الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«طاهر. موت رحيم».. رحلة مربكة تنشد الخلاص بوأد المعاناة

«طاهر. موت رحيم»..  رحلة مربكة تنشد الخلاص بوأد المعاناة

اختار الكاتب الإماراتي الشاب مانع المعيني، قضية شائكة وهي الموت الرحيم، لتكون محور روايته «طاهر. موت رحيم»، حيث يتطرق في ثناياها إلى تفاصيل دقيقة تأخذ قارئها في رحلة للبحث عن تساؤلات فلسفية عدة، مضيئة على ما يسمى بسياحة الموت التي تعتبر نوعاً جديداً من أنواع السياحة في العصر الحديث، وفيها يضع السائح حداً لحياته منشداً الخلاص بوأد المعاناة، ليصل إلى الموت، عبر طرق علمية تساعده على تجاوز مسألة الألم الناتجة عن المرض المزمن.

وينطلق الكاتب عبر ورايته من خلال طرح تساؤل مفاده «ما الذي يدفع عالماً شهيراً لأن ينهي حياته ويخضع للموت الرحيم؟».



إشكالية المكان

تدور أحداث الرواية في قالب اجتماعي، ويمكن تصنيفها ضمن الروايات الفلسفية، حيث استغرق الكاتب ما يقارب 3 أشهر ليخرج الجزء الأول منها بصورته النهائية للنور، ويستعد خلال الأيام القليلة المقبلة لنشر الجزء الثاني والثالث منها.

وحرص الكاتب على اختيار مكان وقوع الأحداث، وخاصة أن فكرة الموت الرحيم يصعب حدوثها في الدول الإسلامية، لذلك قرّر الابتعاد عن ذكر المكان في الرواية حتى لا يعرّض نفسه لتساؤلات عديدة، خاصة أن موضوع الخضوع للموت الرحيم لا يزال شائكاً ومثيراً للجدل؛ لذلك فضل الابتعاد عن ذكر المكان ولكن أسماء الشخصيات لها دلالات على المكان وبإمكان القارئ التخمين بكل سهولة.





بين السطور

ويلتمس القارئ في كل سطر من سطور الرواية روح الكاتب التي تظهر في كافة تفاصيلها، وأنه عايش شخصيات عمله الأدبي ليظهر تألمه بآلامهم وفرحه لفرحهم وذرفه للدموع أثناء كتابة الفصل الأخير من الجزء الأول للرواية.

وحقق الكاتب هدفه من الرواية بتسليط الضوء على فكرة أن الحياة هبة من الخالق ولا يحق لأحد سلبها سواه، فكان أسلوبه في الكتابة متسماً بالهدوء التام والحيادية، ليجعل الأحداث تأخذ القارئ ويسبح معها بدون أن يشعر ولا يتمكن التوقف عن القراءة.

ويتجلى في الأحداث المجهود الذي بذله الكاتب في البحث عن موضوع الموت الرحيم من مختلف الجهات الاجتماعية والإنسانية والدينية والعلمية، واطلاعه على حالات خضعت له، مسلطاً الضوء على مدى إمكانية تطبيق هذا الأمر في العالم العربي بعد اتباع إجراءات معينة.





أسباب ودوافع

وعن الأسباب التي دفعته لكتابة الرواية قال المعيني لـ«الرؤية»: لاحت لي فكرة رواية طاهر الموت الرحيم بين أروقة المستشفيات، حيث كنت في زيارة لجدتي رحمها الله، ولاحت لي التفاتة لمريض يرقد والأجهزة من حوله، ثم قلت في نفسي ماذا لو كان القرار بيد البشر لإنهاء حياة من يحبونهم ليمنعوا عنهم الألم، فدخلت في دوامة عميقة لم أخرج منها حتى الآن.

وأضاف أنه «قبل شروعه في الكتابة والخوض في فكرة الرواية حرص على عدة أمور بخصوص الموت الرحيم، منها حكمها الشرعي في الإسلام والرأي الطبي، حيث توجه لاستشارة عدد من الأطباء، إلى جانب البحث عن الحقيقة وكيف أنها تكون ملتوية وكيف أن السؤال اليتيم يجرّ صاحبه لعدة أسئلة ومتاهات لن يخرج منها، لدرجة أنه يشك في كل شيء حوله».

وأشار المعيني إلى أن «هذا ما حدث بالفعل مع بطل روايته طاهر حين توجه لسؤال والدته من هو والده، حيث إنه لم يلتقِ به منذ الصغر، وهذا السؤال جرّه لدوامة لم يتمكن من الخروج منها بكل سهولة، وفي المقابل والدته رحيمة بعد مدة من الزمن تقرّر الخضوع للموت الرحيم على الرغم من أنها سليمة معافاة وليست مريضة، ما جعل طاهر في حالة من الهستيريا وحاول جاهداً أن يجد الحقيقة.





رسائل مبطنة

وأوضح المعيني أن هناك بعض الرسائل المبطنة التي وضعها في الرواية تاركاً للقارئ إيجادها ومعرفتها، معتمداً على أسلوب التردد في كتابة الرواية والأحداث المظللة، والتي قد تجعل القارئ يتساءل عن الأحداث وربما قد يشعر بأن الكاتب مضطرب نوعاً ما؛ ولكن كان هذا هو أسلوبه في كتابته للرواية وكان على يقين بأن هناك عدداً من القرّاء سيشعر بالتيه أثناء القراءة، وبالنسبة له كانت الكتابة بهذا الأسلوب أكبر التحديات، فكيف له أن يذكر حدثاً مهماً ومن بعدها يشكك به أو ينفيه.





الجزء الثاني والثالث

كشف المعيني لـ«الرؤية» أن «رواية طاهر - الموت الرحيم» تتكوّن من 3 أجزاء، نشر جزءاً واحداً، وسينشر الجزأين القادمين قريباً، وهذا ما سبّب بعض الربكة للقرّاء، حيث إنهم شعروا بأن النهاية مبهمة.

وأكد حرصه على نشر الرواية بأشكال مختلفة؛ صوتياً عبر كتاب صوتي وإلكترونياً مع دار سيل للنشر والتوزيع وورقياً مع دار كتّاب للنشر والتوزيع، مشيراً إلى أنه «انتهى من كتابة الجزء الثاني والثالث وسيقوم بنشرهما قريباً».