الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

3 مشاهد جديدة تهيمن على واقع تدريس الفنون في حقبة «ما بعد كورونا»

أوضح عدد من الفنانين والأكاديميين في مضمار الفنون الجميلة والتصميم أن «كوفيد-19» أفرز 3 طرق جديدة لتعليم الفنون يمكن تطبيقها ما بعد الجائحة، وتأتي التكنولوجيا عاملاً مشتركاً فيها، وتشمل: تأسيس أكاديميات افتراضية لدعم الموهوبين، وتصميم تطبيقات ذكية لحماية الحقوق الفنية، واعتماد الفنون الرقمية نوعاً جديداً من الفنون البصرية التي لاقت قبولاً واضحاً من الطلبة.

وأكدوا لـ«الرؤية» أن هذا الواقع الجديد في تعليم الفنون خرجوا منه بمجموعة دروس مستفادة، منها: مرونة التعامل مع الأزمات واستغلال الموارد المتاحة، وتزويد الطلبة بمحاضرات مسجلة وخامات فنية يحتاجونها، حيث طالت أزمة كورونا طرق تعليم الفنون فبعدما كان تدريسها بشكل مباشر، باتت عبر شاشات مسطحة، تُحيّد العلاقة الحسية بين الفنان وأدواته، وتحول الأكاديمي الفنان إلى موجه لخطوات عمل، بعيدأً عن حتمية التواصل المباشر مع طلابه للوقوف على مدى تطور أدواتهم.

تطبيق لفحص الأعمال

وأوضح الفنان التشكيلي الدكتور محمد يوسف، الأستاذ المساعد في كلية الفنون الجميلة والتصميم بجامعة الشارقة، أن عالم التكنولوجيا جعل كل شيء متاحاً، ما جعله يشك في الألوان والتكوين، فكثير من السرقات الفنية يرتكبها بعض الطلبة من خلال نسخ أو نقل عمل ما من صفحات الإنترنت،.

واشار يوسف الحائز جائزة الإمارات التقديرية للعلوم والفنون والآداب، عن فئة الفن التشكيلي، إلى ضرورة وجود تطبيق يتولى عملية الكشف عن حقوق العمل الفني خاصة في مجال التصاميم التي تتطلب دقة، وتجنباً للسرقة الفنية.

أكاديميات افتراضية

أوضح الفنان والنحات الإماراتي مطر بن لاحج الذي أعلن مؤخراً عن تأسيسه لأكاديمية فنية افتراضية، أن الجائحة قد وضعت ميزاناً جديداً للفنون وطرق تعليمها، ما جعلته يؤسس الأكاديمية ضمن 4 مستويات و5 اتجاهات كل منها يحمل 3 تفرعات، حيث تقوم كل من المرحلة الأولى والثانية على البناء ويمكن دراستها عن بُعد، أما الثالثة والرابعة فهي مرحلة الاحتراف، والتي تتطلب تطبيقاً عملياً عن قرب.

وقال: «أنا ضد تحويل الفنون البصرية إلى فنون رقمية، إلا أنني أؤيد تطوير طريقة تعليم الفنون البصرية باستخدام التقنيات الحديثة، مع الحفاظ على التوازن بين التكنولوجيا والتفاعل الجسدي مع الأدوات الفنية التي تساهم في استكشاف الإنسان لذاته فنياً وحسياً، وأعتقد بأن الحاجة لمثل هذه الأساليب الجديدة تلبي رغبة الفنانين الناشئين السريعة في هذا الجيل».

تعزيز الفنون الرقمية

وقالت ياسمين محمد، فنانة تشكيلية ورئيس قسم الفنون بمدرسة الوحدة الخاصة بالشارقة: «أفرزت الجائحة طرقاً جديدة للتعليم انعكست بالفائدة على كل من المعلمين بتطوير أنفسهم تقنياً وأتاحت للطالب تكوين معرفة فنية وأصبحت لديه المقدرة على التمييز بين المدارس الفنية التشكيلية، وزيارة العديد من المتاحف العالمية افتراضياً، كما تطورت المهارات البحثية لدى الطلبة من الناحية الفنية النظرية».

وأضافت بأن هنالك عدداً كبيراً من الطلبة الذين اكتشفوا قدراتهم الإبداعية باستخدام البرامج التكنولوجية المخصصة بالتصميم، والرسم على الأجهزة اللوحية، ووجدوا بأنهم أكثر قدرة على التحكم خلالها من الأدوات الفنية التقليدية من فرش وألوان، مؤكدةً بأن المستقبل ما بعد الجائحة سيشهد نوعاً جديداً من الفنون الرقمية التي أبدع فيها مجموعة جيدة من الشباب.

جانب نظري

وأفاد الفنان العراقي إياد الموسوي، فنان متفرغ عمل سابقاً بتقديم ورشات تقنيات الغرافيك المطبوعة على خامات متنوعة في استوديو آرت بجامعة كونكورديا بكندا، بأن تعليم الفنون عن بُعد يعتبر حلاً بديلاً لمواجهة الجائحة، والذي قد يكون مفيداً على الجانب النظري في عقد الندوات والجلسات النقاشية حصراً، أما بقية عناصر الفنون فهي تتطلب تفاعلاً حسياً ومعنوياً بين الفنان وأدواته.

دروس مستفادة

ولفتت أستاذة التصميم التطبيقي في كلية الفنون الجميلة والتصميم، بجامعة الشارقة ندى عبدالله إلى أنها اضطرت لتصميم نظام خاص كي تحافظ على تفاعل الطلبة بشكل احترافي، كما قامت باستضافة عدد من المصممين العرب لتقديم محاضرات ملهمة للطلبة، كي يضعوا الخطوط الرئيسية في مستقبلهم الفني. وحول الدروس المستفادة من الجائحة على صعيد تعليم الفنون، قالت: «علمتنا الجائحة المرونة والتكيف مع كافة الظروف والمواقف، ما جعلنا أكثر استعداداً لاستقبال أي تحديات جديدة».

وقالت آلان مونجي، معلمة وموجهة فنون في مركز «مواهب من الناس الجميلين» للفنون: «على الرغم من الدور الفعال الذي قامت به التكنولوجيا في تقريب الفنانين وجعل عالم الفن أكثر تقارباً وتواصلاً، إلا أنها لا تعوض التواصل الحقيقي بين القيّم أو المعلم والطلبة، ومع ذلك فهي تحمل دروساً مستفادة كثيرة يمكن تطبيقها بالمستقبل، تساهم بعرض الأعمال الفنية الاستثنائية التي ينجزها الطلبة في مركز مواهب، حتى تصل رسالتنا بعرض أعمال فنانين من أصحاب الهمم أمام أكبر عدد ممكن من الجمهور».

وأشارت إلى اعتماد أساليب تكنولوجية حديثة في عرض أعمال الطلبة، فمثلاً يمكن عمل معارض افتراضية لمن لم تسمح له الظروف بزيارة المعرض فعلياً، ويمكن ابتكار أجهزة جديدة لعرض الأعمال الفنية بصورة أقرب للواقع، كما يمكن الاستناد على تقنيات الواقع الافتراضي VR وAR لعرض أعمال المجسمات والنحت التي يقوم بها الطلبة بصورة مبتكرة.

استغلال الموارد المتاحة

وأشارت غولشان كافارانا معلمة فنون في مركز «مواهب من الناس الجميلين» للفنون بدبي، إلى أن الجائحة منحت الطلبة القدرة على استغلال الموارد المتاحة منزلياً، في ظل العزل الذي فُرض علينا فجأة وندرة المواد الفنية المستخدمة، بلمساتهم الإبداعية الخاصة وبكل حرية مما عزز لديهم مستوى الثقة بالنفس والإبداع، لافتةً إلى أنهم تمكنوا من إنجاز لوحة ماندالا مميزة باستخدام الموارد المتاحة لديهم.

إرسال المعدات للمنزل

وقال هاني عصفور، عميد معهد دبي للتصميم والابتكار: «التحدي الرئيسي لأي مؤسسة تعليمية في ظل جائحة كوفيد-19 هو الظروف التي قد تعيق استخدام الآلات والمعدات واستوديوهات التصميم ومساحات العمل المشتركة، وهو ما دفعنا في معهد دبي للتصميم والابتكار لتبني استراتيجيات مختلفة للتعامل مع هذا الوضع الطارئ، فاستخدمنا عدداً من البرامج الرقمية التي مكنتنا من تعليم المهارات اليدوية في مسارات تصميم المنتجات والأزياء والوسائط المتعددة بطريقة فاعلة».

وأضاف: «لجأنا إلى استخدام برامج التواصل عبر الفيديو لعقد لقاءات فردية وجماعية مع الطلبة، يتم فيها عرض المشاريع وتقييمها وإبداء الملاحظات بشأنها مباشرة بين أعضاء الهيئة التدريسية وطلبتهم، كما هيأنا ورش واستوديوهات العمل بحيث تمكن طلبتنا من استخدامها من منازلهم، إذ قام تقنيونا بتصنيع عدة (أدوات) متكاملة قمنا بإرسالها للطلبة لنمكنهم من إنجاز تجاربهم العملية وتصنيع النماذج المطلوبة منهم».

محاضرات مسجلة

وقد تختلف طرق التدريس باختلاف نوعية الفنون، فأكدت د. شيماء بدوي البردويل، أستاذ مساعد في الاتصال البصري – قسم التصميم التطبيقي بجامعة الشارقة، أن طبيعة تخصص الاتصال البصري أو التصميم الغرافيكي، تجعل الطلبة يتمتعون بحرفية عالية في مجال استخدام التقنيات المختلفة في أعمالهم البحثية، وتوثيق خطوات التصميم، وتمثيل أفكارهم الإبداعية في صورة تصميمات تخدم المجتمع.

وأوضحت بأن المحاضرات المسجلة عبر بلاك بورد، أتاحت للطلبة إمكانية الرجوع إليها في أي وقت لاحق، ومن جهة أخرى مكّن التعليم عن بعد من تزويد الطلبة بملاحظات موثقة، ما خلق حافزاً للالتزام.

وأضافت: «علمتنا الجائحة تطبيق طرق تعليمية متنوعة لتناسب جميع الظروف والاحتياجات، لذلك يجب علينا تطوير استخدام التكنولوجيا في التعليم بطرق مختلفة ومبتكرة، إلى جانب انتهاج طرق تدريس تتنوع بين التعلم عن بعد، التعلم الذاتي، والطرق الكلاسيكية».



اقرأ أيضاً : مسبار الأمل .. من الألف إلى الياء