الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«الصدفة» تكشف العلاقة بين أفراس النهر وانتشار الأوبئة في أفريقيا

«الصدفة» تكشف العلاقة بين أفراس النهر وانتشار الأوبئة في أفريقيا

قد لا تكون أفراس النهر هي أول ما يتبادر إلى أذهان العلماء عندما يفكرون في دراسة أحد الأوبئة أو الأمراض المتوطنة في منطقة ما من العالم، ولكن الصدفة البحتة هي التي أتاحت لفريق من الباحثين من الولايات المتحدة فرصة لدراسة دور هذه الحيوانات الضخمة في انتشار وباء الجمرة الخبيثة في منتزه «رواها الوطني» بتنزانيا خلال موسم الجفاف عام 2017.





وتمثل هذه الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين من جامعة كاليفورنيا في سانتا مونيكا بالولايات المتحدة ونشرتها الدورية العلمية «إيكو سفير» فرصة فريدة لدراسة النظم البيئية في ظل التعرض لوباء ما، واستعراض التغيرات التي تطرأ على صحة الإنسان وعناصر الحياة البرية بشكل عام جراء هذا المرض.

ويقول الباحث كينان ستيرز المتخصص في مجال البيئة والنظم الحيوية البحرية في جامعة كاليفورنيا: "لم أكن اعتزم في الأصل دراسة هذا الموضوع، ولا يمكن أن يخطط أحد لحدوث وباء ما... فهذه المسألة تحدث بالصدفة البحتة".

وكان ستيرز وفريقه العلمي يهدفون في الأساس إلى دراسة سلوكيات وأنماط حياة أفراس النهر في مواسم الجفاف، ومن أجل هذا الغرض، ثبتوا أطواقاً تحتوي على أجهزة لتحديد المواقع عن طريق الأقمار الصناعية في 10 ذكور من حيوانات أفراس النهر في حوض نهر رواها بتنزانيا.



وكان ستيرز وفريقه متواجدين في منطقة الدراسة في الفترة ما بين عامي 2016 و2017 لإجراء إحصاء لأعداد أفراس النهر وصيانة الأجهزة المستخدمة في التجربة، بعد أن ظلت أجهزة تحديد المواقع مثبتة في رقاب تلك الحيوانات لمدة عام تقريباً، حيث لاحظ أن أحد الأطواق لم تتحرك منذ عدة أيام، وظن ستيرز في البداية أن جهاز تحديد المواقع لا بد وأن يكون قد سقط من فرس النهر.

وأثناء البحث عن الجهاز المفقود، عثر على بركة من المياه الراكدة تحتوي على 6 جثث لأفراس نهر نافقة، وعندئذ أدرك ستيرز أنه رصد موجة وبائية لمرض الجمرة الخبيثة.

ومن المعروف أن الجمرة الخبيثة هي مرض بكتيري له العديد من الأعراض تختلف حسب طبيعة انتقال العدوى، وقد تظل هذه البكتيريا كامنة في التربة لسنوات، ويمكن أن تنتقل عن طريق الحيوانات بمجرد أن تنفق.





وشرع الفريق في البداية في دراسة كيف تتفاعل أفراس النهر مع البرك والمستنقعات الملوثة بالجثث المصابة بالجمرة الخبيثة، بعدما تبين لهم وجود العديد من برك المياه الراكدة على امتداد حوض نهر رواها، وبدأ الفريق في جمع عينات من مياه هذه البرك للتحقق من انتشار بكتيريا الجمرة الخبيثة في هذه المستنقعات.





وعكف فريق الدراسة على إجراء عمليات إحصاء يومية لأعداد أفراس النهر سواء التي نفقت أو التي ما زالت على قيد الحياة، واستطاعوا من خلال هذه الإحصاءات معرفة نطاق ومعدل انتشار الوباء وكذلك الاتجاه الذي يتحرك صوبه. وكان الباحثون مهتمين أيضاً بدراسة نسق تحركات أفراس النهر، وما إذا كان الوباء يؤثر على سلوكياتها.

ووجد الباحثون أن الوباء ليس له تأثير ملحوظ على سلوكيات أفراس النهر، فقد كانت الحيوانات المصابة تتجول مثل نظيراتها السليمة.