طالب فنانون ومُثقفون مصريون في بيان موجه منهم إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بإعادة النظر في القرار الذي اتخذته الهيئة الوطنية للصحافة بدمج مجلة الكواكب المصرية العريقة.
واعتبر الفنانون والمثقفون الموقعون على البيان، الذي تم تداوله عبر أوساط الصحفيين في مصر، أن دمج الكواكب هو إلغاء لاسم المجلة الفنية الوحيدة حاليا المعبرة عن القوى الناعمة في ربوع مصر والوطن العربي، وذلك بعد تسعين عاماً من لعب دورها التنويري في الحركة الثقافية المصرية والعربية.
وقال الفنانون في رسالتهم إلى الرئيس المصري: «يؤمن الموقعون أن السيد رئيس الجمهورية وهو الداعم الأول للقوى الناعمة والمؤمن بأهميتها، سيأخذ بعين الاعتبار مكانة الكواكب في الحياة الثقافية، وأنه سيتدخل بنفسه من أجل إعادة النظر في هذا القرار حماية لحرية الرأي ودعما لقوة مصر الناعمة ودورها الريادي بالمنطقة».
وتابع البيان: «ويطالب الموقعون سيادة الرئيس باستمرار صدور المجلة مع الأخذ في الاعتبار تخفيف أي أعباء مالية على الدولة وتوجد العديد من الأفكار لتحقيق ذلك».
ووقع على البيان عدد من فناني مصر منهم يحيى الفخراني، ويسرا، ولبلبة، وإلهام شاهين، وأحمد عبد العزيز، يحيى الفخرانى، والفنان حسين فهمي، والفنان محمد صبحي، والفنان هاني شاكر، والفنان أشرف زكي نقيب الممثلين، وغيرهم.
عن مجلة الكواكب
وبعد 90 عاماً من صدورها في عام 1932، أصدرت الهيئة الوطنية للصحافة في مصر قراراً بوقف طباعة مجلة «الكواكب»، التي تُعد من أبرز المجلات الفنية في الدول العربية لـ9 عقود.
ولم توضح «الوطنية» للصحافة أسبابها حول دمج «الكواكب» مع مجلة «طبيبك الخاص» في مجلة «حواء» الصادرة عن مؤسسة دار الهلال، وإن تركزت الأسباب وفقاً للأوساط الصحفية المصرية حول تقليل الخسائر المادية للمؤسسات الصحفية القومية والمملوكة للدولة.
ونص قرار الهيئة الوطنية للإعلام على تنفيذ القرار ابتداء من العدد الأول لشهر يونيو الجاري، على أن يحتفظ العاملون بتلك بالإصدارين المدمجين بكامل حقوقهم المادية والوظيفية.
جدل
وأثار قرار دمج «الكواكب» جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية المصرية، حيث رأى البعض أنه قار صائب يخفف عن كاهل الدولة عبء مادي كبير إضافة لرؤيتهم أن المجلة العريقة لا تواكب العصر، فيما رأى الفريق المعارض للدمج أنه لا بد من بذل الجهد لتواكب العصر دون إغلاق المجلة التي تُعتبر أكبر أرشيف مصور يؤرخ لتاريخ السينما والغناء في مصر والوطن العربي، وعلى صفحاتها كتب عديد من مشاهير الصحفيين كفهيم نجيب ورجاء النقاش وراجي عنايت وكمال النجمي وحسن شاه ومحمود سعد وغيرهم.
وهو الرأي الذي تُسانده الكاتبة أميرة سيد مكاوي والتي ترى أنه لا بد من تطوير المجلة بدلاً من دمجها، وتقول: "ليه خبر دمج مجلة الكواكب في حواء خبر مؤلم ومفجع وحزين؟
وتابعت أن مواكبة التطور ليس بإلغاء المجلة ولكن بالكشف عن أسباب عدم وصولها للجماهير، وأن نبحث عن عيوب المحتوى الذي تُقدمه، ونحاول التطوير، وأضافت: «لابد أن نعرف الجديد ونواكبه لا أن ننسف القديم.. دا استسهال».
وتساءلت أميرة: "عايزة أعرف أرشيف مجلة بقالها 90 سنه هيروح فين؟"
عدد تذكاري
وعلق الكاتب يسري الفخراني على إلغاء الإصدار الورقي للكواكب: «أتمني يكون العدد الأخير من مجلة الكواكب عدداً تذكارياً فيه بعض من أهم الصور اللي نشرتها المجلة في 90 سنة (عدد مصور بالكامل) ويباع العدد بمائة جنيه وعلى كل وسائل الإعلام دعم العدد بالتسويق له، ليصبح رقم المبيعات هو رأس مال موقع إلكتروني رقمي عميق وكبير وحديث يليق بتاريخ وتراث وممتلكات مجلة الكواكب».
وتابع الفخراني: «على أن يُعاد إطلاقها مرة أخري بداية 2023 كموقع فني كبير يجمع كبار النقاد ويحوي تاريخنا الفني بشكل منظم بسيط وسهل لكل من يرغب في الاطلاع عليه، ويمكن إصدار سنوي مجلدات مطبوعة من أرشيف المجلة».
عقلية الإزالة
وعلق الناقد الفني سيد محمود على قرار إلغاء جريدة الكواكب قائلاً: «لا أفهم كيف يمكن التفريط في مجلة مثل الكواكب (تأسست عام 1932) أو طبيبك الخاص بكل ما لهما من وزن في الذاكرة المهنية، أفهم أن يكون الحديث عن تطوير أو تحديث لكن أن تصل إلى الإلغاء».
وتابع: «يعرف الخبراء أن الصحافة الفنية موضوع الكواكب هي الأكثر قربا للقارئ وجذباً للإعلانات وبالتالي فهي مؤهلة للنجاح، كما أن صحافة الخدمات التي تقدم في طبيبك الخاص تحظى بمنافسة كبيرة لدرجة أن هناك أطباء يشترون ساعات بث على الفضائيات وفي إعلانات تسجيلية تظهر بصورة صحفية».
وشرح محمود: «الحل ليس الإلغاء أو الدمج بل التطوير والتدريب مع رفع سقف الحريات والرهان على الكفاءة المهنية، فشراء المستقبل وليس التخلص من الماضي الذي هو ثروة بحد ذاته، هو الحل الوحيد للنجاة بالمهنة التي كانت تساعد في بناء موقف ورفع درجة الوعي وكأن المطلوب هو التخلص من الوعي».
وتابع: «هل يعلم صاحب القرار أن الأعداد القديمة من الكواكب ثروة وكنز يصرف على بيوت، هل يعلم أن تدوير أرشيفها عبر موقع إلكتروني كفيل بجلب إعلانات تغطي كافة خسائر دار الهلال».
خطوة لا بد منها
يرى الصحفي عبدالجواد أبو كب، رئيس مجلس أمناء مؤسسة الإعلام والتحول الرقمي، أن تحويل الإصدارات الصحفية لرقمية في مصر خطوة لابد منها، وأنها جاءت مُتأخرة كثيراً.
ولفت أبو كب إلى أن عدداً من الدول حولت صحفها الورقية إلى المنصات الرقمية خصوصاً بعد جائحة كورونا، وأن الاتجاه للرقمنة فرضته مُتطلبات العصر، ويوافقه الرأي مجدي سبلة رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال السابق أن قرار إلغاء الإصدار الورقي لمجلة «الكواكب» قرار صائب.
ولفت سبلة إلى أن مديونية المؤسسات الصحفية القومية وصل 13.9 مليار جنيه (نحو 747.5 مليون دولار أميركي)، بحسب آخر الإحصاءات.