الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

طلال سالم: همّ البحث عن «لقمة العيش» أزمة الشاعرالإماراتي

يتربص باللامرئي في الكتابة، مكيفاً الكلمات بذكاء ليسحب الخفايا من مجهولها إلى معلومنا فيتجلى التخفف من ثقل البلاغة لصالح جوهر الفكرة بشكل واضح.. إنه الشاعر الفائز بجائزة الشعر العربي في دورتها الأخيرة بالشارقة طلال سالم.

وفي حواره مع الرؤية، أكد طلال سالم أن الشعر لم ولن يندثر، بل زادت أهميته مع بروز مواقع التواصل التي جسرت الفجوة بين الشاعر والقارئ.

ولا يعتبر سالم نفسه مظلوماً لأنه شاعر يكتب القصيدة مقارنة بالروائيين الذين تزداد شعبيتهم كل يوم بسبب جماهيريتهم العالية، مؤكداً أن الشاعر الإماراتي بحاجة إلى أن يؤمن بنفسه أكثر ويحرص على تضمين قصيدته الحس الإنساني للوصول للعالم، مشيراً إلى أن همّ البحث عن «لقمة العيش» أزمة الشعراء الإماراتيين.


وألمح إلى أن "النقاد هم مبدعون فاشلون"، مشيراً إلى أهمية تغيير مفهوم النقد محلياً، فالمبدع بحاجة إلى ناقد يوجهه إلى نقاط ضعفه ولا يحطمه أو يمدحه بطريقة زائفة.


ودعا سالم المؤسسات إلى التُحرر من شرنقة الكلاسيكية عبر الوصول لذائقة الجمهور من خلال الذهاب بالشعر إلى الشوارع وأماكن تواجد الناس والشباب.

*قلت في تصريح إعلامي سابق إن "النقاد هم مبدعون فاشلون" هل نحن بحاجة إلى نقاد حقيقيين، وبرأيك ما السبب وراء اختفاء النقد الجاد؟

نعم، فنحن نحتاج إلى إعادة تعريف النقد، والشعراء ليسوا بحاجة إلى نُقاد هدامين أو مادحين، فأنا كشاعر احتاج إلى ناقد يقف بجانبي كصديق يخبرني عن نقاط ضعفي حتى أعدلها وأتلمس طريقي نحو النجاح وقلوب الناس.



*هل تشعر بالظلم لأنك شاعر ولست روائياً في الوقت الذي يعاني فيه الشعر انحساراً على المستوى الجماهيري؟

أنا شاعر جربت الكتابة في القصة والرواية، لكن جماهيرية الشاعر هو قرار يرجع لإيمانه بنفسه بأنه قادر على خلق هالة جماهيرية من خلال نصوصه التي تلامسهم وتؤثر فيهم عبر النص البسيط وليس النخبوي.

*لك مشاركة فاعلة في وسائل التواصل الاجتماعي، فهل شكلت إضافة حقيقية وإيجابية لتجربتك الشعرية؟

نعم لعبت وسائل التواصل دوراً مهماً في إثراء تجربتي لأنها جعلتني قريباً من الجمهور بشكل مباشر فلم أعد متردداً حيال نشر منتجي الإبداعي وجسرت المسافة بيني وبين القراء.

*في ظل تراجع نسب القراءة، لمن تكتب وهل هناك من يقرأ الشعر في عصر التواصل الاجتماعي؟

أنا كشاعر أكتب لنفسي أولاً، فالشعر تطهير وراحة، ودليل على حرص المبدع على المحافظة على سويته النفسية بتفريغ طاقته السلبية، ولا أميل كثيراً لنشره ورقياً، ولكني أفضّل أن يكون رقمياً مرئياً بصرياً لينسجم مع احتياجات الناس في العصر الحالي.

*وهل أسهمت القصيدة التويترية في إضعاف اللياقة الإبداعية للشعراء بسبب جملها المختصرة؟

نعم، لا أخفي عليك أن الكتابة التويترية ألغت الكثير من المعاني والأفكار التي نود إيصالها للناس مع خاصية محدودية الحروف، لكن هذه الوسائل علمتنا كيف نعبّر باختزال عن مشاعرنا، وهو تحدٍّ شعري جديد على المبدع تجاوزه، ولكن لن يخرجنا من ارتباطنا بما هو أصيل دائماً.

​*لماذا ارتبطت باللغة العربية الفصحى في حين أن الشعر العامي أسهل في الإلقاء وأكثر شعبية ويغنيه الفنانون، وهل فكرت باللجوء إلى القصيدة الشعبية؟

القصيدة الفصحى أقرب إلى روحي وأؤمن بأنها تملك الكثير من الجمال والرونق، فيما القصيدة المُحكاة والمُغناة النبطية قد تكون أقرب إلى الناس إلا أن قلبي مال إلى الفصحى.

*وكيف تقيّم المشهد الشعري في الإمارات خاصة ومنطقة الخليج عامة؟

نحن بخير، كل من يكتب حرفاً يضيف الكثير للحياة، هناك مؤسسات ثقافية تعكف على دعم المبدعين والنشر، لكن لا بد من تحديثها رقمياً لتنتقل مع المبدع إلى آفاق أرحب بعيداً عن المكاتب المغلقة. والقصيدة الإماراتية في تطور لافت.

*الشارقة تشهد انتعاشاً لافتاً على مستوى الاهتمام بالشعر، كيف يمكن استقطاب الجمهور العادي إلى الأمسيات والمهرجانات الشعرية؟

المؤسسات عليها أن تُحرر نفسها من الكلاسيكية عبر الوصول لذائقة الجمهور من خلال الذهاب بالشعر إلى الشوارع وأماكن تواجد الناس والشباب.

*وما أبرز التحديات التي تواجه الشاعر الإماراتي؟

أعتقد أن الشاعر الإماراتي بحاجة إلى أن يؤمن بنفسه أكثر ويحرص على تضمين قصيدته الحس الإنساني للوصول للعالم، وذلك لن يتم إلا من خلال التفرغ، لأن المبدع قد يختار لقمة العيش عبر الوظيفة مهملاً القصيدة، وهذه أزمة الشعراء الإماراتيين.

*وما هي التقنيات الكتابية والأدوات التي ميزتك عن غيرك من الشعراء؟

أنا أعبر بهدوء عما يلامس الناس وأحاول أن أكون مجدداً في قصيدتي العمودية، مراهناً على الدفقات الشعرية والحس الموسيقي للقصيدة العمودية، نأيت عن شكليات النظم إلى جوهر القصيدة، ويبرز ملمح التجديد في القصيدة العمودية من خلال دواويني المنشورة، أؤمن بأن الإبداع رسالة إنسانية سامية لها شروطها الفنية التي تحمل روح صاحبها.

*وماذا تقرأ؟

القراءة تغيرت اليوم فهي "مرئية "، "مسموعة" وأنا أقرأ كثيراً حول السلام الذاتي والوعي وهو ما أسهم في تشكيل شخصيتي وانعكس ذلك على قصيدتي.

*وما الرسالة التي تحملها عبر قصائدك؟

أنني إنسان بسيط يعاني أحياناً ويسعد أحياناً، متذبذب بكل حالات الإنسان لذلك أسعى للتعبير عنه.

*هل يصاب الإبداع بــ«الشيخوخة»؟

لا أعتقد، ولكن الفكر قد يوجه العاطفة إلى هو مختلف عن الإبداع فقد ينشغل بشيء آخر كأن يهتم الشاعر بـ" لقمة العيش" ويهمل القصيدة.

*أصدرت كتاباً بعنوان "إماراتي في نيجيريا"، لماذا نيجيريا تحديداً؟

عملت في وظيفتي كمهندس، ما اضطرني للسفر والعمل في نيجيريا، لذلك لامست الغربة وتحدياتها وإشكاليات الإعلام في تنميط الصورة الذهنية، لذلك ارتأيت أن استهل تجربتي السردية الأولى في أدب الرحلات والتي تضمنت البحث والاكتشاف بنيجيريا، ووددت أن أنقل تجربتي في كتاب بكل شفافية وصدق، فمن يقرأ طلال في هذا الكتاب يتعرف إلى روح الإنسان وليس الشاعر.