الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

فنانون تشكيليون: نتاج العزلة سيغير واقع المشهد الإبداعي في «زمن ما بعد الجائحة»

أكد عدد من الفنانين التشكيليين والخطاطين أن العزلة التي فرضتها جائحة كورونا على المجتمعات البشرية المختلفة، ليست جديدة بالمطلق بالنسبة لفنانين اعتادوا على خلقها لأنفسهم من أجل مزيدا من العمق بمحيط الخيال مصطحبين فقط في عوالمهم، أدواتهم المحايدة، قبل أن يخرجوا منها في فضاءات نشر الإبداعات الفنية، والتواصل من جديد مع الآخر، مشيرين إلى أن الجائحة قد ولّدت لديهم مشاعر متضاربة بين الخوف والأمل بالانتصار وعودة الحياة لما كانت عليه، وهو ما انعكس في أعمالهم الفترة الماضية.



عزلة طبيعية

قال الفنان التشكيلي والنحات الإماراتي مطر بن لاحج: «العزلة موجودة لدي بطبيعة الحال فلم أشعر بفرق كبير، كوني ألجأ إلى عزلتي لإخراج نتاج أعمالي الفنية للناس لاحقاً، ولكن مخزون النتاج عن هذه الفترة قد زاد بالمقارنة مع العزلة السابقة، وذلك بفضل وجود متسع من الوقت، والذي أعتبره أفضل وقت لتطبيق المشاريع الفنية».



مرحلة الوفرة

وأشار بن لاحج إلى أن فترة الإغلاق قد جعلته يصل لمرحلة الوفرة في الإنتاج، حيث تمكن من إنجاز ما يقارب 54 عملاً، منها: عمل فني بعنوان «الحماية» والذي يتعلق بطرق الوقاية من الإصابة بالفيروس والحفاظ على الصحة العامة، فضلاً عن عمل سابق يعمل على إكماله بعنوان «الحفلة» الذي يترجم أحداثاً كثيرة في لوحة مرسومة، ترى النور خلال أغسطس المقبل.





تقنيات جديدة

وأكدت الفنانة التشكيلية الدكتورة نجاة مكي أن الفترة الماضية قد عانقت أعمالها مشاعر مختلطة بين الخوف والأمل والامتنان وتقدير أبسط النعم وتكاتف البشرية بمواجهة الجائحة وغيرها، موضحة أن هذه المشاعر قد ترجمتها إلى أعمال توحي بمرورها بجائحة قد أعادت تنظيم أولويات البشرية، بدون تحديد أسماء وعناوين للمواضيع والأعمال.

وأضافت: «عملت على مشاريع عدة أستعد خلالها للمشاركة في معارض ستقام في زمن ما بعد الجائحة، خاصة أن هناك حراكاً فنياً ينتظرنا كفنانين للتعبير عن مسؤوليتنا المجتمعية، كما أنني انتهزت الفرصة لتطوير أدواتي وتقنياتي لجديدة والخامات المستعملة، خاصة أن عنصر التجديد ضروري بأعمال كل فنان، فعملت على مشروعين أحدهما جسدته بصورة رمزية وخامات جديدة لقوة حركت العالم بهذه الجائحة، والآخر باستخدام الإضاءة الفسفورية وهو امتداد لمشروع عملت عليه مسبقاً، بإسقاط الضوء على اللون لمنح البهجة والبريق، وهو مضمون الأمل الذي كان موجوداً في دواخلنا طوال الفترة الماضية».



معارض افتراضية

وأكدت مكي أن حصاد العزلة لم يقتصر على إنتاج أعمال جديدة، بل تعاونت مع 3 جهات في تقييم معارض افتراضية ضمن اختيارها كعضو لجنة تحكيم، مشيرة إلى أن هذه التجربة جعلتها أكثر اطلاعاً على تعايش الفنانين الآخرين مع الجائحة، والذي منحها شعور زيارة معرض متنقل بين دول مختلفة.





فن المشربيات

بينما، استلهم الفنان عبدالقادر الريس مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة «لا تشلون هم» خلال الأزمة، ووضعها في لوحة مستوحاة من مجموعة فن المشربيات التي عمل عليها سابقاً، إلى جانب تركيزه على لوحات ذات حجم كبير تتراوح بين مترين ونصف المتر في متر ونصف تقريباً، وعودته لرسم الأبواب، مشيراً إلى أن حجم الباب الذي عمل عليه يعتبر من أكبر الأبواب التي رسمها.



خوف وأمل

وقال الريس: «حاولت خلال لوحاتي التعبير عن مشاعر الخوف والأمل، فهناك لوحة تدل على قرب الفرج وهي المشاعر التي نشعر بها اليوم على أعتاب انتهاء الجائحة، كما أنني ركزت بعملي في هذه الفترة على الألوان المائية عوضاً عن الزيت والأكريليك، والعمل مع الألوان المائية أشبه بالبحر لا حد ولا نهاية له، وتمنح الفنان القدرة على الإنتاج الجديد بدون تخطيط».





تراث وعمران

الفنان فيصل عبدالقادر، ذكر أنه استثمر فترة العزلة وجائحة كورونا لإنجاز لوحات جديدة وقديمة كذلك، والتي تنوعت بين التراث والعمران والبورتريه، مشيراً إلى استمراره بالعمل على مجموعة أخرى من اللوحات مستوحاة من الجائحة سينجزها قريباً بألوان الأكريليك.





توثيق الأحداث

فيما أخذ مدير بيت الخط في دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي الخطاط محمد مندي، على عاتقه مسؤولية توثيق الأحداث وعناوين أخبار جائحة كورونا التي تم نشرها بالصحف اليومية، وخطها بريشته وأحباره، مشيراً إلى أنها قد تكون فكرة معرض فردي لاحقاً يروي قصة الأحداث التي جرت طوال الفترة الماضية من خلال لوحات فنية بالخط العربي.

وأضاف مندي: «دفعتني هذه الجائحة كفنان إلى التفكير بنفسي وما الذي يجب فعله بدون طلب الناس والجهات مني، فعلى الفنان خدمة وطنه بكل الحالات ومشاركته الأحداث المحيطة، لذلك أنتجت مسودات كثيرة، وعملت على نص الأذان بثلاث نماذج للمآذن والمساجد، سلاسة الرسول عليه الصلاة والسلام، واستكمال مشروع الشيخ زايد، إلى جانب عمل 100 قطعة لأسماء الله الحسنى وبعض آيات القران الكريم عن رمضان وليلة القدر».



رمز الحكمة

من جهتها، أشارت الخطاطة نرجس نورالدين، إلى أنها قامت بخط عبارات تبعث على الصبر والأمل وعرضتها خلال صفحتها الخاصة على إنستغرام، فضلاً عن تواصلها مع مجموعة من الطلبة وتقديم دروس بالخط عن بُعد، إلا أنها ركزت على استثمار وقت أبنائها وأطفال العائلة برسم البومة على اعتبارها «رمز الحكمة» وعرضها بعد الجائحة في معرض للبيع والاقتناء، منوهة باستغلال فكرة امتلاك زوجها لغاليري أرابيسك وعرض الأعمال فيه لاحقاً.