الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

هدى بركات: النساء أصبحن أكثر جرأة على النشر.. ولقمة العيش مُرة

هدى بركات:  النساء أصبحن أكثر جرأة على النشر.. ولقمة العيش مُرة

قالت الروائية اللبنانية هدى بركات إن الإمارات حكومة ومؤسسات تدعم كتّابها وأدباءها، كما تعد داعماً رئيسياً للأدب العربي من خلال إقامة معارض الكتب والمهرجانات الأدبية والفعاليات والأنشطة الثقافية الممتدة طوال العام، مؤكدة أنها لو كانت إماراتية ستكون أسعد كاتبة، لأن الدولة كانت، وما زالت، قبلة للتعدد والكاتب الحر.



وذكرت في حوارها مع «الرؤية» أن الأقلام النسائية أصبحت أكثر جرأة على النشر، كما أن نظرة الكاتبات إلى مسألة الكتابة أصبحت أكثر جدية، وتحمل تحولاً تجاه المجهود الثقافي وأسلوب الكتابة، ما جعل نتاجهن الإبداعي يصل إلى جوائز عالمية.



وأشارت بركات إلى أنها ليست ثرية كي تتفرغ للكتابة كما يجب، ولكنها مضطرة للعمل بهدف الحصول على لقمة العيش المرة، معتبرة أن المجد الذي تمنحه الجوائز الأدبية زائف ولا يمكن البناء عليه، مضيفة أن روايتها الأخيرة «بريد الليل» لا تندرج تحت أدب الرسائل.. وتالياً نص الجوار:





*هل العودة إلى الرسائل المكتوبة بخط اليد متعلق بأدب الرسائل في روايتك الجديدة «بريد الليل»؟

لا علاقة لها بذلك، فتلك الرسائل كُتبت ليس بهدف الوصول إلى المرسل إليه، إنما هي تعبير عن لحظة الوحشة التي يشعر بها الإنسان في ظروف ما ويتوقف للكتابة، ولكن دون قناعته بالوصول، كما أنها تعبر عن حالة الوحشة تجاه النفس، وشيء من الاعترافات التي لا نكتبها عادة على فيسبوك والبريد الإلكتروني على سبيل المثال، فهي ليست حنيناً وليست بهدف إعادة إحياء أساليب التواصل القديمة ولا فيها ذلك الحنين.



*وهل «بريد الليل» تعبر عن نمط جديد في كتابة الرسائل؟

أعتقد أنه من مسؤولية كل كاتب القيام بابتكار ما هو جديد دائماً، فمنذ روايتي الأولى قيل عنها إنها جديدة في كثير من المسائل، وأنا لا أريد الادعاء بأني أجدد ولكن إن عدنا للكتابات وآراء بعض كبار النقاد الذين كتبوا عن أعمالي أنه لا بد من جَدّة ما، وإلا لماذا نعيد الكتابة ونعيد نشر الكتب لو لم يكن لدينا ادعاء أو أمل بأن هناك شيئاً جديداً؟



*ما رأيك في الدور الذي تلعبه الأقلام النسائية مؤخراً؟

شيء عظيم بالتأكيد، ولكنه لا يشير إلى أقل أو أكثر قدرة من الرجل، إنما هو إشارة لأغراض أخرى تطورت، فمثلاً يدل على أن النساء أصبحن أكثر جرأة على النشر، ونظرة الكاتبات إلى مسألة الكتابة أصبحت أكثر جدية، وتحمل تحولاً تجاه المجهود الثقافي وأسلوب الكتابة، فلم تتوقف أعمال الكاتبات على دخولها مواضيع النساء قصراً لتحقيق النجاح كما كان متعارفاً عليه في الماضي، بل أصبح الجيل الجديد من الكاتبات المثقفات اللواتي يجتهدن كثيراً ويطالعن كثيراً، وهذا شيء مفرح خصوصاً في ظل وصول نتاجهن الإبداعي إلى جوائز عالمية.





*كيف ترين استحداث جوائز عربية مشابهة للعالمية، مثل البوكر؟

لا أستطيع تعميم حديثي هذا على كافة جوائز العالم العربي، ولكن بالتأكيد الجوائز تسند وتحفز الكاتب مادياً إلى حد ما، فتمنحه قسطاً من الراحة من العمل الوظيفي، وكذلك متسعاً من الوقت والحرية لمتابعة مرحلة الكتابة والتدفق الإبداعي بهدوء، لكن علينا ألا نجعل الجوائز هدفاً لأعمالنا الأدبية، لأنها اعتباطية دوماً، فهذه السنة يكون لهذه الجائزة لجنة ما تختارك، ومن الممكن في السنة التي تليها لجنة أخرى بأذواق مختلفة تختار شيئاً آخر، فلا يجب الاعتماد على المجد الذي تعطيه أي جائزة.



*ما تقييمك للمشهد الروائي الخليجي، خصوصاً الإماراتي؟

لا أستطيع التعميم على كل الكتابات، كوني لا أقرأ كل شيء في ظل إقامتي في فرنسا، فكي أعطي حكماً قيماً لا بد أن أكون مطلعة، ولكنني أشعر بأن الأدب الخليجي بدأ يستحق موقعه في ظل بروز أسماء وروايات تترجَم، والإمارات موجودة كدولة ومؤسسات وراء الكتّاب والأدباء، ونحسدهم على ذلك، فنحن في بلدان أخرى كلبنان - على سبيل المثال - ليس وراءنا أحد، فتشعرين أنكِ يتيمة في هذا البلد مع أنكِ تكتبين ربما عن لبنان وباللغة العربية.

حقيقة الإمارات تدعم كتّابها وأدباءها، وتدعم كذلك الأدب العربي من خلال دعوة الكتّاب والأدباء لمعارض الكتب ومهرجانات أدبية كمهرجان طيران الإمارات للآداب، للاحتفاء بنجاحاتهم العربية التي تُرجمت عالمياً، وهذا عظيم، فالإمارات تحمل حقاً مؤسسات تحمي الأديب والكاتب العربي.

فلو كنت إماراتية سأكون أسعد كاتبة، فمنذ لحظة وصولي إلى مطار دبي، قرأت عبارة على الباب «من هنا بابك إلى السعادة» والتي جعلتني أشعر حقاً بالسعادة، كما تبقى الإمارات قبلة للتعدد والكاتب الحر.



*ما جديدك خلال الفترة المقبلة؟

أحضّر لرواية جديدة، وما زالت في مرحلة تجميع المواد الأولية التي أحتاج إلى وقت لتشكيلها.





*هل حددت موعداً لنشرها؟

أنا لست ثرية كي أتفرغ للكتابة كما يجب، فلو أنني غير مضطرة للعمل بهدف الحصول على لقمة العيش المُرة كان يمكنني تحديد موعد النشر أو الانتهاء من الرواية الجديدة، ولكنني لا أستطيع ذلك؛ كوني أعمل في الجامعات الأمريكية، وتتم دعوتي لتعليم رواياتي التي أُطلع عليها الطلبة، أو تناول الأدب العربي الحديث استناداً على دعوة الجامعة.



*كيف ترين إقبال الغرب على الأدب والثقافة العربية؟

هو عمل مشرف حقيقةً، ولا يمكنني وصف المفاجآت الجميلة التي رأيتها من طلبتي الأجانب، عند لقائهم بأحد كتّاب اللغة العربية الذي يحترم هذه الثقافة، وأجدهم سعداء باكتشاف ملامح الكتابة باللغة العربية القادمة من الشرق، وعملي في التعليم يتجاوز شرف مهنة التعليم في حد ذاتها فأنا أجده أجمل باب ومدخل للأجانب إلى ثقافتنا على هذا الشرق العربي البديع المليء بأشياء جميلة جداً.