الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

كُتَّاب وفنانون شباب: الفعاليات والندوات الافتراضية استثمرت فراغنا وطوَّرت مهاراتنا في زمن كورونا

كُتَّاب وفنانون شباب: الفعاليات والندوات الافتراضية استثمرت فراغنا وطوَّرت مهاراتنا في زمن كورونا
فرضت جائحة كورونا واقعاً جديداً على المشهد الثقافي والإبداعي العالمي، عزز في الوقت نفسه حضور المنصات الرقمية والتطبيقات الذكية في المشهد الأدبي والفني بغرض عرض النتاج الفني والثقافي، ومناقشة أولوياته، ما جعل الدفة تتحول إلى جبهة الشباب ونتاجهم وقضاياهم التي أصبحت أولوية قصوى في طبيعة الموضوعات التي طرحتها المؤسسات والهيئات الثقافية والفنية، التي استقطبت جمهوراً غفيراً من الشباب، فضلاً عن الدور الفعّال الذي لعبه الشباب في صناعة المحتوى وتقديم المبادرات الخاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وأكد كُتاب ومثقفون شباب استطلعت «الرؤية» آراءهم أن الفضاء الافتراضي أتاح لهم فرصاً ذهبية لحضور ندوات وجلسات ثقافية لم يكونوا مقبلين على حضورها قبل الجائحة خلال معارض الكتب والأمسيات الثقافية، مشيرين إلى أن نتاج ذلك سيساهم فيما بعد الجائحة في صناعة فارق في نتاج الشباب الأدبي الواعين بالفن وأهمية الثقافة.



ابتكار حلول إبداعية

أكد الأمين العام لاتحاد كُتاب وأدباء الإمارات الدكتور محمد بن جرش، أن الاتحاد قد استهدف الشباب خلال عدة برامج منها مختبر الإبداع الأدبي وملتقى القصة والرواية وغيرها الكثير خلال وقبل الجائحة، بهدف خلق جيل شاب واعٍ واستمرارية التواصل بين مخضرمي الثقافة والأدب والشباب، مشيراً إلى أن الأزمة دفعت المؤسسات لابتكار حلول إبداعية جديدة كي تتواصل المسيرة الثقافية.

توثيق الجلسات

وقال بن جرش: «شهدت ندوات الاتحاد الافتراضي في الفترة الماضية إقبالاً كبيراً من الشباب، حيث كان يراوح عدد حضور الجلسة الواحدة ما بين 50 إلى 70 حاضراً من مختلف دول الوطن العربي، كما حرصنا على توثيق وتسجيل الجلسات والأمسيات على قناة يوتيوب ومنصات التواصل التي نسعى للاستمرار بها حتى بعد انتهاء الجائحة».



كلفة صفرية

قال الكاتب الدكتور حمد الحمادي: «نشاط المؤسسات الثقافية، وسهولة الوصول عبر شبكة الإنترنت ومرونة الوقت بمشاهدة الجلسات مسجلة عبر قنوات يوتيوب، كلها عوامل شجعت الشباب على الاطلاع على محتوى الجلسات الثقافية التي لم يكونوا مقبلين على حضورها خلال الفعاليات ومعارض الكتب سابقاً، كما أنني أعتقد أنها ستستمر بعد الوباء لاعتياد الشباب على تقديمها وحضورها، والتي تفتح لهم أبوابها مستقبلاً في استثمار بطرق مختلفة».

وذكر الحمادي أن الشباب استغلوا الفرص الذهبية التي أتيحت لهم عبر الفضاء الافتراضي، من باب الكلفة الصفرية، فبدأ الكثير من الشباب في تقديم وصناعة المحتوى من خلال استعراض وسرد معلومات وتجارب عامة، أو حتى محاورة مثقفين وشخصيات مهمة، مشيراً إلى أن هذا سيخلق لهم فرصاً وظيفية لاحقاً.



حضور حقيقي

ولا يفسد اختلاف وجهات نظر المثقفين نتاج الفضاء الافتراضي، حيث قال الكاتب الإماراتي عبدالله النعيمي: «يستمد المشهد الثقافي وهجه من الحضور الحقيقي، فلما كنت أشارك في أمسية أو جلسة حقيقية تفرح باجتماع القراء الزملاء حولك بعد الجلسة، كل ذلك أفتقده في الندوات الافتراضية التي أنظر لها كبديل خلال الأزمة، أتاحت الفرصة أمام الشباب الشغوف لسهولة الوصول، إلا أنني صُدمت بأعداد الحضور، فالندوات الثقافية كانت تعاني من نقص الحضور والذي زاد سوءاً لما أصبحت عن بُعد، قد يكون بسبب قلة الخبرة وحداثة التجربة».



جهود إيجابية

بينما عبرت الكاتبة والمدربة حنان السماك عن سعادتها بجهود الشباب الإيجابية في استثمار أوقاتها بالندوات عن بُعد، قائلة: «بغض النظر عن سبب النشاط الملحوظ للشباب الذي قد يعود لرغبتهم في استثمار الوقت الذي أتيح لهم، أو مجاراة مع التيار كونه (تريند)، فقد كانت النتيجة إيجابية تعرفنا على الكثير من خلال مواقعهم واكتشف الشباب بأنفسهم قدرات صناعة المحتوى».



تجربة جماعية

فيما أوضح الكاتب الشاب علي صالح الأستاذ: «على الرغم من تأدية الندوات الافتراضية لدورها خلال الجائحة، إلا أنني ما زلت أفتقد التجربة الجماعية بمشاهدة فيلم ومناقشته لاحقاً كما كنا نقوم به في ندوة الثقافة والعلوم سابقاً، ولكن أعجبني الجانب العفوي الترفيهي الذي اتخذته بعض الفعاليات الافتراضية، والذي أخرجني عن الرتابة وأطلعني على مواضيع متجددة، فشاركت في جلسات متعلقة بإدارة الأعمال، والذي أجده ملهماً لي ككاتب».

تغذية فكرية

وأشارت الكاتبة الشابة مارية بن كرم إلى أن الندوات الافتراضية لم تكن مرضية لها من حيث المحتوى والضيوف المتحدثين، لافتة إلى أنها تميل للحضور الفعلي.

بينما ذكرت الحكواتية والممثلة المسرحية هاجر يوسف، التي ساهمت بتقديم ما يقارب 20 ورشة متنوعة للأطفال واليافعين والشباب بالتعاون مع مؤسسات ثقافية وجمعيات تطوعية، أن جائحة كورونا أعادت تنظيم الأولويات لديها، وساهمت الفعاليات عن بُعد في استمرار التغذية الفكرية والذهنية التي كانت تستقيها من الفعاليات الواقعية.



معارض افتراضية

أما على صعيد الفن التشكيلي في العالم الافتراضي، فأثنت الفنانة التشكيلية سلوى المرزوقي على مرونة النشاط الفني خلال الجائحة ومتابعة التسجيلات الخاصة بالمعارض الفنية الافتراضية، فضلاً عن الجلسات الحوارية مع كبار الفنانين، ما ساعد على الاستقاء من خبرتهم.

وأشارت إلى أن فعاليات الفنون قربت الفنانين من جميع الفئات المخضرمين والناشئين معاً، منوهة بأنها تابعت معرض طموح الشباب للفنان التشكيلي فارس الحمادي بخاصية لايف عبر تطبيق انستغرام.



فيما قال الكاتب والفنان التشكيلي الشاب عبدالعزيز السعيدي: «على الرغم من ثراء المشهد الثقافي والفني، إلا أنني لاحظت أن المحتوى الذي قدمته الندوات عن بُعد متشابه من حيث الأفكار والضيوف المتحدثين، وتكاد تخلو من التشويق والتجديد بأسلوب الطرح، كما أني أرى المحتوى قد اقتصر على تطوير الذات وتنمية المهارات».

احتفاء بالشباب

يذكر أن ندوة الثقافة والعلوم في دبي نظمت ضمن برنامجها الثقافي جلسة نقاشية افتراضية، حملت عنوان «دور الشباب في صناعة المحتوى الثقافي»، سلطت الضوء على دور الشباب العرب في صناعة المحتوى الثقافي على موقع يوتيوب من خلال قنوات عروض الكتب.

في حين عقد اتحاد كُتاب وأدباء الإمارات سلسلة من الندوات الثقافية التي ألقت الضوء أيضاً على دور الشباب وقدراته الإنتاجية في دعم وتجديد المشهد الأدبي بملامح جديدة تستشرف المستقبل، ضمن موضوعات متنوعة، منها: الأدب الكلاسيكي، والنقد والشعر والقصة القصيرة، وغيرها.

ولعل أهم الأنشطة الافتراضية التي قدمها الاتحاد قد تزامنت مع يوم الكاتب الإماراتي، حيث نظم الاتحاد مهرجاناً شعرياً خلال يونيو الماضي، تضمن 6 أمسيات شعرية شارك فيها عدد من الشعراء والمبدعين.

قمة افتراضية

وعلى الرغم من تأجيل فعاليات «القمة الثقافية أبوظبي» 2020 إلى العام المقبل، إلا أن دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، بالتعاون مع منظمات ثقافية عالمية، نظمت تجربة بث مباشر حصري للقمّة الثقافية أبوظبي عبر قناتها على يوتيوب، تضمنت حلقة حوارية بعنوان «الثقافة ودورها في توحيد العالم في أوقات الأزمات».

وقدمت «ثقافة أبوظبي» أيضاً سلسلة من الفعاليات الافتراضية، ضمن ما سمته فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب، فيما أطلق متحف اللوفر أبوظبي مبادرات رقمية جديدة تقدم للجمهور جولات إرشادية افتراضية ومقاطع فيديو وأخرى صوتية، أثارت اهتمام الشباب الذين لم يتمكنوا من الزيارة الواقعية آنذاك.