبوين، مع أنها كانت تحب شخصاً آخر في شبابها، وأن زوجها كانت له زوجة سابقة، وأخت، تغاران من مارغريت، ولكنها استطاعت أن تصبح الشخصية المسيطرة في العائلة، وأنها حكيمة، مثقفة، تحب عمل الخير، وتراعي الله والأخلاق.





بعد مقدمة قصيرة داخل أحد القصور، حيث تسكن بنات مارغريت الثلاث، الكبرى فقط متزوجة ولديها مشاكل دائمة مع زوجها، يبدو عليهن القلق والترقب لعودة مارغريت إلى بيتها بعد رحلة طويلة قضتها في إنجلترا. في اليوم نفسه تصل مارغريت، وبمجرد وصولها تبدأ في تنفيذ بعض القرارات التي يبدو أنها اتخذتها قبل عودتها، ومنها الذهاب إلى ضرتها وأبنائها ودعوتهم للإقامة معها في القصر، ثم الاستعانة بصديقها القديم مزيد ( حسن البلام) لتنفيذ مشروع خيري يهدف إلى مساعدة الشباب الفقراء على الزواج، وهي فكرة استلهمتها من تجربتها الخاصة، عندما أجبرها والدها على الزواج من رجل لا تحبه، ومن تجربة إحدى خادماتها، التي تحكي لمارغريت عن قصة حبها لشاب رفضه أبوها، وموت الشاب بعد قليل.



بالرغم من الخير الذي تفعله، ومن حسن نواياها الدائم تجاه الآخرين، إلا أن الأحقاد تحيط بمارغريت، وعلى رأس من يكرهونها أخت زوجها هيفاء (سعاد علي) وشابة مجهولة تلتحق بالعمل لديها كخادمة لا نعرف بعد حكايتها. ومع أنها ترعى بناتها وتحبهن إلا أنهن يشعرن بالخوف منها.



ولكن ما علاقة كل ذلك بكون مارغريت إنجليزية؟ يوضح المسلسل الذي كتبه كل من محمد، وعلي شمس، أن الاختلاف الأساسي بين مارغريت وبناتها والمحيطين بها هو طباعها وعاداتها الانجليزية الصارمة، والتي تقابل بمقاومة من قبل أقارب مارغريت والمحيطين بها. تبدو مارغريت وكأنها قادمة، ليس فقط من بلد آخر، ولكن من عالم وزمن آخر. هناك الكثير من المشاهد لها بمفردها وسط الطبيعة، على شاطئ البحر، ودائماً ما يصحب ظهورها موسيقى شجية محملة بالنوستالجيا، أي الحنين للماضي، ومن الملفت أن زمن أحداث المسلسل غير محدد بدقة. الحياة تخلو ليس فقط من الهاتف الجوال والكمبيوتر ولكن حتى من التلفزيون.





هذا الإحساس الغريب الذي يغلف العمل بتصويره وإيقاعه وموسيقاه وطبيعة الأماكن التي تدور فيها الأحداث يثير شعوراً بالحنين إلى زمن ضائع لم يعد له وجود، راح أفضل ما فيه، وهو كل ما تمثله مارغريت من تسامح وتعددية وحب للخير ونبذ للجشع والصراع على المادة.



بشكل ما يشبه الحنين إلى الماضي الذي يحمله مارغريت ذلك الحنين الذي كان يحمله عملها الرمضاني السابق «أم هارون» لزمن تجاور فيه أصحاب الديانات والطوائف المختلفة في سلام وتكامل.



إن حياة الفهد ليست فقط مجرد ممثلة ومنتجة تحرص على اختيار أعمالها بحيث تعبر عن آرائها ومشاعرها، ولكنها هي نفسها، بسنواتها الطويلة وحضورها الممتد على الساحة الفنية إنما يجعلها مثل مارغريت، امرأة قادمة من عصر آخر، وكوكب آخر، تحمل رسالة إلى شباب اليوم.. وهي رسالة تحتاج أن تُقرأ بعناية!