الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

بعد فض سامر معارض الكتب .. متسوقو «الصفقات الكبرى» لا يقرؤون حصادهم

بعد أن ينفض سامر معارض الكتب، وتأوول الكتب إلى مقتنيها الجدد، يدخل" خير جليس" مرحلة أخرى بعيدة عن وضع العرض الذي لازمه لدى مكتبات البائعين، وممثلي دور النشر، ليصبح جزءاً من قوام مكتبة منزلية في الغالب، إلى أن يحين وقت قراءته، التي قد تطول او تقصر، أو حتى تغيب تماماً، حسب معطيات كثيرة، تترتب على حجم صفقات الشراء المختلفة، التي تستثمر التخفيضات والعروض المصاحبة لفترات إقامة المعارض المختلفة، ليخرج متسوقوها بحصاد، يظل كم غير يسير منه معطل غير مقروء، خصوصاً لدى متسوقي «الصفقات الكبرى» من حيث الكم، وفي حين يلعب هوس اقتناء الكتب خلال تلك الفترات دوراً في ذلك، مقابل وقوف البعض بالفعل عند احتياجاته الفعلية من المعروض، يكتفي آخرون بغنائم حصد «اللايك» و«الشير» على وسائل التواصل الاجتماعي، أو التقاط «سيلفي» مع الحصاد.

وأكد مقتنو كتب، التقتهم «الرؤية» بين القاهرة ودبي، أن معظم الإصدارات التي يشترونها من معارض الكتب لا يقرؤونها، وتظل مخزنة على أرفف المكتبات لفترات طويلة، وكنهم يلجؤون إليها في أوقات فراغهم التي تكاد تنعدم، بخلاف الإجازات الفصلية، والبعض الآخر يهديها إلى أصدقائه وأقاربه، فيما يشتريها آخرون من أجل عناوينها البراقة لكنهم يكتشفون أن المضمون لا يمت للعنوان بصلة، فتظل غير مقروءة.

هوس الاقتناء

وعلى مدار يومين من زيارته لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي اختتم مؤخراً، اقتنى الشاب إسلام عادل ما يقارب الـ170 كتاباً، ولكنه لا يضع خطة واضحة للشراء، بل يشتري بناء على ترشيحات الصفحات المتخصصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوصيات من زملائه، أما باقي ما يشتريه يكون بناء على قراءته لفهرس الكتاب، ومدى جاذبيته بالنسبة له.

وأكد عادل أنه مهووس بقراءة الروايات، لذا فكل اختياراته منها، ورغم كونه لا يعلم متى سيمكنه قراءة هذا الكم من الكتب، إلا أنه يشتريها انتظاراً لوقت فراغ يقرؤها خلاله، حيث يعمل مهندساً حربياً وظروف عمله لا تسمح له بالقراءة، ولكن هذا لا يمنعه من اقتنائها لقراءتها مستقبلاً، على حد قوله.





شراء مَرَضي

وعلى النقيض من إسلام عادل المُغرم باقتناء الروايات، فإن الشاب عمر عادل لديه هوس من نوع آخر هو اقتناء الكتب حتى وإن استدان لشرائها، ويعتبر نفسه مريضاً باقتناء الكتب.

واعتبر نفسه متأثراً بالدعاية المُثارة حول بعض الكتب، فيتكون لديه الفضول لاقتنائها مهما كان سعرها، وحتى الآن قام مريخي بشراء حوالي 52 كتاباً.



دعاية ناجحة

وأضاف عادل: «الكتب أصبحت كالسلع نشتريها لمجرد الدعاية الناجحة، أو حديث الناس عنها، بصرف النظر هل سيمكننا قراءتها حالياً أم لا، لذا فأنا اعتبر نفسي أستثمر أموالي في شراء الكتب طالما لست بحاجة لها في شيء آخر، ويمكن أن تبقى الكتب لسنوات لكنني يوماً ما سأعود إليها وأقرؤها».

القراءة لاحقاً

الكاتب والروائي وجدي الكومي، أكد أن شراء الكتب لا يعني قراءتها في التو واللحظة، فلا توجد إشكالية من شرائها حتى إن كان المشتري لن يقرأها كلها بسبب عدم توافر الوقت أو ظروف العمل ونحوها، لكن يمكن أن يكون بعضها ذا قيمة وسيأتي اليوم ليقرأها شخص ما.

أما عن نفسه فيقول: «أنا أشتري ما أحتاجه من كتب إضافة للإصدارات القديمة والموسوعات، إضافة للهدايا التي أتلقاها من كُتّاب آخرين، لكن هل هذا يعني أن أتوقف عن شراء الكتب حتى أنتهي من قراءة ما لدي، بالطبع لا».





تجارة مربحة

أما الكاتب طارق رفعت فلا يعتقد أن صفقات شراء الكتب بشكل كبير من داخل معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي اختتم مؤخراً، تتم في بعض الأحيان بغرض القراءة ولكن لغرض آخر وهو التجارة المربحة، إذ إن أصحاب دور النشر في المحافظات المصرية يأتون لشراء الكتب لعدم وجود معارض شبيهة في محافظاتهم، لذا فهو يتمنى أن ينتشر المعرض طوال العام ويطوف جميع المحافظات المصرية.



مجاملة الأصدقاء

وعن تجربته في الشراء يقول رفعت: «في العادة أشتري بعض كتب المعرض مجاملة للأصدقاء من الروائيين والكُتّاب، ولكن لا بد من قراءتها بشكل موضوعي لإعطاء النصح لكُتابها، وفي الغالب لا أنتظر المعرض للشراء، حيث أشتري ما أحتاجه فقط طوال العام وليس في فترة انعقاد المعرض فقط».





وجاهة

أما أستاذ النقد الأدبي بجامعة حلوان المصرية الدكتور عصام محمود، فيصنف القراء لنوعين، أولهم مثقفون وقراء شغوفون، واقتناء الكتب يعتبر لديهم فعلاً اساسياً ونمط حياة لا يستغنون عنه، أما النوع الثاني فيشترون الكتب للوجاهة، خصوصاً كتب مشاهير «سوشيال ميديا».

وأضاف محمود: «البعض الآخر يشتري الروايات خصوصاً الرومانسية منها وروايات الرعب مجاراة للسائد، فتحول شراء الكتب من المعرض لموضة سنوية يتخذها البعض كوجاهة اجتماعية، فأصبح معرضاً للروايات دون مضامين أخرى».



صفقات تريح الضمير

الخبير الاقتصادي مهند الوادية وصف لجوء متسوقي الكتاب أحياناً إلى المبالغة في شراء كميات كبيرة منها خلال معارض الكتب تحديداً، بالسعي إلى إراحة الضمير، والوصول إلى السعادة، عبر تسوق غير مؤذٍ، مثل المبالغة في شراء سكاكر مثلاً، أو أي منتجات مرتبط بالشره الاستهلاكي التقليدي، لا سيما مع ارتباط فعل القراءة بأهداف تطوير الذات.

وأضاف: «مع وجود تخفيضات مغرية لإتمام الشراء، تتضاعف الرغبة في اقتنائه، وتبدو معها صفقة الشراء بمثابة الفرصة، وشخصياً لدي كم هائل من الكتب هي حصيلة المعارض المختلفة، ولم أتمكن من قراءتها بعد، بسبب الإيقاع السريع للحياة».





تسويق ذكي

الكاتب الإماراتي الشاب علي صالح الأستاذ، أكد أنه اقتنى ما يُقارب 45 كتاباً تقريباً خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب مؤخراً، وقرأ نصفهم فقط حتى الآن، مشيراً إلى أن شراء الكم الكبير من الكتب لا يعتبره ظاهرة بقدر ما اعتبره «شطارة» وذكاء بائعي الكتب في دور النشر ونجاح في قدرتهم على التسويق.



برستيج ثقافي

وقال الأستاذ: «أعتقد بأن نسبة ضئيلة جداً من الشباب الذين يقومون بشراء الكتب بهدف البرستيج الثقافي، من خلال معارض الكتب التي شهدتها في السنوات الماضية، أما بالنسبة لي فشراء كمية كبيرة من الكتب يرجع إلى عدم توفرها في منافذ البيع المحلية المعروفة».



تباهٍ افتراضي

الشابة ميثاء خالد، ترى أن هناك العديد من صديقاتها في الجامعة تحرصن على شراء كم كبير من الكتب فقط بغاية التصوير سواء لشكل الكتب أو حتى عبارات مقتبسة من الكتب، والتباهي بمشاركة هذه الصور على مواقع التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي، والتي بدورها أصبحت أسلوباً تعبيرياً لدى الشباب حول ميولهم ونوعيات الكتب المقروءة لديهم.





ظاهرة فاشلة

أما الطالبة شمسة خالد فأشارت إلى أن فكرة تظاهر فئة من الشباب بأنهم مثقفين فاشلة ولن تنجح من خلال صور الكتب والاقتباسات على مواقع التواصل الاجتماعي، كونها لا تعكس المعنى الحقيقي للقراءة وفوائدها.

وذكرت أنها اقتنت 16 كتاباً خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب مؤخراً، وقرأت منها 3 كتب فقط، وخصصت 5 منها لقراءتها خلال حصص الفراغ والإجازات الفصلية، إلى جانب تخصيص عدد من الكتب المميزة كهدية.



عناوين خادعة

بينما يرى الشاب سالم السويدي أن هناك مجموعة من الكتب تظل مخزنة على رفوف المكتبة، لأسباب عديدة، كضيق الوقت وليس تعمداً من الشباب لانشغالهم بالعمل والدراسة، أو انخداع القارئ بعناوين الكتب أثناء تجوله في معارض الكتب، أو استغلال الحسومات على أسعار الكتب، ما يجعل الإصدارات تتكدس على أرفف المكتبات.