الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

مفاجآت ختام مهرجان الجونة.. طفلة «أفضل ممثلة» و«تنويه خاص» للسعودية عائشة الرفاعي

بعد دورة حملت الكثير من المشاكل والحوادث، والكثير من الأفلام الجيدة أيضاً، اختتم مهرجان الجونة دورته الخامسة التي عُقدت من 14 إلى 22 أكتوبر الحالي بحفل بسيط، غابت عنه الفخامة والاستعراضات، باستثناء مقطع غنائي كوميدي بدأ به الحفل، شارك فيه كل من أحمد مجدي، تارا عماد، أحمد مالك وجميلة عوض، قُدم كنموذج لعمل شركة صاعدة في مجال تكنولوجيا السينما.

لم تنقل القناة التي تبث الحفل ما يدور على السجادة الحمراء، واكتفى مقدمو الحفل بالحديث عن الأفلام، في إشارة إلى أن إدارة المهرجان اكتفت من الجدل الذي تسببه فساتين النجمات على السجادة، بل إن المركز الصحفي للمهرجان بعث رسالة إلى القنوات والمصورين الذين يغطون الحفل، راجياً فيها ألا يقتصر تركيزهم على الفساتين، وأن يهتموا بالأفلام والفعاليات الأخرى!

اقتصر الحفل على كلمة لرئيس المهرجان سميح ساويرس، شكر فيها العاملين بالشركة الذين تصدوا للحريق الذي اندلع قبل المهرجان بيوم واحد، ثم بدأ إعلان الجوائز من قبل لجان التحكيم المختلفة.

فيلم تجريبي



فاز بالجائزة الكبرى كأفضل فيلم روائي طويل الفيلم الفنلندي «الأعمى الذي رفض مشاهدة تايتانيك» للمخرج تيمو نيكي، كما حصل الفيلم على جائزة أفضل ممثل. وهو فيلم تجريبي صغير الإنتاج، أبرز ما فيه هو الفكرة الألمعية، التي تحاول أن تجسد سينمائياً ما يراه ويختبره شخص أعمى مقعد، يتعرف إلى امرأة مريضة عن طريق الهاتف، ويقرر أن يقوم برحلة لزيارتها يتعرض خلالها لمتاعب كبيرة.

ويتمثل التجريب الفني في طريقة التصوير التي تتعمد أن تخفي الشخصيات والأشياء وبقاء الكاميرا قريبة جداً من الشخصية الرئيسية طوال الوقت، ما يساهم في نقل حالة الحصار التي يعاني منها. الفيلم عُرض خلال اليوم الأول للمهرجان وأبهر المشاهدين بتكنيكه الغريب وإنسانيته الشديدة.

إنجاز نادر



من الأفلام الأخرى التي نالت إعجاب معظم الحاضرين الفيلم الروسي «هروب الرقيب فولكنونجوف» للمخرجين ناتاشا ميركولوفا وألكسي تشوبوف والذي فاز بالجائزة البرونزية كأفضل فيلم، كما فاز أيضاً بجائزة أفضل فيلم آسيوي، وهو عمل مفعم بالتشويق والمشاعر، في قالب سياسي تاريخي.

ويتناول هذا الفيلم واحدة من أسوأ فترات الديكتاتورية في تاريخ الاتحاد السوفيتي، إبان حكم ستالين. ويروي الفيلم الرحلة إلى الجحيم التي يقطعها رقيب بالجيش الأحمر شارك في عمليات القتل والتعذيب لأبرياء اتُّهموا بالتخريب والخيانة، يقرر ذات يوم أن يهرب من الخدمة، وأن يتوجه إلى أسرة كل من شارك في قتلهم للاعتراف بجريمته عسى أن يسامحه أحدهم، فيتمكن من دخول الجنة.

من الطريف أن بطل الفيلم الممثل يوري بيرسوف شارك في ثلاثة أفلام عُرضت في «الجونة». الفيلمان الآخران هما «ماما، لقد عدت للمنزل» و«المقصورة رقم 6»، وربما كان يستحق جائزة خاصة لهذا الإنجاز النادر في المهرجانات!

تنويه خاص



حملت جوائز المهرجان عدة مفاجآت منها فوز الطفلة البلجيكية مايا فندربيك بجائزة أفضل ممثلة عن فيلم «ملعب». مايا أبهرت المشاهدين بأدائها لشخصية طفلة تحاول مساعدة أخيها الأكبر الذي يتعرض للتنمر في المدرسة، معبرة عن مختلف المشاعر بقوة وطبيعية نادرة في تمثيل الأطفال.

مفاجأة أخرى تتعلق بالتمثيل كانت فوز الممثلة السعودية عائشة الرفاعي بجائزة عن دورها في الفيلم القصير «نور شمس» للمخرجة فايزة أمبة، علماً بأن جوائز هذه المسابقة لا تتضمن جائزة خاصة بالتمثيل، ولكن لجنة التحكيم رأت أن عائشة تستحق تنويهاً خاصاً.

في «نور شمس» تلعب عائشة الرفاعي دور أم عزباء تركها زوجها عائداً إلى بلده، تاركاً إياها تربي ابنها بمفردها، ولكن الابن الذي يعشق الموسيقى ويعد نفسه ليصبح مغني «راب» يخطط للهجرة، ما يضع الأم في مشاعر متباينة قاسية، ما بين محاولة منع الابن من السفر، والرغبة في تركه يشق حياته بحثاً عن تحقيق حلمه.

الفيلم محمل بالمشاعر ويناقش عدة قضايا اجتماعية حساسة مثل الاختلاف بين الأجيال والارتباط بالوطن.

مادة مصطنعة



فاز فيلم «كباتن الزعتري» للمخرج علي العربي بجائزة أفضل فيلم وثائقي عربي، وهذه المسابقة كانت تضم ثلاثة أفلام عربية فقط. الفيلمان الآخران هما اللبناني «السجناء الزرق» للمخرجة زينة دكاش والمصري «العودة» لسارة الشاذلي.

وقد أثار «كباتن الزعتري» جدلاً حول طبيعة المادة الوثائقية فيه، التي رأى البعض أنها مصطنعة وغير تلقائية وبسبب وجود بعض المشاهد التي تبدو كدعاية مباشرة لإحدى الدول التي تسعى لفرض أجندتها على الصراع في سوريا.

وتوقع الكثيرون أن يفوز «السجناء الزرق» بالجائزة، نظراً لأهميته كعمل توثيقي لحياة ومعاناة سجناء من المرضى العقليين، يعدون عملاً مسرحياً يعرضونه داخل السجن.

قطعة سينمائية

مفاجأة أخرى حققها فيلم «كوستا برافا» بفوزه بجائزتين كبيرتين: جائزة لجنة النقاد الدوليين (الفيبريسي)، ونجمة الجونة الخضراء لأفضل فيلم يتناول قضايا البيئة.

ربما كان الفيلم يستحق الجائزة الثانية بجدارة، نظراً لموضوعه الذي يدور حول التلوث البيئي وانتشار القمامة في بيروت، ولكن بالنسبة لجائزة النقاد التي خصصوها هذا العام للعمل الأول، فربما كان الأجدر بها اللبناني إيلي داغر عن فيلمه الرائع «البحر أمامكم»، فهو قطعة من السينما الخالصة.

مسيرة ناجحة



أخيراً، وكما هو متوقع فاز الفيلم المصري «ريش» أول أعمال المخرج عمر الزهيري بجائزة أفضل فيلم روائي عربي في المهرجان. الزهيري فاز أيضاً، قبل يومين من ختام المهرجان، بجائزة مجلة «فارايتي» الأمريكية كأفضل موهبة عربية في 2021.

وبذلك يواصل الفيلم مسيرته الناجحة منذ فوزه بالجائزة الكبرى وجائزة «الفيبريسي» في قسم «نصف شهر المخرجين» في مهرجان «كان» الماضي.

«ريش» كان صاحب الجدل الأكبر في مهرجان الجونة بعد أن اتهمه البعض بـ«الإساءة لسمعة مصر»، ما تسبب في شن حملة إعلامية ظالمة وغير مبررة ضده. الفيلم تحفة سينمائية- وإن كان من النوع الذي يصدم بعض الأذواق- ويقسم الناس عادة إلى معجبين جداً، ورافضين جداً، نظراً للغته السينمائية غير التقليدية.