الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

ممثلون مغاربة يشكون التهميش بسبب مؤثري "السوشيال ميديا"

ألقى ممثلون مغاربة باللوم على صانعي الدراما الرمضانية، الذين ساهموا في عملية تهميشهم، واستبدالهم بمؤثري "السوشيال ميديا"، استغلالاً لما يمتلكون من قواعد جماهيرية كبيرة، كَوَّنُوهَا من خلال حساباتهم وصفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يساهم بنظرهم في الترويج للعمل الفني بشكل أفضل، وهو ما تسبب في معاناة ممثلين مغاربة من البطالة الفنية.

ورغم ان عدد الإنتاجات السينمائية والدرامية السنوية في المغرب قليل مقارنة مع ما يُنتَج سنويا من تلك الأعمال الفنية في مناطق عربية أخرى، على رأسها مصر والخليج العربي، إلا أن موسم رمضان في المغرب يعتبر فرصة للممثلين المغاربة، لتحقيق مداخيل مالية من خلال أدوارهم في المسلسلات التي تنتجها القنوات التلفزيونية المغربية.

الممثلة المغربية، سعاد قاديري (46 عاما)، التي شاركت خلال مشوارها الفني في مجموعة من المسلسلات والأفلام المغربية الشهيرة، واحدة من الممثلين المغاربة البارزين المشتكين من "مزاحمة مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي لها ولزملائها في مجال التمثيل".


منافسون جدد


قاديري قالت لـ "الرؤية"، "إن استعانة المخرجين والمنتجين المغاربة بمؤثري السوشيال ميديا، دفعها ومجموعة من الممثلين المغاربة البارزين إلى إنشاء حسابات على إنستغرام، وتكليف مَنَادْجْرْ (مدير أعمال) بتسييرها، والرفع من عدد متابعيها، مقابل مبالغ مالية ضخمة يدفعونها له شهريا، لكي تصبح حساباتهم على التطبيق المذكور متابعة من قِبل عدد ضخم من الأشخاص، ما سيجعلهم يجذبون يغرون أولئك المخرجين والمنتجين ليعرضوا عليهم أدوارا".



وأضافت قاديري، التي تخرجت من معهد الفن والموسيقى والمسرح في مدينة الدار البيضاء المغربية سنة 2006، "أن مؤثري السوشيال ميديا أصبحوا ينافسون الممثلين في المغرب بشدة"، متوقعة "اختفاء المغاربة من الأعمال الدرامية والسينمائية والتلفزيونية المغربية مستقبلا، وتعويضهم بأولئك المؤثرين، الذين يقبلون، بحسبها، بأجور أقل من تلك التي يطلبها الممثلون"، منتقدة "عدم تلقيهم تكوينا في مجال التمثيل".

وأوضحت "أن استعانة المخرجين والمنتجين المغاربة بمؤثري السوشيال ميديا بدأت قبل خمس أو ست سنوات، لكنها بلغت أوجها خلال موسم رمضان الماضي، وكانت ملحوظة بشكل كبير في مجموعة من المسلسلات المغربية الرمضانية؛ من بينها 'ياقوت وعنبر'، الذي عرض على القناة المغربية الأولى، و'سلمات أبو البنات'، الذي بث على قناة 'إِمْ بِي سِي 5' السعودية المخصصة للمغرب".

طاقات كامنة

ولمناقشة الموضوع من الزاوية الأخرى، تواصلت "الرؤية" مع مخرج المسلسل المغربي الشهير "ياقوت وعنبر"، محمد نصرات، أحد أبرز المخرجين المغاربة، والذي استعان في المسلسل المذكور بمؤثري مواقع التواصل الاجتماعي.

نصرات أفاد، في تصريحات لـ "الرؤية"، "أنه يحرص في الأعمال التي يخرجها على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب؛ سواء تعلق الأمر بالمشخِّصين أو بالتقنيين، وهو الأمر الذي تَشَرَّبَهُ، بحسب قوله، من عمله مع كبار المخرجين والممثلين العالميين".



وأبرز نصرات، الذي يعرض له أكثر من مسلسل في موسم رمضان الحالي، "أنه يختار الوجوه، التي ستصلح لأداء أدوار أعماله، وأن استعانته بمؤثر السوشيال ميديا المغربي، الشاب ربيع الصقلي، الذي يتابعه حوالي مليوني شخص على إنستغرام، وحوالي مليون شخص على فيسبوك، في بطولة مسلسل 'ياقوت وعنبر'، جاء بعدما رأى أن لديه طاقة، وأنه عززها بتلقي تكوين في المسرح"، مشددا على "ضرورة التعامل بذكاء مع هذه الطاقات، وإعطائها الفرصة".



كما قال نصرات "إن الغرض من استعانته بمؤثري مواقع التواصل الاجتماعي ليس خلق 'الْبُوزْ'، أو إثارة انتباه الجمهور إلى أعماله، لأنه إذا كان يفكر بتلك الطريقة، فذلك معناه أن أعماله ناقصة وفيها خلل ما".

وفي السياق نفسه، وجه المخرج ذاته الدعوة إلى الممثلين المغاربة، الذين يشتكون من التهميش، ويبررون ذلك باستبدالهم بمؤثري السوشيال ميديا، لكي يجتهدوا أكثر، ويطورا من أنفسهم في مجال التمثيل، لتتم المناداة عليهم من طرف المنتجين والمخرجين المغاربة، لأداء أدوار في إنتاجاتهم وأعمالهم".

فرصة بشروط

من جهة أخرى، يتسامح مجموعة من الممثلين المغاربة مع ولوج مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي إلى ميدان التمثيل في المغرب، شريطة أن "تكون الأولوية للممثلين، الذين تلقوا تكوينا في المجال، وبعد ذلك يمكن اللجوء إلى أولئك المؤثرين، شريطة أن يكونوا فعلا موهوبين".

الممثلة المغربية الشابة، فاطمة الزهراء قنبوع، التي تخرجت من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي سنة 2014، إحدى هؤلاء، إذ تدعم مسألة "فتح الباب أمام أولئك المؤثرين، للمشاركة في الأفلام والمسلسلات المغربية، لكن بعد إعطاء الأولوية لخريجي المعاهد المغربية، التي تقدم تكوينات أكاديمية في مجال التمثيل".



ودعت قنبوع، التي شاركت في بطولة مسلسل "ياقوت وعنبر" إلى جانب المؤثر ربيع الصقلي، في حديث مع "الرؤية"، إلى السماح لأولئك المؤثرين بالمشاركة في الأعمال السينمائية والدرامية المغربية"، مردفة: "إذا قدموا أداء جيدا، تتم المناداة عليهم للمشاركة في أعمال أخرى، في حين أنه إذا ثبت العكس لا يتم تجديد الثقة فيهم مرة أخرى".

وذهب الممثل والكاتب والمخرج المسرحي المغربي المعروف، الصديق مكوار، إلى تبني الموقف نفسه، موضحا لـ "الرؤية" "أن المجال الفني يبقى مفتوحا أمام الجميع، ومصادرة حق الولوج إليه ممنوعة، وأن ولوج أشخاص غير مكوَّنين أكاديميا في مجال التمثيل إلى هذا الأخير لا يزعجه، شريطة أن يكونوا موهوبين، رغم أنه ينتمي إلى مدرسة الممثلين المغاربة، الذين ولجوا هذا الميدان بعد تلقي تكوين أكاديمي فيه"، داعيا "إلى ضرورة تقدير هؤلاء عبر منحهم كُوطَا (نسبة) معينة من عدد أدوار العمل السينمائي أو الدرامي، ثم تخصيص النسبة المتبقية للفئات الأخرى الوافدة على المجال دون تكوين".