الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

وداعاً سهير البابلي.. سيدة الأداء التلقائي ورائدة الكوميديا النسائية

عن عمر يٌناهز الـ86 عاماً توفيت الفنانة المصرية المُعتزلة سُهير البابلي رائدة الكوميديا النسائية وسيدة المسرح الساخر الأولى وصاحبة أشهر الأفيهات في المسرح والتلفزيون، والتي خلفت «أفبهات» لم ينسها محبوها في الوطن العربي كله وليس في مصر وحسب.

من منا لا يتداول في تعاملاته الأفيه الأشهر «ع عبدالعال» الذي رددته في مسرحيتها «ريا وسكينة»، «أنت شايل اللوز قبل الجواز» والذي كان ضمن أشهر أفيهات لسيدة التمثيل التلقائي الراحلة.

وُلدت سهير حلمي إبراهيم البابلي في عام 1937 في محافظة دمياط شمالي مصر، والتحقت بمعهد الفنون المسرحية ومعهد الموسيقى في آنٍ واحد، ورغم أن والدتها رفضت عملها في مجال الفن إلا أن والدها كان خير داعم لها ولمشوارها فدعم موهبتها مُنذ الصغر، وتنبأ لها بأن تكون فنانة شهيرة.

كانت بداية سهير البابلي من المسرح، حيث قدمها المُخرج فتوح نشاطي لاحتراف الفن، وساعدها على الانضمام للمسرح القومي، وقالت عنه إنه أستاذها الذي ساعدها في الاحتراف، وكانت هي الوحيدة التي لمع نجمها من دفعتها في معهد الفنون المسرحية، التي درست فيه على يد كبار النجوم منهم حمدي غيث، وعلى خشبة المسرح القومي التقت سهير البابلي بكبار النجوم منهم أمينة رزق وهو ما أهّلها فيما بعد للعب دور البطولة.

وشاركت البابلي على المسرح القومي في عروض شهيرة أبرزها: «بيت برنارد ألبا» و«الناس اللي فوق» و«ليلى والمجنون» و«الخال فانيا» و«العالمة باشا».

وقالت سهير البابلي في لقاء تلفزيوني إن عملها في المسرح القومي في بدايتها أضاف لها كثيراً من حيث الاهتمام باللغة العربية ومخارج الحروف، حتى إن زملاءها في مسرحية «مدرسة المُشاغبين» خصوصاً عادل إمام وسعيد صالح، كانوا ينادونها «يا قومي»، نسبة إلى المسرح القومي، عندما كانت تبهرهم بأدائها.

ولمدرسة المُشاغبين صدفة في حياة البابلي وبداية انطلاقتها على خشبة المسرح بعيداً عن المسرح القومي، وانضمامها لفرقة الفنانين المُتحدين مع المُنتج المسرحي سمير خفاجي، الذي اقتنع بموهبتها في الكوميديا التلقائية.

أما الصدفة فكانت لكون دور «أبلة عفت» كان من المُفترض أن تؤديه الفنانة ليلى طاهر، ولكن ترتيبات القدر جعلت البابلي تؤديه مُحققة نجاحاً كبيراً فيه، ورغم هذا النجاح لم تستمر في المسرحية،

كان من المقرر أن تؤدي الفنانة ليلى طاهر الدور، لكن البابلي بالصدفة البحتة حصلت عليه، لتحصل عليه بعدها نيللي ثم ميمي جمال، لكن ظل الدور مُرتبطاً بسهير البابلي دون غيرها.

ويُعتبر النقاد أن سهير البابلي فنانة مسرحية من طراز خاص، حيث لمع نجمها من خلال أدائها الكوميدي التلقائي، فبخلاف «مدرسة المُشاغبين» نجحت في «نرجس» و «نص أنا ونص أنت»، و «الدخول بالملابس الرسمية» و «عطية الإرهابية» وغيرها.

ورغم عملها في السينما ووقوفها أمام عبدالحليم حافظ وحسين فهمي وشكري سرحان وغيرهم إلا أنها لم تحقق الوهج ذاته الذي حققته مسرحياً، وكانت أولى مُشاركاتها السينمائية فيلمي «إغراء» و «صراع مع الحياة»، و«لوكاندة المُفاجآت» و«أخطر رجل في العالم»، و«أميرة حبي أنا» وغيرها.

ومن أبرز أدوراها في الدراما كان تجسيدها لشخصية بكيزة هانم الدرملي في مُسلسل «بكيزة وزغلول» والذي حقق نجاحاً كبيراً، أدت فيه البابلي شخصية الهانم الفقيرة التي جار عليها الزمن، لتواجه الحياة مع ابنة زوجها زغلول التي جسدت شخصيتها إسعاد يونس.

وعن شخصيتها بكيزة الدرملي قالت البابلي في لقاء لها إنها لم تتوقع أبداً نجاح المُسلسل، حتى كانت عندما تُقابل الجمهور في الشارع ليُبدي إعجابه بها، ووصفته بالعمل الذي لن يُكرر مرة أخرى.

وقالت عن أدائها في المُسلسل إنها كانت ترتجل داخل المُسلسل مع إسعاد يونس دون الإخلال بالنص الأصلي، وتم تقديم المُسلسل في صيغة فيلم سينمائي لنجاحه الكبير حمل اسم «ليلة القبض على بكيزة وزغلول»، وحقق هو الآخر نجاحاً كبيراً.

ولسوسكا أو سهير البابلي عدد آخر من المُسلسلات منها «لمن نحيا»، و «مشيت طريق الأخطار»، «والشاهد الوحيد».

وفي التسعينات أعلنت سهير البابلي اعتزالها الفن وارتداء الحجاب أثناء عرض مسرحية «عطية الإرهابية» للمخرج جلال الشرقاوي، ليستعين بابنته عبير لاستكمال المسرحية، وبعد فترة اعتزال 13 سنة عادت سهير البابلي للتمثيل فقدمت مُسلسل «قلب حبيبة» في 2005.

وعن اعتزالها قالت في لقاء تلفزيوني إنها دعت الله أن تكره المسرح بسبب المناخ العام والدخلاء على صناعة الفن المسرحي، مؤكدة أنها اختارت الاعتزال بعد دراسة لقرارها، وبعد رحلة فنية امتدت نحو 30 عاماً، لافتة إلى أن الفن أعطاها خبرة كبيرة في مشاعرها وثقتها وواجبتها ودفعها لدراسة ذاتها، فكان قرار الاعتزال.

سهير البابلي لم تكن فقط فنانة كبيرة بأعمالها الفنية في السينما والتلفزيون والمسرح وإنما كان لها نجاح في عالم الغناء أيضاً فخلال منتصف الثمانينات طرحت ألبوماً غنائياً بعنوان «سي السيد»، شارك في تقديمه بهجت قمر وحسن أبو السعود وسمير الطائر وخالد الأمير ومختار السيد، كما شاركها في الغناء الفنان أحمد بدير في أغنية «سي السيد» التي كانت ضمن أغنيات الألبوم، وحمل الألبوم اسمها.