استأجرت الشابة السعودية لمياء الرشيدي جملاً وجلست ينتابها التوتر، وهي تترقب نتائج مشاركتها في أول مسابقة إبل مخصصة للنساء فقط في السعودية حيث يحظى الحيوان الصحراوي بتقدير كبير متوارث منذ قرون.
لكن أملها في أن تكون الفائزة الأولى بالسباق تبدّد السبت بعد أن اكتفت ناقتها بالحصول على المركز الرابع في مسابقة «المزاين» لجمال الإبل التي تعد أكبر مهرجان لهذه الحيوانات على مستوى العالم.
وكانت الرشيدي تعد جملاً خاصاً بها للمشاركة به لكنها أوضحت قررت «استئجار إبل جاهزة» عندما لاحظت أن "المنافسة قوية".
وتهتم الرشيدي (27 عاماً) التي وضعت نقاباً أسود اللون لا يظهر غير عينيها ولفت شالاً ملوناً حول كتفيها بالإبل منذ صغرها، إذ إن أسرتها تملك منها نحو 40، على ما أفادت.
وقالت: «اهتمامي بالإبل بدأ منذ أن كنت صغيرة، ومع فتح المجال للنساء قررت المشاركة» في المسابقة.
وتحتضن بلدة صياهد رماح الواقعة على بعد نحو 150 كيلومتراً شمال شرق العاصمة السعودية الرياض، منذ بداية ديسمبر، ولأكثر من شهر الدورة السادسة لمهرجان الملك عبدالعزيز.
وتعد تربية الجمال صناعة تقدر بملايين الدولارات في الخليج وتنظم دول المنطقة فاعليات مماثلة على مدار العام، لكنها تكسب القائمين عليها والمشاركين بمسابقتها أيضاً مكانة اجتماعية عالية.
وشاركت 39 متسابقة في المنافسة تأهلت عشر منهنّ بعد التصفيات إلى المرحلة النهائية للتنافس على الفوز بجوائز قيمتها مليون ريال (266 ألف دولار) موزعة على المراكز الخمسة الأولى.
وقالت الرشيدي قبل إعلان النتائج: «أنتظر اليوم مكانة اجتماعية وبإذن الله أحققها»، لكنها قالت لاحقاً بإحباط وتحدٍ: "العام المقبل سأدخل بقوة أكبر وسأفوز بالمركز الأول".
وبعد مسيرة ساعة ونصف ساعة في الصحراء القاحلة، تظهر مبان وخيام فارهة تستضيف ضيوف المهرجان الذي يستمر لأكثر من شهر.
بوتوكس وسيليكون
وجلست المتسابقات في قاعة مكيفة ومريحة مقابلة للمضمار المفروش بالرمال الحمراء حيث كانت الإبل تعرض على لجنة تحكيم تضم ستة أعضاء يقيّمون جمالها.
وظهر التوتر والقلق على وجوهن مع إعلان نتائج المسابقة بشكل عكسي من الخامس إلى الأول.
وأعلن المنظمون النتائج بطريقة تشويقية حيث حمل رجلان لوحة دُوِّنت عليها المراكز وسارا بها بين الإبل قبل أن يستقرا أمام الحيوان الفائز.
وكان للنساء الحق في المشاركة في المسابقة من قبل لكنّ «صعوبة المنافسة مع الرجال» كانت تثنيهن عن خوض غمارها، بحسب ما أفاد مدير المكتب الإعلامي في المسابقة محمد الحربي.
وتابع الحربي أن «المرأة أحد مكونات المجتمع البدوي وهي كانت ترعى الإبل وتملكها»، مشيراً إلى أن تخصيص مسابقة لهن يعد «ربطاً جيداً بالموروث التاريخي». وتقيّم لجنة التحكيم مدى جمال الإبل لجهة مواصفات معينة في الرأس والرقبة والعظم والشكل العام.
ويدفع الهوس بالفوز البعض لإجراء عمليات تجميل وحقن بالبوتوكس والسيليكون والفيلر لتغيير شكل شفاه الإبل وحدباتها وأسبالها مع احتدام المنافسة على الجوائز القيّمة.
وحدت هذه الأسباب اللجنة المنظمة إلى استبعاد 43 من الإبل المتقدمة هذه السنة. وتولى فريق موسيقي يضم 15 رجلاً -يحمل ثمانية منهم سيوفاً- استقبال الضيوف بعزف موسيقى تراثية سعودية على أنغام دقات الطبول.
الإبل داخلنا
وقبل إعلان النتيجة، أقيم عرض امتطت خلاله نساء من غير المشاركات في المسابقة جياداً، وخلفهنّ رجال على جمالهم.
وقرب المضمار اختلطت روائح روث الإبل مع أريج العطور الغالية للمشاركات الثريات ورائحة البخور القوية التي تعرضها كبرى الشركات المنتجة.
وقالت الإعلامية منيرة المشخص (48 عاماً) التي اشترت إبلاً خصيصاً للمشاركة في المسابقة إن «الإبل في داخلنا منذ زمن لكن تخصيص شوط لنا إنجاز» كبير.
وتابعت: "لا أعتقد أن ثمة سعودياً ليس لديه ارتباط بالإبل، سواء من خلال الامتلاك أو الاهتمام أو المتابعة".
وتُعرف الجِمال باسم «سفن الصحراء» وكانت تستخدم في الماضي للتنقل عبر رمال شبه الجزيرة العربية حتى أصبحت رمزاً تقليدياً لمنطقة الخليج العربي. وحازت ناقة أصغر المتسابقات ملاذ بنت عنون (11 عاماً) جائزة المركز الثالث.
وقرر والدها عناد بن سلطان (35 عاماً)، وهو تاجر جمال قال إنه يملك أكثر من 200 من الإبل، المشاركة في المسابقة باسم ابنته الكبرى.
ورأى الأب الذي ارتدى عباءة داكنة والشماغ التقليدي أن «تخصيص شوط للنساء سيزيد من الحماسة في المهرجان ومن قيمة الإبل». وتابع ضاحكاً: "قلت لابنتي إذا فازت ناقتها نبيعها بقيمة خيالية لكنها رفضت. فهي تحبها كثيراً".