قال الأديب والأكاديمي التونسي الحائز على جائزة «البوكر العربية»، الدكتور شكري المبخوت إن النقد العربي يعيش أرذل مراحله التاريخية، مبيناً أن مفهوم النقد وارتباطه بغربلة النص الأدبي لا يزال مفهوماً خاطئاً.
جاء ذلك خلال محاضرة استضافتها مؤسسة ندوة الثقافة والعلوم بدبي، استعرضت واقع و إشكالات النقد الأدبي في الإمارات بصفة خاصة، وعربياً عموماً، وتحدث فيها بشكل رئيس إلى جانب المبخوت، أستاذة اللغة العربية في كليات التقنية العليا الدكتورة مريم الهاشمي، وأدارتها رئيسة اللجنة الثقافية في الندوة عائشة سلطان.
وحاولت المحاضرة الإجابة عن تساؤلات عدة منها هل يقود النقد الأدبي والنقد الثقافي للنتيجة نفسها، وما التحولات التي طرأت على النقد في العالم العربي، وهل المؤشرات تشير إلى اندثار وتراجع النقد الأدبي، ولماذا تراجع دور وحضور الناقد الأدبي؟
وأوضح أن النقد يتحدث عن البنيوية والتحليل الاجتماعي والنفسي للأدب، والتحليل التفكيكي والجندري والثقافي، وجميعها ليست مجرد خيارات ولكنها بناء فكري وفلسفي، فالبنيوية فلسفة قبل أن تكون نقداً للنص، وعلم الاجتماع علم قبل أن يكون مقاربة للأدب.
وتساءل: أين علم الاجتماع ليقوم بدوره، أين الدراسات النفسية لتنظر في كل رافد من روافد الفكر العربي والشخصية العربية، أين الفلسفة تدريساً وإنتاجاً؟، مشدداً على ضرورة التعامل مع حالة النقد العربي اليوم كجزء أساسي من حالة المعرفة العربية، مبدياً تعجبه من توقف المجتمع عن تطوير طرق التدريس أو الفكر الفلسفي وعجزه أحياناً أن تكون له رؤية واضحة للكون، لذلك فالنقد العربي في أسوأ حالاته لأن الثقافة العربية تعيش أزمة فكر عميقة.
ولفت المبخوت إلى أن هناك مراكمة للإبداع لا يوافقها النقد الذي يغربل النص، وهذا الجانب السلبي يمكن أن يكون إيجابياً لأن ما يوجد في الأدب العربي، خاصة الرواية التي تغطي جوانب في الحياة الاجتماعية، لتكون الرواية مرآة عاكسة لنفسيات البشر.
من جانبها أكدت مريم الهاشمي، أن الحركة الأدبية في جزيرة العرب تتمتع بتاريخ عريق، ولم ينحصر فيها وحدها بل انتقل إلى تلك الأصقاع التي أصبحت محط سكن القبائل، وأصبحت هذه البلاد المفتوحة مراكز أدبية وعلمية مرموقة، وللموقع الجغرافي أثره في التاريخ السياسي والاقتصادي والفكري للمنطقة، ما أكسبه شهرة تجارية عالمية.
وأشارت إلى أنه أثناء ذلك التطلع والتعطش نحو اغتراف الثقافة كان الإنسان الخليجي يكدح من أجل قوته ومطالبه المحدودة، ونتج عن الواقع الطبيعي والوضع الاقتصادي والعلاقات القبلية وجود ثقافة مشتركة، تمثلت في الفنون والمسكن والملبس وعادات الزواج والمناسبات الدينية والدنيوية.
وأوضحت الهاشمي أن القصيدة العمودية تعد أول مظهر من مظاهر الحركة الأدبية في المنطقة، لذا جاءت «تائية البستكي» لتسد جزءاً من الثغرة الموجودة في تأريخ الأدب الإماراتي والتي نُظمت عام 1901، ودونت عام 1921 وتعد من القصائد النادرة التي تؤرخ للقصيدة العمودية في الإمارات.