السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

فنانون: الأغنية الإماراتية القديمة إيقاعات خالدة في ذاكرة الوطن

رغم التطور الكبير الذي شهدته الأغنية الإماراتية سواء على مستوى اللحن أو الكلمة، إلا أنه تظل للأغنيات القديمة سطوتها، حيث يظل الحنين إليها راسخاً لدى كثير من الإماراتيين الذين عاصروا في طفولتهم عمالقة الطرب الذين ظهروا قبل وبداية اتحاد الإمارات.

وأكد فنانون لـ«الرؤية» أن أكثر ما يميز إبداعات رواد الطرب الإماراتي القدامى، اهتمامهم بالكلمة المحلية والألحان التراثية والقيم التي تلامس أرقى معاني السمو والقيم النبيلة.

وتأسف فنانون على خفوت صوت عمالقة الطرب الذين قدموا أعمالاً تنبض بأصالة الماضي، متسائلين لماذا لا تقدم محطاتنا الإذاعية أغاني بصوت حارب حسن أو جابر جاسم وهو يشدو «إماراتي صباح الخير»، مشددين على ضرورة العمل على توثيق التراث الطربي الإماراتي للأجيال المقبلة، وتعريف الأجيال الجديدة بجيل المؤسسين وعمالقة الطرب الإماراتي.

كلمات رنانة

يرى الملحن إبراهيم جمعة، أن الأغنية الإماراتية القديمة تميزت بكلماتها الرنانة التي تتسلل سريعاً إلى القلب وألحانها العذبة التي تخاطب العقل، مشيراً إلى أن القائمين على هذه الصناعة كانوا يهتمون بتقديم ما يطرب الجمهور، لذلك ازدهرت الجلسات الفنية بين المطرب والشاعر والمؤلف، من أجل تقديم عمل يرضي ذائقة الجهور.

ولفت جمعة إلى أن هناك عمالقة تركوا بصمة دامغة على الأغنية الإماراتية مثل جابر جاسم وعيد الفرج ومروان الخطيب، الذين قدموا طرباً أصيلاً، تطرب له القلوب قبل الآذان، داعياً المحطات المحلية -سواء الإذاعية أو التلفزيونية- إلى استعادة هذه الكنوز الثمينة وتقديمها للأجيال الجديدة التي قد لا تعرف عنهم شيئاً.

وأكد جمعة أنَّ الأغنية الإماراتية نجحت في شق طريقها للشهرة والانتشار خارج حدودها الإقليمية، خلال العقدين الأخيرين، بفضل أصوات المطربين الذين قدموا كل الألوان الغنائية، لكن هذا الفضل لا يجب أن ينسب لهم وحدهم؛ لأن الذين حملوا راية النجاح والانتشار ليسوا المطربين فقط، وإنما شاركهم الملحنون والشعراء وحتى الموزعون، وكل هؤلاء ربما لا ينالون حجم الشهرة نفسها.

ألحان تراثية

أكد الشاعر والناقد والباحث علي العبدان، صاحب كتاب «حَرف وعزف»، أن رواد الطرب القدامى، كانوا يهتمون بالكلمة المحلية والألحان التراثية والقيم التي تلامس أرقى معاني السمو والقيم النبيلة، مشدداً على أهمية توثيق التراث الطربي الإماراتي للأجيال المقبلة.

وذكر أن أول مطرب إماراتيّ سمعوا عنه، هو الفنان يوسف نقي، والذي حكى عنه الفنان حارب حسن، الذي قال إنه شهد عرساً في بلدته الجزيرة الحمراء بإمارة رأس الخيمة حين كان صغيراً، أي في الثلاثينيات، ورأى يوسف نقي يُغني في ذلك الحفل، ويعزفُ على العود.

وذكر أنّ الأغنية الإماراتية جاءت مع حارب حسن نفسه في أواخر الأربعينيات، حيث طوع الألحان اليمنية والخليجية من أجل تلحين القصائد الإماراتية، وأخذ يُسجلها، فخرجت أولى أسطواناته في بداية عام 1950، ثم أخذ في تطوير الأغنية الإماراتية، هو ومن جاء بعده ممن تأثر بهذه الطريقة، مثل الفنانين: «محمد سهيل، علي بن روغه، جابر جاسم، سعيد الشراري».

وأكد العبدان، أنّ كل فنان من هؤلاء أخذ في تطوير جانب من الأغنية الإماراتية بحسب رؤيته، فقد أكثر محمد سهيل من التلحين على قصائده من وزن الهزج، كما اشتهر بالتلحين على مقام راست الصول، متابعاً صنيع حارب حسن، لكن مع علي بن روغه نجد الاتجاه في التلحين إلى مقام البياتي أكثر فأكثر، كما نجد مقام السيكاه متميزاً في أغاني جابر جاسم، وجاء فنانون آخرون بتجديدات وإضافات أخرى، مثل سعيد سالم المعلّم، وسعيد الشراري.

السهل الممتنع

عدد الشاعر بطي بن سالم المظلوم، مدير مجلس الحيرة الأدبي بالشارقة، مجموعة من الشعراء الغنائيين الذين برزوا قبل الاتحاد، منهم سالم الجمري، الذي غنى له علي بن روغة وميحد حمد وحارب حسن، إلى جانب محمد بن سوقات، عبدالله بن ذيبان وهو أكثر من غنى له ميحد حمد، وكميدش بن نعمان الكعبي، وهم شعراء ساهموا في الارتقاء بالقصيدة الإماراتية وانتقالها من نطاق مجالس الشعر بالبيوت الشائعة بكل الإمارات ودخولها لمجال الغناء مع العود والتلحين.

وتابع: «في بداية السبعينيات وقيام دولة الإمارات بدأت المجالس الرسمية تُبث من تلفزيون الكويت من دبي، واتخذت صدى أكثر اتساعاً ما حقق الانتشار للأغنية الإماراتية التي بدأت بالانتشار بعد قيام الاتحاد بفضل وسائل الإعلام كالتلفاز والراديو، إلى أن وصلت لما نراه اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتميزت بسمة السهل الممتنع وبدأ يفهمها الجميع بأرجاء الوطن العربي».

مرحلة الصناعة

ترى ملحنة الأوركسترا إيمان الهاشمي أن الموسيقى الإماراتية في الأربعينيات كانت تعتمد على الأنغام التقليدية وفقاً لتقاليد المهن سواء في البر والبحر كالحدوات أو «الحدوة» واستخدام الدفوف والطبول (الطيران) وكذلك تراث العيالة والحربية والرزيف، أما في الخمسينيات فكانت الموسيقى تقليدية وشعبية ومهنية وتعتمد كثيراً على الأداء بأن يكون صوتياً من دون آلات موسيقية متعددة كالتشوليب (الفروسية على الخيول)، وفي سباقات الهجن (الهمبل)، وفي الأعياد (الونة).

وتابعت: في الستينيات دخلت الأغنية مرحلة الصناعة والإنتاج في الكويت واليمن والعراق والسعودية مثل الفنان محمد عبدالسلام الذي كان يسجل أسطوانات في الهند، وحارب حسن في البحرين.

ولفتت الهاشمي إلى أن الفنانين علي بن روغة وجابر جاسم وحارب حسن ومحمد بن سهيل، برزوا بالستينيات، الأمر الذي ساهم في تأسيس الأغنية وتحولها من إيقاع الرزفة إلى تغير في النغم في الآلات كالعود والإيقاعات.

وحول أبرز الأغنيات التي برزت حينها، أشارت إلى أغنية «يا حبيب القلب عذبت الحشا» من غناء ماجد بن علي النعيمي وألحان حارب حسن.

وشكلت فترة السبعينيات قفزة جديدة بفضل جهود المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) الذي عمل على إرسال الموهوبين ببعثات لدول عربية وخليجية لتعلم الموسيقى وكانت هذه أهم خطوة في الموسيقى الإماراتية.