الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

«ليه لأ 2».. مزيد من الأسئلة.. كثير من الجدل!

بعد النجاح والجدل «الصحي» الذي حققه مسلسل «ليه لأ» العام الماضي، قرر صناع العمل أن يقدموا جزءاً، أو موسماً ثانياً، بقصة مختلفة وأبطال مختلفين، مع الحفاظ على الفكرة الأساسية التي تدور حول فتاة تتمرد على بعض التقاليد الاجتماعية التي تستحق التمرد أو على الأقل تثير السؤال «ليه لأ»، أو لما لا نتمرد عليها!

كان السؤال الذي وجهته بطلة الجزء الأول أمينة خليل من خلال شخصية عاليا هو لماذا لا يحق للفتاة أن تعيش بمفردها وأن تستقل بحياتها مثل الرجل؟ ولماذا تفرض التقاليد عليها أن تتزوج بشخص لا تعرفه ولا تحبه وأن تقضي حياتها تابعة دائماً لشخص آخر؟





أسئلة تجاوزتها كثير من المجتمعات، ولكنها لم تزل جدلية وساخنة في المجتمعات العربية، وهي على كل حال أسئلة تناولتها السينما والدراما المصرية منذ قرن أو يزيد.

ينتقل الجزء الثاني من «ليه لأ» الذي يعرض حالياً على منصة «شاهد vip» إلى أسئلة أصعب: بطلتنا هذه المرة هي طبيبة العيون الدكتورة ندى (منة شلبي) تعمل وتعيش بمفردها بالفعل، وليس لديها مشاكل من النوع التي تعرضت لها عاليا.



ولكنها مثل عاليا لم تزل تشعر بأن هناك أشياء تنقصها، وأن هناك خطوطاً وحدوداً مفروضة عليها: ماذا لو قررت مثلاً أن تترك خطيبها الذي لا تشعر بالارتياح معه، وماذا لو قررت أن تتخلى عن فكرة الزواج انتظاراً للعثور على الرجل المناسب، ولكن الأصعب من كل هذا ماذا لو قررت أن تتبنى طفلاً، وأن تصبح أماً بدون زواج أو حمل؟

الأسئلة من بنات أفكار دينا نجم التي كتبت السيناريو مع مجدي أمين، رانيا حسن وسلمى عبدالوهاب، وإشراف مريم نعوم، التي باتت علامة مسجلة تدل على الجودة والجدية والاهتمام بقضايا المرأة، أو بمعنى أدق التعبير عن القضايا المختلفة بحس المرأة.





ومثل الجزء الأول تتولى الإخراج مريم أبوعوف، التي تملك، بجانب اهتمامها المشترك بقضايا النساء، أسلوباً فنياً متميزاً يقوم على «الطبيعية» في الأداء والإدراك الواعي لطريقة تفكير الأجيال الشابة وأنماط حياتهم ولغتهم.

بجانب شخصية ندى، يحفل الجزء الثاني من «ليه لأ» بعدد من الشخصيات والخطوط المتقاطعة، التي تثري الفكرة الرئيسية وتطرح المزيد من الأسئلة المشابهة. من هذه الشخصيات المهندس صلاح (أحمد حاتم) وزوجته السابقة رانيا (سارة عبدالرحمن)، فهما مطلقان ولكن يعملان معاً، وصلاح هو الذي يقوم بتربية ابنتهما لاعباً دور المرأة التقليدي، فيما تنفر رانيا من التزامات الأمومة والبيت ولا تفكر سوى في العمل.

من الشخصيات الأخرى شقيق ندى خالد (مراد مكرم) وزوجته (يارا جبران) اللذان يعودان من الخارج فجأة ليقيما مع ندى في شقة الأسرة، والصراعات التي تتولد نتيجة هذا الوضع من ناحية، ونتيجة تدخل الأخ في حياتها من ناحية ثانية.





هناك أيضاً الزوجان سالي (دنيا ماهر) وراجي (تامر نبيل) اللذان فقدا طفلهما الوحيد منذ عدة سنوات، ولا يستطيعان تجاوز المحنة بسبب الشعور بالذنب، وهو خط قد يبدو بعيداً عن فكرة العمل بعض الشيء، لكنه في الحقيقة يقوي الفكرة الأساسية عن طريق التباين contrast، ذلك أن موضوع الأطفال والأمومة والأبوة والعلاقات مع الأطفال شديدة التعقيد ولا ينبغي اختزالها فقط في أمنية ندى أن تتبنى طفلاً.

هذه الشخصيات والخطوط الجانبية قوية في «ليه لأ»، لدرجة أنها تطغى وتتفوق أحياناً على الخط الرئيسي، الساذج والذي يصعب تصديقه، خاصة مع أداء منة شلبي الذي يبدو مصطنعاً ومنفصلاً detached كما لو أنها لم تستطع أن تعثر داخلها على مبررات ودوافع الشخصية التي تؤديها.



على العكس من شخصية ندى تبدو الشخصيات النسائية الأخرى أكثر إقناعاً، وتتميز دنيا ماهر وسارة عبدالرحمن ويارا جبران بأداء الشخصية التي تؤديها كل منهن باقتناع وإقناع، وللأسف، باستثناء شخصية الأخ التي يؤديها مراد مكرم ببراعة، تبدو شخصيات الرجال الأخرى ضعيفة كتابة وتمثيلاً. ومن الطريف أن مسلسل «ليه لأ» يكسر قاعدة ضعف الأداء التمثيلي للأطفال في الأعمال العربية، حيث يبرز كل من الطفلين سليم مصطفى (في دور يونس) ومنى أحمد زاهر (في دور سلمى)، بالرغم من أن بعض مشاهدهما كانت تحتاج لمزيد من التجويد.

«ليه لأ» مسلسل مختلف، فكراً وشكلاً، يجسد رؤية جيل شاب يتساءل ويبحث ويحلم بمستقبل أفضل!