الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

يوسف زيدان: الشك أول الفلسفة ولا أطرح أفكاراً بدافع الهوى.. والقراءة مفتاح إبداع الشباب

حوار: منورة عجيز

رفض الكاتب والروائي المصري الدكتور يوسف زيدان، الاتهامات التي يوجهها البعض والتي يرون فيها أنه يعمد إلى التشكيك في العديد من القضايا الراسخة في الوجدان، مؤكداً أن الشك من وجهة نظره أول الفلسفة.

وعزا في حواره مع «الرؤية» «الداعي لطرح تلك الأفكار الآن، ليس للتشكيك أو لاختبار الأفكار وفقط، ولكن لتوجيه الأنظار إلى أن كثيراً من الأوهام والأفكار يقودنا إلى المهالك وهي غير حقيقية».

وأشار إلى أن دوره كمثقف التنبيه من الذين لعبوا بالدين في الدنيا ولأغراض سياسية وعبر قرون طويلة، وأدت أفكارهم إلى إحداث خلل في الذهنية العامة للعرب والمسلمين، منوهاً بأن حرصه على التنبيه من خطورة هذه الأفكار، لم ينبع بدافع الهوى ولكن بدافع الحرص على الجماعة التي ينتمي إليها.

ودعا زيدان الكتاب الشباب إلى تأليف الروايات باتباع المبدأ العام لكتابة الرواية، وهو الكتابة بشكل مختلف، مشيراً إلى أن عليهم بالقراءة والبحث، حيث يقضي أياماً طويلة في القراءة والبحث في التفاصيل الدقيقة عبر العصور، ليتمكن من تقريب الواقع إلى قارئه بشكل مذهل.

  • حدثنا عن مشاركتك في الجائزة العالمية للرواية العربية الأخيرة.
ليست المرة الأولى التي تترشح فيها إحدى رواياتي لجائزة «البوكر»، ففي الدورة الثانية من الجائزة لعام 2009، فازت رواية «عزازيل» بالجائزة الكبرى بإجماع لجنة التحكيم، علماً بأن مؤسسة البوكر دشنت حينها تصويتاً للقراء، ما أدى إلى تجاوز نصيب «عزازيل» وحدها نسبة كل الأعمال الأخرى في القائمة القصيرة.
  • ما الذي دفعك إلى المطالبة بسحب روايتك المشاركة في دورة 2010؟
هنا أود الإشارة إلى أن الكتاب لا يتقدمون مباشرة للجائزة، بل يرشح الناشرون الأعمال المناسبة التي أصدروها للمشاركة في الجائزة، ولم يكن لدي علم بإرسال الناشر رواية النبطي.

وعندما وصلت الرواية إلى القائمة الطويلة في الجائزة وانتشر الخبر، علمت بالأمر وضايقني ذلك ورأيت فيه مزاحمة وإضراراً بالجائزة وإحراجاً لي، لذا اتصلت بإدارة الجائزة فوراً من أجل سحب روايتي ولإفساح المجال للروايات الأخرى، وإعطاء المبدعين فرصة للتميز.

  • بعد مرور 10 أعوام على فوزك بـ«البوكر»، تأهلت رواية «فردقان» إلى القائمة القصيرة، حدثنا عنها.
بدأت كتابة رواية «فردقان» التي تدور حول حياة «ابن سينا» من بوابة اهتمامي ودعوتي للاهتمام بالشخصيات المضيئة في تاريخ الإنسانية، بدلاً من الاهتمام بالسفاحين وسفّاكي الدماء باعتبارهم الأبطال.

استغرقت كتابة الرواية قرابة عامين، لكنني اعتمدت فيها على معارف ومصادر مخطوطة ومطبوعة، تراكمت بذهني خلال سنوات طوال، علماً بأنني كتبت مسودات الرواية في أماكن عدة، وكان تبييض الشكل النهائي لها، في القاهرة والإسكندرية.

  • ما تقييمك للجائزة العالمية للرواية العربية؟
أشعر بالافتخار لوجود تلك الجائزة ونظام تحكيمها الدقيق التي تتغير فيها اللجنة في كل عام مما يعطيها مصداقية وموضوعية كبيرة جداً، كما تلعب الجائزة منذ دورتيها الأولى والثانية دوراً مهماً في مجال الأدب، كما اكتسبت ثقة القراء لتنال إعجاب الكتاب والقراء.
  • بماذا تنصح الكتاب الشباب؟
ليس هناك ما أنصح به الكتاب تحديداً، ولكن أدعو الروائي إلى الكتابة بشكل مختلف، وهو مبدأ عام لتأليف الروايات، مع المواظبة على القراءة والبحث، حيث أقضي عن نفسي أياماً طويلة في القراءة والبحث في التفاصيل الدقيقة عبر العصور، لأتمكن من الوصول إلى عقل القارئ.
  • من وجهة نظرك، ما التحديات التي تواجه الرواية العربية؟
هناك تحديات متعلقة بالنشر والتوزيع، حيث إن هناك دولاً تفرض قيوداً وبعض الناشرين لا يرحبون بالأعمال الجديدة وبالتالي يصعب اقتحام العالم الروائي، ولكن المشكلات الحالية أخف وطأة من العقود السابقة، ففي الستينيات والسبعينيات والثمانينيات لم يكن متاحاً النشر الإلكتروني وهو الآن متاح للجميع، وكان الحظر من التداول يقتل الأعمال الروائية، أما الآن فتكثر النسخ الإلكترونية والمسموعة، الأمر الذي يجعل من الصعب الحجر على بعض الأعمال أو حظرها، ولكن بشكل نسبي.
  • علام يشمل دور الكاتب العربي؟
الكاتب جزء من مجتمعه، ولابد أن يكون تفاعله مع المجتمع تفاعلاً حياً أو كما يسمى بـ«المثقف العضوي» الذي ينتجه المجتمع وهو يوجه خطابه أو فكره للمجتمع، فهذا هو الدور الطبيعي للمثقف وليس الكاتب فقط.
  • لماذا تصر على التشكيك في قصص وقضايا راسخة في الوجدان؟
الشك أول الفلسفة، دعونا نتأكد مما في أذهاننا من أفكار، ابتداءً من مرحلة الشك الذي قد يؤدي إلى يقين أو استكشاف أن كثيراً من الأوهام زرعت في أذهاننا، وإذا كنتِ ضربت مثلاً بـ«أحمد عرابي» فهذا الرجل أدى دفاعه إلى احتلال مصر ووقوعها لمدة 70 عاماً تحت الاحتلال الإنجليزي، ولا يمنع ذلك أن الإنجليز كانوا ينوون احتلال مصر في كل الأحوال.

وبخصوص مسألة الإسراء والمعراج، أرى أن الجمع بينهما خطأ، وأن كلمة «المعراج» خطأ في اللغة، فلا يوجد شيء في اللغة يدعى ذلك، إلا اسم الآلة: مفتاح، مثقاب، محراث ولكن معراج هو اسمه «عروج».

وأدري جيداً كيف جمع المشايخ بين الإسراء والمعراج، إذ تم ذلك في الزمن الأموي، عندما أراد عبدالملك بن مروان صرف الأنظار عن مكة وتحويلها إلى مدينة «إيليا»، التي استعادت اسم بيت المقدس وسميت القدس وبنى القبة فأراد أن يحول القداسة إليها، وبالتالي «المعراج» لا يؤكده القرآن أبداً، وسورة النجم التي يحتج بها المشايخ تتحدث عن نزول «الروح القدس» أو «جبريل» إلى الأرض وليس صعود النبي، أما الأحاديث فهي واضحة الضعف من حيث المتن، ولا تدل على شيء وتكذب نفسها بنفسها.

ولكن لماذا أطرح ذلك؟ وهو ما كتبته في كتاب «شهود تراثية وشهود عربية» عبر فصول كاملة بالمراجع والأدلة، ليس للتشكيك أو لاختبار الأفكار وفقط، ولكن لتوجيه الأنظار إلى أن كثيراً من الأوهام والأفكار تقودنا إلى المهالك وهي غير حقيقية، وأن الذين لعبوا بالدين في الدنيا ولأغراض سياسية وعبر قرون طويلة، أدو إلى إحداث خلل في الذهنية العامة للعرب والمسلمين، ودوري أن أنبه إلى ذلك، ليس بدافع الهوى ولكن بدافع الحرص على الجماعة التي أنتمي إليها.

  • علام يتضمن مشروعك الأدبي المقبل؟
أكتب حالياً رواية «حاكم»، والتي تدور في الزمن الفاطمي وتجمع بين الحاكم بأمر الله والعلامة «ابن الهيثم» الذي اضطر لادعاء الجنون كي يفلت من جنون الحاكم.

67 إصداراً

الدكتور يوسف زيدان من مواليد 1958، وهو روائي وأديب ومثقّف مصري متخصّص بالدراسات العربية والإسلامية، وصدر له أكثر من 60 كتاباً ونالت أعماله جوائز دولية عديدة.

فازت روايته الأشهر «عزازيل» (2008) بالجائزة العالمية للرواية العربية عام 2009 وترجمت إلى 16 لغة، كما حازت النسخة الإنجليزية من الرواية بجائزة أنوبي للكتاب الأول عام 2012 التي يمنحها مهرجان إدنبره لأفضل رواية مترجمة للمرة الأولى إلى اللغة الإنجليزية، وجائزة سيف غباش-بانيبال للأدب المترجم عام 2013.

يمتلك 7 روايات، من بينها «ظل الأفعى» (2008)، «عزازيل» (2008) «النبطي» (2010)، «محال» (2012)، «جوانتنامو» (2014)، «نور» (2016) و«فردقان «(2018).

شغل منصب مدير مركز المخطوطات والمتحف التابع لمكتبة الإسكندرية، وعمل أستاذاً جامعياً ومحاضراً عاماً وكاتباً لعمود أسبوعي في الصحف، بالإضافة إلى عمله كاتباً مثمراً.