أكَّدت ناشرات، مشاركات في فعاليات اليوم الثاني من الدورة العاشرة لمؤتمر الناشرين الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب، أنهن واجهن الكثير من التحديات والعقبات في مجال النشر، بسبب وجود معتقد خاطئ بأن مهنة النشر مقتصرة على الرجال فقط، ولا تقوى المرأة على العمل فيها.
وأشرن إلى أنهن تغلبن على التحديات التي واجهتهن وتجاوزنها بشغف المهنة والصبر والإدارة الحكيمة وبذل مزيد من الجهد للارتقاء بصناعة النشر، مضيفات أن هذه الصناعة اليوم تبحث عن التميّز والتألق في الأفكار ونوعية الأعمال المقدمة، بغض النظر عن جنس مقدمها.
صناعة الكتاب
جاء ذلك ضمن جلسة حوارية حملت عنوان «هل هو عالم المرأة؟ المرأة في عالم النشر» شاركت فيها نخبة من الرائدات في مجال النشر، بحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي نائبة رئيس الاتحاد الدولي للناشرين، حيث لم يتردد المشاركات للإجابة بنعم، مشفوعة بتعليلات مفصلة على التساؤل المبدئي الذي يبرزه عنوان الجلسة.
وتناولت الجلسة الدور الذي تلعبه المرأة في صناعة الكتاب وأثر جهودها على حراك النشر، مستضيفة كلاً من الرئيسة التنفيذية لشركة «باريسيا بابليشرز المحدودة» في نيجيريا أزافي أمولابي أوغوسي، مالكة ورئيس تنفيذي دار هلا للنشر والتوزيع في مصر هالة عمر، مديرة الحقوق الأجنبية في دار «جاليمارد بابليشينج» في فرنسا جوديث روزينزفايغ، الناشرة ونائبة الرئيس التنفيذي لدار «ألفريد أ. كنوبف» في أمريكا ريغان آرثر، وأدارتها إيما هاوس، مستشار إداري في مجموعة أوريهام من المملكة المتحدة.
صوت المرأة
واستهلت أزافي أوغوسي حديثها خلال الجلسة بالإشارة إلى أن تأسيسها لدار النشر جاء من أجل إيجاد صوت للمرأة في قطاع صناعة الكتاب، مؤكدة أن المرأة اليوم تحتل مكانة متقدمة في قطاع النشر ولها إنجازات ملموسة على أرض الواقع.
وقالت أوغوسي: «أنا أؤمن بأن الشغف بالكتاب ليس كافياً، بل الأهم هو إيجاد الصناعة التي تعزز هذا المنتج المعرفي وحضوره، لهذا حرصنا من خلال تأسيس الدار على طرح أفكار جديدة ومتطورة، وقمنا بتوزيع نحو 2000 كتاب محلياً وإقليمياً، ولا أنكر حجم التحديات التي واجهتنا خاصة في بلادي، ولكننا سرعان ما تجاوزناها، واستفدنا منها، ونسعى على الدوام لأن نطوّر من أعمالنا وأن نثبت وجودنا بشكل أكبر في سوق صناعة الكتاب».
معتقد خاطئ
أما الناشرة هالة عمر فقالت لـ«الرؤية»، إنَّ فكرة اقتصار مهنة النشر على الرجال فقط كانت بسبب وجود معتقدٍ خاطئ بأنَّ الناشر هو من يتابع كل المهام، التي تبدأ بتحرير العناوين، ثم متابعة الطباعة، حتى مرحلة خروج الكتاب للقارئ لذا فهناك جهد كبير يبذل، لذلك كانت تعد مهنة الرجال فقط.
وأضافت: «انطلقت في مجال النشر قبل عقدين من الزمن، من مكان صغير، كنت أبيع فيه كتباً وهدايا على امتداد 10 أعوام، ثم انتقلت لتأسيس الدار، ولا يمكنني إنكار الصعوبات والتحديات التي تواجه المرأة في القطاع، لكنني تجاوزتها وتعلمت الكثير من الأخطاء واستفدت منها، كنت أقضي وقتاً طويلاً في طرح الأسئلة، لأنني أؤمن بأن هذه المهنة تحتاج إلى الشغف والكثير من الجهود للارتقاء والتطوير».
حضور قيادي
من جهتها، أوضحت جوديث روزينزفايغ: «بدأت مشوار النشر قبل 25 عاماً، من شركة صغيرة للنشر والإنتاج الأدبي، وخضت التجارب وتعلمت منها، وبحثت عن أساليب وطرق جديدة، كما حرصت على تطوير خبراتي ومهاراتي، ولا أنكر المساندة التي قدمها لي العديد من الزملاء، واليوم إذا نظرنا إلى قطاع النشر نلمس الحضور الكبير الذي تشكله المرأة فيه لأننا وخلال العقد الماضي كان من الصعب أن نجد للسيدات حضوراً في المناصب القيادية».
وأشارت إلى أن الوضع في فرنسا مناسب جداً لعمل المرأة في قطاع النشر، خاصة في ظلّ الظروف المواتية على الصعيدين الثقافي والفكري، لافتة إلى أن السيدات العاملات في هذا المجال يطمحن لتقديم الأعمال التي تناسب وعي ومخيلة القراء، ما يبشر بمستقبل جيد لهذه الصناعة.
مسيرة الثقافة
إلى ذلك، قالت ريغان آرثر: «اليوم أنا أدير شركة كبيرة في مجال نشر الأعمال الأدبية والفكرية، ونحن كنساء علينا أن نفكر بما سنقدمه لهذه الصناعة التي تعتبر الحجر الأساس في مسيرة الثقافة الإنسانية، باعتبارها عملية متصلة بين الكاتب والمثقف والقارئ على حدّ سواء».
وتابعت: «قطاع النشر يقدم فرصاً كبيرة للراغبات بتحقيق طموحاتهن على أرض الواقع، وهذه الصناعة اليوم تبحث عن التميّز والتألق في الأفكار ونوعية الأعمال المقدمة، وبالطبع ما فرضه انتشار فيروس كورونا المستجد على العالم أدى لاستحداث العديد من الأفكار والرؤى لمواصلة الفعل الثقافي واستمرار صناعة الكتاب، ما أوجد الكثير من التحديات، لكنني مؤمنة بأننا سنتجاوزها بالصبر والإدارة الجيدة».
ذاكرة المبدع
إلى ذلك، استضاف المؤتمر الكاتبة والروائية الإماراتية صالحة عبيد في جلسة أدارتها ليلى الوافي، تطرقت خلالها الكاتبة للحديث عن مسيرتها في مجال الكتابة وانشغالاتها على صعيد الإبداع الروائي والقصصي، كما تناولت الحديث عن بداياتها وعلاقتها مع معرض الشارقة الدولي للكتاب، والأثر الذي تحدثه الذاكرة على مسيرة المبدع وأعماله.