الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

طب المستقبل يبدأ من الفضاء

طب المستقبل يبدأ من الفضاء

الخلايا الجذعية المرسلة إلى الفضاء تُعد كنزاً علمياً لتطوير العلاج المنتظر.

استقبل علماء مؤسسة «مايو كلينك» بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي مؤسسة طبية وبحثية غير ربحية، مجموعة من الخلايا الجذعية التي أرسلوها إلى المحطة الفضائية الدولية لتنمو هناك بعيداً عن تأثيرات الجاذبية. وبدأ العلماء في أبحاث مكثفة استعداداً للوصول إلى «علاج كل الأمراض»، عبر الخلايا الجذعية التي تحررت من الجاذبية ونمت في الفضاء.

وحسب الأبحاث، فإن هذه الخلايا يمكن أن تكون علاجاً لجميع الأمراض والإصابات التي قد يتعرض لها جسم الإنسان، ويعتبر العلماء أن «الخلايا الفضائية» قد تكون الحل السحري لإنهاء الأمراض على الأرض.

أحلام قديمة تتحقق


حين كان طفلاً صغيراً، حلم «أبازُبير» أن يصبح رائد فضاء، وبينما كان يتقدم لدراسة الطيران في إحدى الجامعات النيجيرية طلب منه أحد أقاربه البحث عن طريق مختلف، لذا قرر الشاب دراسة الطب. وحين أتم دراسته الجامعية حصل على منحة لدراسة الماجستير والدكتوراه في جامعة «هارفارد»، غير أن حلم السفر إلى الفضاء ظل يراوده بين حين وآخر، حتى تحقق أخيراً بعدما أرسل «أبازُبير» مجموعة من خلاياه الجذعية إلى الفضاء.


مستقبل الطب

«أبازُبير» يشغل منصب المدير الطبي والعلمي لمختبر العلاج الخلوي في «مايو كلينك»، وهو مكان مخصص لدراسة الخلايا الجذعية التي يعتقد الطبيب النيجيري أنها تشكل «مستقبل الطب التجديدي»، وتستخدم الخلايا الجذعية حالياً في عدد من التجارب السريرية لعلاج إصابات الركبة وحروق الجلد. ويعتقد الأطباء أنها يمكن أن تستخدم في علاج كل الأمراض، بدءاً من الحساسية ومروراً بالتهابات الأنسجة ووصولاً إلى السرطان، حسب العالم النيجيري.

يُعرف ذلك النوع من العلاج باسم «العلاج التجديدي»، وقد نجح باحثو «مايو كلينك» في إجراء أول تجربة ناجحة لاختبار فوائد استخدام الخلايا الجذعية للحد من آلام التهاب المفاصل والعجز في الركبتين.

في ذلك النوع من العلاج، يقوم الباحثون بتوليد خلايا سليمة لتحل محل الخلايا المريضة، والأطباء يقومون بتوجيه الخلايا الجذعية لتصبح خلايا محددة يمكن استخدامها في تجديد الأنسجة المريضة أو التالفة.

ويعود الفضل في نجاح ذلك الأمر إلى التجارب المتتالية التي أجريت على الخلايا الجذعية في الفضاء، فبعد أن أرسل «أبازُبير» خلاياه الجذعية إلى محطة الفضاء الدولية عدة مرات، آخرها مطلع يناير الماضي، عرف العلماء الكثير من أسرار هذه الخلايا وطريقة نموها.

نحن أبناء الجاذبية

يقول «أبازُبير» في تصريحات خاصة لـ«الرؤية» إن إرسال الخلايا الجذعية إلى الفضاء هدفه الأساسي معرفة سلوك تلك الخلايا «التي تعتبر بذور الحياة» في وسط خالٍ من الجاذبية، فـ«نحن ما تريدنا الجاذبية أن نصبح عليه»، على حد قوله، وهو يرى أن الجاذبية الأرضية هي المسؤولة عن «تشكيل عظامنا وأداء أجهزتنا الحيوية بالكيفية التي تعمل بها حالياً».

لذا قرر إرسال الخلايا الجذعية إلى الفضاء لـ«التحرر من الجاذبية»، وهذا سيساعد أكثر على فهم «القدرات التجديدية الهائلة التي تتمتع بها تلك الخلايا مما يسهم في علاج جميع الأمراض من الحساسية إلى السرطان، باستخدام الخلايا الجذعية.

المرض عدو شخصي

بدأت رحلة خلايا «أبازُبير» الجذعية في عام 2015 حين حصل النيجيري على موافقة «ناسا» لإرسال «طبق معملي صغير يحوي آلاف الخلايا» إلى المحطة الفضائية الدولية، وقام رواد الفضاء بإجراء تجارب لقياس التغيرات التي حدثت في الخلايا في الفضاء، وتم إعادتها على متن صاروخ غير مأهول ليكمل «أبازُبير» العمل عليها ودراستها في المختبر.

للخلايا الجذعية عدد لا يُحصى من التطبيقات الطبية المحتملة، منها علاج السكتات الدماغية، وهو مرض يعتبره «أبازُبير» عدواً شخصياً إذ توفيت والدته جراء الإصابة به قبل أكثر من 20 عاماً.

تحديات وحلول

رغم هذا التقدم الهائل، إلا أن هناك مشكلة كبرى لا تزال تواجه الباحثين في مجال العلاج بالخلايا الجذعية، أبرز هذه التحديات أن استخدام الخلايا الجذعية لعلاج الأمراض يحتاج إلى أكثر من من 200 مليون خلية لضخها في الأماكن المتضررة من جسم الإنسان، وهو عدد مهول يتطلب سنوات طويلة داخل المعمل، إلا أن «أبازُبير» يعتقد أن الخلايا الجذعية يمكن أن تنقسم بصورة أسرع في الأماكن منعدمة الجاذبية.

«لذا.. أرسلت تلك الخلايا إلى الفضاء» هكذا وجد «أبازُبير» الحل، وتابع:«الأمل في إنتاج خلايا جذعية بشكل وافر يكمن هناك.. في الفضاء الخارجي وليس هنا».