نظّم مجلس إرثي للحرف المعاصرة، التابع لمؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، بالتعاون مع علامة «بولغري» الإيطالية للمجوهرات الفاخرة، جلسة حوارية بعنوان «استدامة الفعل الثقافي من خلال التراث اللامادي والعمارة»، جاءت ضمن سلسلة جلسات افتراضية ينظمها المجلس بهدف بحث ومناقشة ممارسات توثيق التراث الثقافي وتبادل المعارف المتعلقة به. وشارك في الجلسة كلٌّ من نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب في دولة الإمارات، وريم بن كرم، مديرة مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، وجان-كريستوف بابان، المدير التنفيذي لشركة «بولغري»، ونورة الدبل، مديرة إدارة برامج الفنون والثقافة في الهيئة الملكية السعودية، ونورا السايح- هولتروب، رئيسة الشؤون المعمارية في هيئة البحرين للثقافة والآثار، وأدارت الجلسة فاطمة ديماس، تنفيذي أول - أبحاث المشاريع والتوثيق بمجلس إرثي.إحياء الحرف التقليدية وعصرنتها وقالت نورة الكعبي: «تبذل دولة الإمارات جهوداً كبيرة للحفاظ على تراثها الثقافي لضمان استدامته ونقله للأجيال القادمة، وتعريف العالم على خصوصيته ورسالته من خلال مجموعة من المبادرات والسياسات والتشريعات، حيث نجحنا في إدراج مجموعة من العناصر التراثية على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي التابعة لمنظمة اليونسكو، ونعمل مع شركائنا محلياً وعالمياً على إدراج المزيد في السنوات المقبلة». وأضافت: «الجميل في هذه التقاليد هو عملية الحفاظ عليها من خلال الممارسة الثقافية المتواصلة، عوضاً عن حصرها في المتاحف، وتعد تجربة إرثي واحدة من الشواهد المميزة على هذه الجهود، إذ لم يكتف بالحفاظ على تقاليد صناعة الحرف الإماراتية، وإنما عمل على تعزيز الحوار بينها وبين التصميم المعاصر وقدمها بأسلوب جديد ومبتكر». من جهتها، أكدت ريم بن كرم أن استراتيجية الشارقة تقوم على الاستثمار في رأس المال البشري لتعزيز البنية التحتية اللازمة والحفاظ على التراث، وأشارت إلى أن مجلس إرثي نجح بتقديم رؤية الشارقة ودولة الإمارات من خلال الجمع بين العناصر التقليدية والمعاصرة التي تساعد في المحافظة على الهوية المتميزة للحِرف الإماراتية مع تعزيز جاذبيتها على المستوى العالمي، ودمجها في الحياة اليومية من خلال التعاون التجاري مع المصممين العالميين والحِرفيات الإماراتيات. وقالت: «في مجلس إرثي، وضعنا منهجاً شاملاً ومتكاملاً لتنظيم جهود الحفاظ على تراثنا المادي وغير المادي، فعندما انطلقنا كانت معظم حِرفياتنا من الفئة العمرية 50-65 عاماً، واليوم نجحنا في جذب حِرفيات شابات بعمر الـ24، وبتمكينهنّ اجتماعياً واقتصادياً».نقل المعرفة بدوره أكد جان-كريستوف بابان، أن ضعف التركيز على المهارات اليدوية في الدول الغربية هو ما ألهم علامة بولغري لتأسيس «أكاديمية» خاصة تستقبل سنوياً 120 شخصاً موهوباً ممن لديهم شغف كبير بتعلم مهارات صناعة قطع فريدة من المجوهرات المصنوعة يدوياً والتي تساعد في الحفاظ على التراث الثقافي. من جانبها، أشارت ريم بن كرم إلى أن الطريقة الوحيدة لإحياء الحِرف المميزة والنادرة هي تدريب الشباب وضمان مشاركتهم وتفاعلهم، ولهذا يحرص مجلس إرثي على نقل المعرفة إلى الأجيال الناشئة، حيث يتعاون المجلس مع المؤسسات الشقيقة والمنظمات المختلفة لدعم الشباب وتعزيز اهتمامهم في الحِرف اليدوية التراثية، بالإضافة إلى إطلاق برامج متخصصة مثل «مختبرات التصميم» لتمكين الشباب من تجربة مختلف أدوات الحِرف والتصميم وممارساتها.البرامج الثقافية وتناولت نورة الدبل منطقة العلا وكنوزها الأثرية ومكانتها في البرنامج التراثي للمملكة العربية السعودية، إذ تُعد العلا متحفاً حياً مفتوحاً، مشيرة إلى العمل على تطوير مشروع جديد في «مدرسة الديرة»، وهي أول مدرسة للإناث في العلا تم التخلي عنها قبل 20 عاماً تقريباً، حيث ينضوي المشروع على ترميم المدرسة وتحويلها إلى مركز ثقافي يركز على تنمية مهارات الحرفيات في جميع الحِرف مثل السيراميك وصناعة المجوهرات وأساسيات التصميم. وأضافت أن البرنامج ساعد الحِرفيات المتقدمات بالسن على دمج العناصر والأساليب المعاصرة في الحِرف التقليدية التي يمارسنها، ما جذب انتباه المصممات الشابات ورواد مشاريع الضيافة والمشاريع التنموية الذين يدرسون إمكانية دمج هذه البرامج الثقافية مع المشاريع السياحيّة.الحفاظ على الفن والعمارة بدورها، توقفت نورا السايح-هولتروب عند مشاريع حفظ التراث في البحرين، وعلى رأسها مشروع «مسار صيد اللؤلؤ»، بالإضافة إلى دور العمارة في الجمع بين التراث المادي وغير المادي اللذين وصفتهما بأنهما «وجهان لعملة واحدة». وأضافت: «مشروع مسار صيد اللؤلؤ هو تراث مادي نحاول المحافظة عليه وحمايته، وجاء نتيجة لتراث غير مادي وهو مسار اقتصاد صيد اللؤلؤ، وهذان الجانبان مترابطان بشكل وثيق، والمباني التي نسعى لترميمها شاهدٌ ماديٌ حي على اقتصاد صيد اللؤلؤ الذي يمتد لآلاف السنين، والذي يعد في معظمه تراثاً غير مادي، وللمحافظة عليه، يتوجب علينا أن نفهم العناصر غير المادية وبشكل خاص قصص تلك المباني، وكيف تم استخدامها، والمهارات التي استخدمت في بنائها، ومن بناها وكيف، لأن هذه العملية تضمن عدم الإخلال بالعلاقات غير المادية التي تربط المجتمع المحلي بتلك المباني وبالمدينة».










غرافيتي يتحدى كورونا.. جداريات تجسد الممرضة السوبرمان وفرحة سيد الخواتم وقبلة الموت بين ترامب وبوتين
ناصر النجدي
لم يبقَ شيء في دنيانا لم يتأثر بكوفيد-19، وفي المقدمة منها الفن والثقافة. ولكن الوباء لم يثنِ فناني الغرافيتي على محاربته والتعبير عن ظواهره في الشوارع ومحطات المترو وعلى الجدران، وفي المقدمة منهم الفنان الغامض بانكسي وتحيته للممرضات والعاملين في الرعاية الصحية عبر لوحته بعنوان «الذين يغيرون قواعد اللعبة» التي علقها في مستشفى ساوثهامبتون.
واجتاح فنانو الغرافيتي شوارع العالم للتعبير عن آرائهم في ظواهر الوباء وتسلية المارة في زمن الكارثة والكورونا، بعضهم استلهم رسائل بانكسي ذاتها، وبعضهم ابتكر ثيمات أخرى، وبعضهم أظهر الممرضة في صورة «سوبر هيرو» أو بطل خارق فوق العادة وهي ترتدي قناعاً طبياً، تقديراً لما تقدمه الممرضات من جهد وتضحيات في علاج مرضى كورونا.

قبلة الموت
وكالعادة تظهر السخرية من بين خطوط رسوم الغرافيتي المتعلقة بالوباء ومن بينها رسم الفنان جون دو الذي سخر من الدعوة الخطيرة والمضحكة التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحقن بالمنظفات والمطهرات كحل محتمل للشفاء من كوفيد-19!
ورسم فنان آخر قبلة الموت بين الرئيسين الأمريكي ترامب والروسي بوتين في زمن كورونا، بعد أن سجلت الإصابة بالمرض أرقاماً هائلة في البلدين.
بينما اختار فنان غرافيتي تمثال الحرية ورسمه وقد حاصره الفيروس من كل جانب، تجسيداً لاجتياح الوباء أمريكا بسبب التأخر في مواجهته والاستهانة به.

بطولة الممرضات
وفي قلب مانهاتن تضامنت مستشفى مونتفيوري مع الفنان تريستان إيتون لرسم جدارية كبيرة في نيويورك تمجد بطولة الممرضات في الصفوف الأمامية لمكافحة كورونا.
ولم يسلم الرئيس البرازيلي بولسونارو من رسومات فنان الشوارع البرازيلي إيرا أوسكريسبو، بعد أن استهان بولسونارو بالعزل الاجتماعي ما أدى لتفشي المرض بصورة كبيرة في بلد السامبا.

تخزين السلع
من جانبه، رسم الفنان الأسترالي لوشوكس الرئيس الصيني شي جين بينغ مرتدياً بذلته الشهيرة وهو يقول «لاأرى شيئاً، استمروا» في لفتة احتجاج على التقليل من أعداد الإصابات والضحايا في الصين التي شهدت بداية تفشي الوباء.
وألهمت حمى الشراء التي اجتاحت معظم المجتمعات في بداية الحجر الصحي الفنانين الذين سخروا من التدافع لتخزين سلع ومنتجات من غير ضرورة.

ورق التواليت
وانتقد فنان الشوارع جيسوس كرون أرتيليز من الدومينيكان تهافت الناس على شراء ورق التواليت، واستعان بشخصية جالوم الشهيرة في دراما سيد الخواتم، فرسمه وهو يحتضن بكرة ورق ويصرخ "أثمن ما أملك"!
وعادة ما يستلهم فنانو الغرافيتي أعمالهم من الشائعات والقصص الجديدة والمعلومات العامة ويعكسونها في أعمالهم مع بعض المبالغة، لذلك يعتبر وسيطاً مكملاً لوسائل الإعلام التقليدية، وتعبيراً عن الآراء الشائعة بين الجماهير.

صرخة تمرد
وتمتاز رسومات الشوارع بأنها لا تخضع للرقابة ولا تحتاج لموافقة مسبقة، ما يجعلها أشبه بصرخة تمرد في المجتمع، لأن الفنانين الذين يرسمونها يعلمون أنها تخالف العرف السائد أو القانون.
واستطاع هؤلاء الفنانون على اختلاف مدارسهم ودولهم التعبير عن الغضب الجماعي والخوف والإحباط الذي يلف عشرات الملايين في أنحاء العالم، وساعد في تقليل حدة تلك المشاعر، وطرح بصيص من أمل وتقوية الصلة بين الأفراد والمجتمعات.