صنع مسلسل «حرقة» شبه إجماع في الشارع التونسي، وكذلك على منصات السوشيال ميديا، حيث توافقت معظم الآراء على تفوّقه فنياً في الماراثون الدرامي الرمضاني ، بل وحقق تميزاً للقناة الوطنية الأولى منذ بداية عرضه، في سياق تنافسها مع سائر الفضائيات التونسية.
ويأتي المسلسل في عشرين حلقة كتب له السيناريو عماد الدين الحكيم وأخرجه لسعد الوسلاتي، وكان يفترض أن يبث في رمضان الماضي لكن التصوير تعطّل في المشاهد الإيطالية، بعد أن أغلقت إيطاليا حدودها بسب كورونا.
المسلسل دراما موجعة كالحقيقة.. يصوّر رحلة الموت في قوارب قديمة، ويتوغّل في عالم مهربي البشر من منظمي رحلات الموت المعروفة في تونس بـ «الحرقة» أو الهجرة غير الشرعية في التعريف الإداري.
الحلم الخطر
مجموعة من المآسي الإنسانية يربط بينها طموح الوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط عبر شبكات تمتد من تونس إلى ليبيا وإيطاليا، وآلاف التونسيين والأفارقة يلتهمهم المتوسط كل عام.
يكاد لا يمر أسبوع واحد دون تسجيل ضحايا في المياه الإقليمية التونسية، وهو ما كشفه المسلسل، الذي مثّل صيحة فزع وناقوس إنذار لتنبيه الشباب من الحالمين بالهجرة بأن أوروبا ليست الجنة.
العائلات التونسية وجدت في هذا المسلسل صورة من عذابها النفسي ومرارة الفقد، حيث أصبح حلم الهروب من البلاد غير مقتصر على الشباب وحدهم.
يحكي المسلسل قصص خميس الكهل الأعمى، وهالة الحبلى من حبيب هارب، والتي تبحث عن الخلاص من قسوة المجتمع، وفارس الشاب الصغير الذي تلح عليه والدته للهروب من البلاد، ومجيد مربي النحل الذي يفقد ابنه فجأة فيصاب بالجنون ويمضي هائماً على وجهه في ميناء جرجيس على الحدود الليبية.
مجموعة من الحكايات الحزينة لتونسيين وأفارقة يقدمها المسلسل في بناء درامي مشوق تكشف منظومة التجارة بالبشر وقسوة الحياة.
اعتبر المسرحي علي اليحياوي مديز مركز الفنون الدرامية والركحية بتطاوبن أن هذا المسلسل الموجع نجح في تقديم مأساة الحرقة كما يعيشها التونسي، وكشف عن ممثلين جدد من الجنوب.
وفي السياق ذاته قال السينمائي الشاب وليد دبوني إن مسلسل حرقة قدم طرح درامي عميق وقدم نجوماً جدداً من الجنوب التونسي.
فيما قالت الروائية والأستاذة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة آمنة الرميلي،، إن قوة المسلسل في أنه لامس الوجع الإنساني مشيرة إلى أنها انبهرت بأداء الممثلين.