الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

من الأحمر للبنفسجي في قمة الرياض.. دلالات اختيار ألوان السجاد الرسمي

السجاد الأحمر يعتبر هو اللون الأساسي الخاص بالاستقبالات الرسمية للبروتوكولات العالمية المتبعة، إلا أن لكل قاعدة استثناء، حيث قامت بعض الدول بتغيير لون السجاد الخاص بالاستقبالات والاحتفالات الرسمية إلى ألوان أخرى.

وربما أبرز تلك الدول، هي المملكة العربية السعودية، حيث ظهرت السجادة البنفسجية خلال انعقاد القمة الخليجية بالرياض، وشاهدنا كبار الشخصيات الهامة وهم يسيرون على السجادة البنفسجية، فكان من بين من مروا، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حيث استقبله صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الذي رحب به وبمرافقيه في المملكة العربية السعودية، في حدث غاية في الأهمية.

اختيار السجاد باللون البنفسجي في المملكة العربية السعودية

يذكر أن تلك ليست المرة الأولى التي يظهر فيها السجاد البنفسجي في الاستقبالات الرسمية بالمملكة، فقد اختارت المملكة العربية السعودية اللون البنفسجي لوناً معتمداً لسجاد مراسم استقبال ضيوف الدولة الرسميين من رؤساء ووزراء وسفراء وممثلي الدول الشقيقة والصديقة، قبل عدة أشهر مع الذكرى الخامسة لرؤية 2030.

وأوضحت وزارة الثقافة آنذاك أن اختيار هذا اللون تحديداً، يحاكي الطبيعة الصحراوية في المملكة، حيث تنبت زهور الخزامي الرائعة في الصحراء العربية في فصل الربيع، وتضيف أجواءً رائعة للطبيعة، هذا بالإضافة إلى تزيين السجاد من كلا الجانبين بفن حياكة السدو، وهو إحدى الحرف الشعبية الأصيلة بالمملكة، والتي تعبّر عن التراث والهوية الثقافية للسعودية، كما أنها من الحرف المُسجّلة رسمياً في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو.

وقد تحدثت لـ«الرؤية» خبيرة الفينغ شوي المهندسة سالي القطبي عن دلالات اللون البنفسجي، حيث أوضحت أن اختيار تلك الدرجة لسجاد مراسم الاستقبال يعتبر خياراً ذكياً للغاية، لأن اللون البنفسجي يرمز إلى الوفرة والثروة والفخامة، فكان يطلق عليه قديماً ملك الألوان، وكان يستخدم الملوك قديماً الأحجار مثل الأماديست لعمل الحلي بهذا اللون لأنه يرمز إلى الطبقة الغنيّة.

كذلك اللون البنفسجي كثيراً ما يتم استخدامه في علم الطاقة وعلم النفس، لأنه يدعم الوفرة، والشهرة، ويعمل على توسيع العلاقات بين الأشخاص، ويفسر ذلك السبب وراء استخدامه ببعض الشركات الكبرى.

كما أضافت سالي القطبي، أن اختيار هذا اللون كان ملائماً بشكل كبير مع قرارات الملكة لدعم مشروعات الشباب، إذ تعتبر تلك الدرجة البنفسجية من الألوان الداعمة والقوية.

اختيار السجاد الأزرق في تركيا ودلالات اللون

دول أخرى مثل تركيا، كسرت أيضاً قواعد البروتوكولات الرسمية باعتماد السجاد الأحمر، واستبداله بالسجاد الأزرق، وذلك بسبب قرار أصدره مجلس الوزراء التركي بتاريخ 19-11-2013، بشأن لون السجاد المستخدم في استقبال الزيارات الرسمية، حيث تقرر استبدال السجاد الأحمر، باللون الأزرق وتم تطبيق القرار رسمياً.

وفي هذا السياق، أكدت سالي القطبي، أن اللون الأزرق هو لون مرتبط بالربيع دائماً والأجواء المبهجة، كما أنه من الدرجات المرتبطة بالنمو والأمل، ويرمز إلى الوفرة والثروة، لهذا يعتبر أيضاً من الخيارات الذكية التي يمكن اعتمادها كلون للسجاد الرسمي.

تاريخ اختيار السجاد الأحمر

الجدير بالذكر أن اختيار السجاد الأحمر يعود إلى التاريخ اليوناني، ففي الثقافة اليونانية القديمة، كان يرمز إلى تلك الدرجات باعتبارها الألوان المفضلة للنبلاء، وكان لا يرتديها سواهم، ولهذا تم اعتباره من الدرجات القوية التي تعبّر عن الثراء والتميز.

وقد تم طرح مسار من المفروشات ذات اللون الأحمر الداكن في اليونان القديمة بالتاريخ المسرحي، تحديداً في مسرحية إسخيلوس أجاممنون الشهيرة، حيث كانت تستعد زوجة الملك المنتقمة كليتمنسترا لاستقبال زوجها المنتصر في الوطن من حرب طروادة، بفرش الأرض له بالسجاد الأحمر، والملك كان يتردد في السير على «الطريق القرمزي» الموضوع أمامه، لأنه إنسان أو بشر عادي بحسب رواية النص، إذ وُرد في المسرحية: «لا أستطيع أن أدوس هذه الروائع الملونة دون خوف يلقى في طريقي».

وبعض المصادر ترى أن البابليين هم أول من استعمل السجاد الأحمر في المناسبات في القرن الخامس قبل الميلاد أي قبل مقتل الملك أجاممنون وقد استخدموها للملك نفسه خلال استقباله كملك للإغريق.

وفي التاريخ البيزنطي، تم اعتماد اللون الأحمر باعتباره لون السلطة من قبل الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، حيث أصبح مرتبطاً بسلطة الملوك والأمراء، وربما يفسّر ذلك وجود العديد من لوحات العصور الوسطى وعصر النهضة التي تُصور القديسين وهم يرتدون اللون الأحمر، بما في ذلك لوحة دافنشي الشهيرة «العشاء الأخير».

السجاد الأحمر في العصر الحديث

ارتبط السجاد الأحمر في العصر الحديث بالمكانة العالية، وقد تم استخدامه بشكل رسمي سنة 1821، وذلك في جورج تاون، ساوث كارولينا، حيث تم وضع السجاد الأحمر عند وصول الرئيس الأمريكي جيمس مونرو للترحيب به على الشاطئ من قارب نهري، وأصبحت السجادة الحمراء منذ ذلك الحين أمراً أساسياً بالأحداث البارزة التي يشارك فيها كبار الشخصيات السياسية.

وتم اعتماد الشكل الرسمي للسجادة الحمراء الذي هي عليه الآن، وظهر لأول مرة في عام 1902، عندما استخدمت سكة حديد مدينة نيويورك السجاد القرمزي للترحيب بالركاب على متن قطار سريع من الدرجة العالية من نيويورك إلى شيكاغو، ما ساعد أيضاً الركاب في إرشادهم إلى القطار.

السجاد الأحمر في الفن والسينما

وبعد 20 عاماً، تم مد سجادة قرمزية طويلة أمام المسرح المصري من أجل العرض الأول لفيلم روبن هود في هوليوود، ما شكل سابقة لجميع العروض السينمائية الأخرى، وفي عام 1961، تم الكشف عن السجادة الحمراء في حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ33 في قاعة سانتا مونيكا سيفيك أوديتوريوم، وبعد 3 سنوات، تم اتخاذ قرار بتصوير النجوم الواصلين إلى المكان على السجادة الحمراء، ومن هنا وُلد التقليد.

دلالات اختيار السجاد الأحمر

وأوضحت المهندسة سالي القطبي، أن اختيار لون السجاد الرسمي الأحمر في البروتوكولات الرسمية، يعتبر خياراً مثالياً، لأن الأحمر يرمز إلى الشهرة والقوة والدفء، ولهذا كان يتم اختياره في الصين قديماً تحديداً بحفلات الزفاف وحفلات المواليد، ويعتبر أيضاً من الألوان المحفزة.